إذا اختفت هناك، برزت هنا.. هكذا يمكن تلخيص حال أزمة المياه في السعودية التي بدت تمارس نوعاً من لعبة التنقل بين المدن، فبمجرد اختفاء الأزمة في منطقة عسير، تحولت إلى منطقة مكةالمكرمة، ومن أقصى الغرب باتت في العاصمة الرياض، التي يعاني سكانها، ولاسيما من يقطنون الأحياء الشرقية، من أزمة متجددة سنوياً في الماء الذي جُعل منه كل شيء حي. ويشكو أهالي أحياء اليرموك والنهضة والخليج والندوة والنظيم، وأجزاء من حي النسيم الشرقي، وحي الروضة، من انقطاعها في شكل مفاجئ، ويتحدث بعض الأهالي ل«الحياة» عن سوء توزيع صهاريج المياه على تلك الأحياء، وسط انقطاع المياه المتكرر. من جهتها، طمأنت الشركة الأهالي من أن العمل جار لحل مشكلة انقطاع المياه المتكرر، مع وضع العوامل الطبيعية للأرض التي يجري تمديد خطوط أنابيب المياه داخلها، في الاعتبار. ويقول المواطن أحد سكان حي الندوة شرق الرياض مصلح الروقي ل«الحياة»، إن انقطاع المياه أزعج أهالي الحي، وخصوصاً مع ارتفاع درجات الحرارة خلال الصيف، من دون وجود حلول للانقطاع المفاجئ والمتكرر منذ أعوام، أو معالجة لتلك المشكلة، ما يضطر الموظفين والعاملين من أهالي الأحياء المتضررة إلى مغادرة أماكن عملهم، لأجل التزاحم حول صهاريج المياه التي تقدمها شركة المياه الوطنية، والتي غالباً لا تصل إليها إلا بعد نفادها. وأضاف الروقي: «على رغم كل المشكلات التي تواجهنا، وترك أعمالنا للبحث عن المياه لذوينا، يصدمنا سوء توزيع صهاريج المياه، إذ تصرف مصلحة المياه الوطنية صهريج مياه صغيراً جداً لكل ثلاثة أيام للمباني السكنية، والتي يتجاوز عدد ساكنيها سبع عائلات، فكيف تسد حاجتهم من المياه؟ فنضطر إلى شراء مزيد من صهاريج المياه لتغطية حاجاتهم». من جهته، ذكر إمام جامع فهد البريك في حي الندوة غازي الشمري ل«الحياة»، أن المساجد والجوامع في حي الندوة تعاني أزمة ونقصاً حاداً في المياه، ويتم التواصل مع مصلحة المياه، التي تقوم بتزويد المساجد بصهاريج مياه لا تفي بحاجاتهم، وفي أحيان كثيرة تغلق دورات المياه أمام المصلين لعدم توافر المياه داخلها». وأشار الشمري إلى أن جماعة المسجد تتكفل بفواتير المياه في بعض الأشهر لتغطية حاجة الجامع، والتي تزيد كلفتها على 1500 ريال (حصلت «الحياة» على نسخة منها)، لجلب صهاريج مياه كافية للجامع وللمصلين. ويروي إمام الجامع أن بعض جماعة المسجد اتفقوا على أن كل منزل امتلأت خزاناته بالمياه، يقوم بالتواصل مع شركة المياه الوطنية لجلب نصيبه من المياه، وضخها في الجامع باسمه، كي يتم توفير المياه للمواطنين»، مؤكداً أنه لا حل مع نقص المياه سوى هذه الطريقة، وهي حجز صهاريج المياه بأسماء جماعة المسجد، لتصل إلى منازلهم فيوجهونها لتضخ في المسجد». بدورها طمأنت شركة المياه الوطنية الأهالي، بأن تلك الانقطاعات في طور الحل والمتابعة من الشركة، وقال ل«الحياة» المتحدث باسم شركة المياه الوطنية في منطقة الرياض خالد المصيبيح، إن انقطاع المياه لا يعد ظاهرة، ولكن الانكسارات الأخيرة في خطوط الأنابيب سببت إرباكاً لبعض خطوط التمديد، ويتم حل إشكالاتها بخطط معينة وفق الإمكانات المتاحة ووفق قدرات الشركة، مع أخذ طبيعة الأرض، التي يجري تمديد خطوط الأنابيب من خلالها، في الاعتبار، مؤكداً أن الشركة تطمئن جميع عملائها بعدم تكرار مثل هذه المشكلات في المستقبل، وفي حال تكرارها ستتم معالجتها في أسرع وقت.