كان محمد رحمانبور في طفولته يهوى السباحة في فصل الصيف في بحيرة أرومية فيشمال إيران، عندما كانت أكبر بحيرة مالحة في الشرق الأوسط لكنها كادت تختفي في أقل من عشرين عاماً تاركة تجويفاً في الأرض. وقال رحمانبور وهو مزارع يبلغ من العمر 32 عاماً ويزرع القمح والبنجر (الشمندر) "كان بوسعي أنا وأصدقائي في المنطقة أن نرى البحيرة بوضوح من فوق الأشجار". وقال ل"رويترز" عبر الهاتف من منزله الذي كان يبعد كيلومتراً واحداً عن شاطئ البحيرة "المياه جفت النظام البيئي بأكمله يعاني الفوضى". ونقص المياه مشكلة طويلة الأمد لدول الشرق الأوسط، حيث أدى إرتفاع معدلات المواليد وزيادة الإستهلاك وسوء الإدارة إلى تقلص الموراد الشحيحة بالفعل. لكن وضع إيران يبدو الأسوأ. وقال المنسق المقيم للأمم المتحدة لشؤون إيران، غاري لويس "ندرة المياه أكبر تحد على صعيد المتطلبات الإنسانية في إيران اليوم". وفي الأشهر القليلة الماضية، هددت 12 مدينة إيرانية كبيرة من بينها طهران وشيراز بتقنين توزيع المياه إذا لم يخفض السكان الكميات المستخدمة. ودعت وزارة الطاقة السكان لتقليص استهلاكهم 20 إلى 30 في المئة، لكن ذلك لم يلق أذاناً صاغية. ونقلت "وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية" عن مسؤولين قولهم إن استهلاك المياه زاد عشرة في المئة في مدن من بينها طهران بين أيار (مايو) وبداية الصيف في حزيران (يونيو). ولا تكمن الأزمة في استخدامات المنازل إذ تستهلك الزراعة نحو 90 في المئة من إجمالي إستهلاك المياه التي يهدر معظمها. وقال مسؤولون في الأممالمتحدة، إن الأرقام الحكومية تظهر أن ثلث مياه الزراعة فقط يستخدم بكفاءة. ويتفشى سوء الإدارة في إيران ودول أخرى في المنطقة من بينها العراقوأفغانستان حيث تصعب مواجهة المشكلات البيئية بسبب الحروب. وانحسرت الأنهار الكبيرة في مدينتي أصفهان وشيراز وعلى حدود إيران مع أفغانستان. وأدى استنزاف مياه نهري دجلة والفرات في العراق إلى مشكلات بيئية أخرى من بينها الأتربة والعواصف الرملية. وعرضت الأممالمتحدة تقديم المساعدة. ففي عام 2012 أطلقت المنظمة الدولية برنامجاً رائداً لمساعدة المزارعين بالقرب من بحيرة أرومية. وتعلم المزارعون صناعة السماد والتحول إلى إستخدام الأسمدة العضوية وحضور فصول دراسية أسبوعية عن إدارة المياه وهو ما أدى إلى خفض استهلاكها بنسبة 35 في المئة. وأتاحت الوسائل الجديدة للمزارعين أيضاً خفض التكاليف وتنويع المحاصيل بدلاً من الإعتماد على القمح والبنجر فقط حيث أضافوا الذرة والقرع والبصل والطماطم. وتوسعت الأممالمتحدة منذ ذلك الحين في برنامجها ليمتد إلى 41 قرية أخرى ويستفيد منه نحو 13 ألف مزارع. وفي أيار (مايو) قدمت الحكومة اليابانية منحة قدرها مليون دولار لإنقاذ بحيرة أرومية.