مسقط- ا ف ب - ينهمك احمد النيري في اختيار حبات الرطب المبكر بكل عناية ودقة وسط واد فسيح في سلطنة عمان ترتفع على جانبيه جبال صماء، وقيظ بلغ 42 درجة مئوية، ليبيعها في دولة الامارات وقطر باسعار تضاهي ثمن الكافيار. ويقف الرجل في المكان الواقع في ولاية دما والطائيين بالمنطقة الشرقية الى جانب سيارة نقل صغيرة يرتب حبات الرطب من صنف نغال باللون العسلي والحلاوة المتوسطة، مختارا الافضل لبيعها في الامارات حيث "يستبشر الشيوخ بمطلع الموسم". وبدأ جني الرطب في السلطنة الاسبوع الماضي في مستهل موسم القيظ في ولاية دما والطائيين (150 كيلومترا شرق مسقط) وهي اول منطقة تظهر فيها تباشير الرطب في العالم العربي، نظرا لدرجة الحرارة المثلى والبيئة الاكثر التصاقا بالجبال حيث تسهم الحرارة في سرعة تحول البسر، اولى مراحل ثمرة النخيل الى رطب. وتتميز عمان باطول موسم لجني الرطب في العالم، وفقا لوزارة الزراعة والثروة السمكية بحيث تبدأ تباشيره مطلع شهر ايار/مايو وتستمر حتى تشرين الثاني/نوفمبر. ويشتري النيري (22 عاما) الرطب من المزارعين في بداية موسم جنيه ليقدمه عن طريق بعض الوسطاء العاملين في القصور الى الشيوخ وكبار الوجهاء في الامارات. ويقول في هذا الصدد "يستبشر الشيوخ ببدء موسم الرطب ويقدمون هبات مجزية لمن يبشرهم به في بداية موسمه، ثم نذهب به ايضا الى الشيوخ في دولة قطر حيث يمثل بداية موسم الرطب فائدة كبيرة للمزارعين". ويضيف "في اول ظهور مبكر للرطب من نخلة النغال، يتم البيع بالحبة حيث بلغ اعلى سعر لها خلال الموسم الحالي خمسة ريالات عمانية (13 دولارا) بينما كان سعرها سبع ريالات العام الماضي وعشرة العام 2010". ويعلل انخفاض السعر العام الحالي بهطول الامطار في نيسان/ابريل الماضي الامر الذي يترك اثره في جودة الثمر. ويوضح ان "سعر كيلوغرام رطب النغال بلغ في بداية هذا الموسم 400 ريال عماني (1040 دولارا) لكنه سينخفض الى عشرة ريالات في نهاية الاسبوع الحالي مع كثرة الانتاج وارتفاع درجة الحرارة التي تساهم في انضاجه". ويشير الى ان نخلة واحدة من صنف النغال بيع ثمرها قبل قطافه ونضوجه وهي تحمل بين ستة الى ثمانية عذوق، بسعر اكثر من خمسة الاف دولار. ويبلغ متوسط انتاج نخلة النغال حوالى 32,5 كيلوغراما. ويقول "نبدأ تلقيح نخلة النغال نهاية تشرين الثاني/نوفمبر وبداية كانون الاول/ديسمبر، ونجني الرطب بعد خمسة اشهر لكن تباشير الرطب لا تبدأ في كل قرى وادي دما والطائيين انما في بعضها، اي الاكثر حرارة والاقرب الى الجبال العالية في الاودية، وبعد اسابيع يتم جنيها في باقي ولايات السلطنة". ويبدأ موسم جني الرطب بالاصناف الاقل جودة في النصف الثاني من نيسان/ابريل وتسمى "قش"، ويعتبر صنف النغال من افضل انواع الرطب المبكرة. ومن الاصناف المبكرة ايضا التي يتم جنيها حتى نهاية حزيران/يونيو المزناج والجدمي والخمري ثم تأتي اصناف وسط الموسم في تموز/يوليو وآب/اغسطس مثل البرني وام السلا والخنيزي والخلاص والمبسلي. اما الاصناف المتأخرة مثل خصاب وزبد والهلالي، فتبدأ في ايلول/سبتمبر وتستمر الى تشرين الثاني/نوفمبر، وتتميز السلطنة بوجود اكثر من 250 صنفا من انواع التمور. يقول عبد العزيز الحارثي مدير مركز بحوث الانتاج النباتي "لا توجد دراسات علمية مثبتة لشرح اسباب طول موسم جني الرطب في السلطنة لكن التنوع البيئي والجغرافي ودرجات الحرارة المرتفعة وتفاوت مواعيد نضج الصنف الواحد بين الولايات ربما يكون وراء هذه الميزة". ويضيف "في السلطنة اصناف من نخيل التمر مبكرة في الاثمار لا توجد في دول مثل الامارات والسعودية، واصناف متأخرة يتفاوت نضجها من منطقة الى اخرى قد تمتد الى شهر ما يمنح موسم جني الرطب فترة اطول". ويشير تقرير احصائي لوزارة الزراعة والثروة السمكية الى ان اجمالي عدد النخيل الاناث المساهمة في الانتاج يبلغ نحو 6,5 ملايين شجرة من اجمالي عدد النخيل في السلطنة البالغ اكثر من ثمانية ملايين نخلة. وتقدر كميات الانتاج المحلي من التمور خلال العام 2011 بما لايقل عن 263 الف طن مقارنة ب 276 الفا عام 2010، وتؤمن منطقة الباطنة الواقعة على بحر عمان 45 % من اجمالي الانتاج. ويبلغ متوسط انتاج النخلة 40 كيلوغراما. وحلت ولاية صحار (200 كلم شمال مسقط) في المرتبة الاكثر انتاجا للتمور خلال العام الماضي مع حوالى 23 الف طن. وصنف نغال هو الاكثر انتاجا (28 الف طن) يليه ام السلا (اكثر من 26 الف طن) ثم خصاب (26 الف طن) يليه خلاص (20 الف طن). ويؤكد التقرير ان العمانيين يستهلكون 148 الف طن من التمور سنويا بمعدل 60 كيلوغراما للفرد.