رفضت غالبية الإسرائيليين ادعاءات رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو ونائبه الجديد زعيم «كديما» شاؤول موفاز، بأن وراء التحالف المفاجئ بينهما في «حكومة وحدة وطنية» التحلي بمسؤولية ووضع مصلحة الدولة فوق المصلحة الشخصية، كما شددا في المؤتمر الصحافي المشترك أول من أمس، فيما قال وزير الخارجية الإسرائيلية أفيغدور ليبرمان إنه يتحتم على الائتلاف الحكومي الموسع العمل من أجل تشريع قانون جديد يلتف على قرار المحكمة العليا قبل يومين تفكيك خمسة بيوت في «حي هأولباناه» في مستوطنة «بيت إيل» شمال رام الله. وصادق الكنسيت مساء أمس على حكومة الوحدة الوطنية الجديدة، وصوت 71 نائباً لمصلحة الاتفاق مقابل 23 ضده. وطبقاً لاستطلاع أجري لحساب صحيفة «هآرتس»، فإن 63 في المئة من المستطلَعين قالوا إن هذا التحالف الجديد بين نتانياهو وموفاز نابع من «مصالح حزبية وشخصية»، في مقابل 23 في المئة فقط رأوا أن الرجلين تحالفا «من أجل مصلحة الدولة»، ولم يبدِ 13 في المئة رأيهم. وبينما أعلن موفاز أن انضمامه جاء ليغيّر «قانون طال» الذي يعفي المتدينين اليهود المتزمتين (الحرديم) من الخدمة العسكرية الإلزامية ولتشريع قانون لتغيير طريقة الانتخابات الحالية، استبعد 51 في المئة أن تسن «حكومة الوحدة» قانوناً جديداً يلزم (الحرديم) الخدمة العسكرية في مقابل 34 في المئة توقعوا ذلك. كما استبعد 54 في المئة أن يتم إنجاز قانون لتغيير طريقة الانتخابات، بينما توقع ذلك 26 في المئة فقط. وطبقاً للاستطلاع ذاته، فإنه لو جرت انتخابات اليوم، بعد انضمام موفاز للحكومة، لما تغيرت النتائج كثيراً عن الاستطلاعات قبل أسبوع التي توقعت فوز «ليكود» بأكثر من 30 مقعداً و «كديما» ب 11 فقط في مقابل 18 لحزب «العمل». وبدا أن الخاسر الأكبر من تشكيل «حكومة الوحدة» هو الحزب الجديد «يش عتيد» برئاسة الصحافي يئير لبيد الذي يحوز ستة مقاعد فقط. إلى ذلك تَواصَل الجدل في الساحتين الحزبية والإعلامية حول دوافع نتانياهو. وبينما اتفق المعلقون على أن نتانياهو خرج الفائز الأكبر من خطوته التي هزت إسرائيل، تعرض موفاز لوابل من الانتقادات التي لم تخلُ من التهكم حيال التحولات المتتالية في مواقفه. وشهدت جلسة الكنيست التي صوتت أمس على انضمام «كديما» للحكومة وتعيين موفاز نائباً أول لرئيس الحكومة، خطابات نارية خصوصاً من نواب أحزاب المعارضة وجهوا أسهمهم إلى صدر موفاز. وقال أكبر النواب سناً وزير الدفاع السابق بنيامين بن اليعيزر («العمل») إنه لم يشاهد في حياته البرلمانية التي بدأت قبل ثلاثة عقود مثل ما حصل أول من أمس. ووجه كلامه لموفاز قائلاً: «هل لديك الجرأة التي تحليت بها عندما كنت قائداً للجيش ثم وزيراً للدفاع، لتنظر في عيون الإسرائيليين وتحدثهم عن السياسة؟ هل تذكر المرات الكثيرة في الفترة الأخيرة التي قلت لي إن نتانياهو كذاب ودجال». وأضاف: «صدّقتُك القول غداة انتخابك زعيماً لحزبك، إنك ستشرع في تحسين وضع حزبك بعد انتخابك زعيماً له، لكنك فضّلت أن تبيع نفسك للشيطان، والشيطان هو الوحيد الذي خرج رابحاً. وبسببك فقد الجمهور الإسرائيلي تماماً ثقته بالسياسيين، وأضحت المنظومة الحزبية اليوم زبالة بسببك». إلى ذلك رجح بعض المعلقين أن يسعى نتانياهو، عشية الانتخابات المقبلة المقررة أواخر العام المقبل، إلى دمج «كديما» في حزبه «ليكود»، من خلال ضمان مواقع متقدمة لأقطاب «كديما» خصوصاً المحسوبين معتدلين على لائحة الحزب «ليكود» وذلك من أجل الحفاظ على «ليكود يميني معتدل» حيال محاولات المعسكر المتشدد داخله جره إلى اليمين المتطرف. ولا يُتوقع أن يعارض أقطاب «كديما»، ومعظمهم جاؤوا في «ليكود» سابقاً، العودة إلى حضن الأخير إذا ما تكررت نتائج الاستطلاعات التي تتنبأ بانحسار قوة الحزب البرلمانية وربما اندثاره. الى ذلك، قال ليبرمان إنه يتحتم على الائتلاف الحكومي الموسع العمل من أجل تشريع قانون جديد يلتف على قرار المحكمة العليا قبل يومين تفكيك خمسة بيوت في «حي هأولباناه» في مستوطنة «بيت إيل» شمال رام الله أقيمت على أراضٍ فلسطينية خاصة ويراد من القانون الجديد إضفاء الشرعية بأثر رجعي على عشرات البؤر الاستيطانية غير القانونية. ويرحّب بالفكرة وزراء ونواب من حزب «ليكود» الحاكم وسائر الأحزاب اليمينية والدينية المتشددة، لكن لم يُعرف بعد موقف حزب «كديما» المنضم حديثاً إلى الحكومة من تشريع قانون كهذا. وكانت المحكمة رفضت قبل يومين طلب الحكومة إعادة النظر في قرار حكم أصدرته قبل عام يقضي بتفكيك البيوت الخمسة في حي «هأولباناه». وأمرت المحكمة بأن يتم إخلاء المستوطنين وهدم المنازل الخمسة حتى موعد أقصاه مطلع تموز (أيلول) المقبل. وندد نواب من الائتلاف الحكومي بقرار المحكمة واعتبروه تدخلاً في عمل السلطة التنفيذية وهددوا بالتقدم بمشروع قانون يلتف على هذا القرار. ورأى بعض المراقبين أن قرار المحكمة ربما كان دافعاً رئيسياً وراء التحول في موقف نتانياهو من إجراء انتخابات مبكرة إلى ضم حزب «كديما» لائتلافه. وأشاروا إلى أن نتانياهو أدرك أن هدم المنازل الخمسة قبل شهرين من إجراء انتخابات مبكرة كان من شأنه أن يتسبب في خسارة «ليكود» عدداً من المقاعد، فضلاً عن تمرد أعضاء في الحزب ضده. ورأى ليبرمان في اجتماع كتلة حزبه «إسرائيل بيتنا» أمس، أن الائتلاف الحكومي الجديد يقف أمام امتحانين رئيسيين: أولهما تمرير قانون جديد يحل محل «قانون طال» (الذي يعفي المتدينين اليهود المتزمتين من الخدمة العسكرية)، والثاني مسألة إخلاء البيوت في حي «هأولباناه». ودعا إلى تشريع قانون جدي يلزم جميع الإسرائيليين بالخدمة العسكرية الإلزامية، محذراً من أن يعمل «ليكود» و «كديما» على صوغ قانون لا يثير غضب الأحزاب الدينية. إلى ذلك، اعتبر ليبرمان مستوطني حي «هأولباناه» مواطنين «يحترمون القانون ويقومون بكل الواجبات الملقاة عليهم ويخدمون في الجيش ويدفعون الضرائب». ورفض اعتبار الحي غير قانوني وقال إن «الخطأ (الاستيلاء على أراض فلسطينية خاصة) هو خطأ الحكومة التي أتاحت للمستوطنين بناء بيوتهم، «وعليها تحمُّل تبعات هذا الخطأ، فهي التي أُرسلت المستوطنين إلى هناك، ولا مفر من تسوية الأمر من خلال تشريع قانون جديد يجيز بقاءهم في منازلهم»، أي يلتف على قرار المحكمة إخلاء المستوطنين.