واشنطن - أ ف ب - في ليلة عاصفة في السادس من أيار (مايو) 1937، انتهى عصر الرحلات الجوية التجارية عندما شب حريق في منطاد هيندنبورغ العامل بالهيدروجين، ما أدى إلى مقتل 36 راكباً وشعور العالم بالصدمة عند رؤية صور المنطاد وهو يحترق. وفي غضون ثلاثين ثانية تقريباً، تحولت المركبة الجوية الأكبر حجماً على الإطلاق إلى كرة نارية متدحرجة، اصطدمت بقاعدة ليكهورست الجوية البحرية في نيو جيرسي. وعلى رغم أن انفجار هيندنبورغ لم يكن الحادث الجوي الأكثر فتكاً في التاريخ وحصيلته من الوفيات تعتبر متوسطة نسبياً مقارنة بحوادث جوية عدة اليوم، فإن تحطم المنطاد الألماني ما زال يعتبر بعد 75 سنة من أضخم كوارث القرن العشرين. ويقول كارل غابلونسكي رئيس منظمة «نيفي ليكهورست هيستوريكال سوساييتي» المعنية بالحفاظ على تاريخ قاعدة ليكهورست: «كانت تلك الكارثة من أولى الكوارث التي تم توثيقها أثناء وقوعها». وأضاف: «كلنا سمعنا بتايتانيك، لكن كل ما نعرفه عنها هو عدد الناجين. أما بالنسبة إلى هيندنبورغ، فلدينا شريط فيديو وتسجيل للبث الإذاعي وصور». في ذلك الوقت، أدى شريط الفيديو المصور إلى انتشار صور المنطاد المروعة في أنحاء الولاياتالمتحدة وخارجها. وفي مسرح الحادثة كان المراسل الإذاعي هيربرت موريسون (31 سنة) من شيكاغو ينقل الوقائع، وقد تسبب سرده المميز للأحداث بقشعريرة لدى السكان المحليين، وقال حينها: «لقد شب فيه حريق وهو يقع، سينفجر!». وعلى رغم أن أكثر الركاب وأفراد الطاقم نجوا، تحدث موريسون عن «إحدى أسوأ الكوارث في العالم». وقد اعتبرت عشرينات القرن الماضي وثلاثيناته عصراً ذهبياً للمركبات الجوية، وأغرم الألمان خصوصاً بتكنولوجيا المناطيد التي ابتكرها فرديناند فون زيبلين الرائد في قطاع الطيران. وأصبحت مناطيد «زيبلين» عنوان الترف والسفر واستقطبت الأثرياء وأصحاب السلطة في أوروبا وأميركا الشمالية والجنوبية. ومع تصاعد قوة النازيين في ألمانيا، زودت تلك المناطيد العملاقة صور الصلبان المعقوفة على ذيولها، ما حولها إلى أدوات ترويجية. وكان منطاد هيندنبورغ الذي بلغ طوله 800 قدم والذي استهل نشاطه عام 1936، نجم أسطول مناطيد «زيبلين» في عهد الرايخ الثالث. وكان يقدم إلى ركابه رحلة جوية تتخلها مناظر أخاذة للأرض والمحيطات، ويضم غرفة طعام مترفة وبيانو خفيف الوزن وحتى حجرة للتدخين. وكانت الرحلة عبر المحيط الأطلسي تستغرق يومين ونصف اليوم، أي أقل من المدة التي كانت البواخر تستغرقها في ذلك الوقت.