قال الرئيس السابق للحكومة اللبنانية سعد الحريري: «ربما ليست مصادفة أن يكون اليوم (أمس) أيضاً ذكرى الليلة السوداء التي تقرر فيها اعتداء السلاح على بيروت، وليست مصادفة أن يشكل السابع من أيار محطة رديفة لعيد الشهداء وقد شهد فيها لبنان مجزرة أخلاقية بحق أهل بيروت، 7 أيار لم يكن يوماً مجيداً بل هو يوم مشين»، رافضاً «الفتنة بين السنة والشيعة» وداعياً الى حوار صادق». وتوجه الى اللبنانيين بقوله: «ستقولون بأصواتكم في صناديق الاقتراع: الشعب يريد إسقاط النظام». أحيا تيار «المستقبل» ذكرى شهداء لبنان والذكرى الرابعة لأحداث السابع من ايار(مايو) 2008 في مهرجان حاشد اقيم في ساحة الشهداء في وسط بيروت حضره عدد كبير من النواب وشخصيات قوى 14 آذار يتقدمهم رئيس كتلة «المستقبل» فؤاد السنيورة والأمين العام لتيار «المستقبل» احمد الحريري اللذان وضعا إكليلاً من الزهر على نصب «الشهداء» . وسبق ذلك قراءة الفاتحة على ضريح الرئيس رفيق الحريري ورفاقه. ووضعت شاشات عملاقة لنقل وقائع الاحتفال للمشاهدين الذين غص بهم المكان. واتخذ الجيش وقوى الأمن إجراءات مشددة في محيط الساحة حيث ارتفعت الأناشيد الوطنية والحزبية. وبدأ الاحتفال بالنشيد الوطني وتلا ذلك الوقوف دقيقة صمت عن ارواح الشهداء ثم عرض فيلم وثائقي اختصر مسيرة الشهداء من 6 أيار 1916 الى شهداء ثورة الأرز فشهداء أحداث 7 أيار. وألقى الرئيس الحريري كلمة متلفزة وسط هتافات الترحيب من المشاركين قال فيها: «قبل سنوات، وقف الرئيس الشهيد رفيق الحريري في هذه الساحة، ليعلن أمام حشد كبير من اللبنانيين إحياء ذكرى عيد الشهداء. لم يقع في خاطر الرئيس الشهيد أنه سيصبح علماً من أعلام شهداء لبنان، وأن ضريحه سيقام في هذه الساحة، وأن اللبنانيين الذين اجتمعوا حول شهادته، سيجعلون من هذا المكان رمزاً للحرية والاستقلال. اليوم نلتقي، وروح رفيق الحريري بيننا، روح العدالة والاستقامة والتحرر والصبر. نلتقي على اسمه وعلى أسماء كل شهداء لبنان من دون استثناء». وأضاف: «في 6 أيار عيد الشهادة، هو أيضاً عيد الحرية، لأنه أيضاً عيد شهداء صحافة لبنان والأحرار الذين سطروا بدمائهم أمجاد لبنان الوطنية. وعلى مقربة منكم، هناك صرح من صروح الحرية، شارك في معركة الاستقلال وشكل بصوت الشهيد جبران تويني والشهيد سمير قصير، منبراً مميزاً من منابر ثورة الأرز والانتفاضة في وجه النظام الأمني». وزاد:» وربما ليست مصادفة، أن يكون اليوم أيضاً ذكرى الليلة السوداء التي تَقرر فيها اعتداء السلاح على بيروت، عاصمتنا الحبيبة، وأهلها الشرفاء، في 7 أيار 2008. ليست مصادفة أن يشكل السابع من أيار محطة رديفة لعيد الشهداء، وقد شهد فيه لبنان مجزرة أخلاقية بحق بيروت وأبنائها وكرامتها». وتابع: «نعم، 7 أيار لم يكن يوماً مجيداً، (في إشارة إلى اعتبار الأمين العام ل «حزب الله» السيد حسن نصرالله يوم 7 أيار يومًا مجيدًا) بل هو يوم مشين، تسبب في إفساد وتسميم الحياة المشتركة بين الأهل والإخوة، واتخذ من السلاح وسيلةً لِبت الخلافات السياسية. وهذا اللقاء مناسبة للإعلان مجدداً عن رفض هذا اليوم، رفض سياسات التسلط والهيمنة، ورفض الاستقواء بالسلاح ورفض التلاعب بالعيش المشترك ورفض إرهاب بيروت وأهل بيروت». وأضاف: «قد لا تكون مصادفة، لأن خيطاً رفيعاً يربط بين الحدثين. في الأول قدم كبار من لبنان، أرواحهم فداءً لاستقلاله، من ساحة البرج في أيار 1916 إلى ساحة السان جورج في شباط 2005، وفي أيار 2008، قدم أهل بيروت أرواحهم وجراحهم وكراماتهم المنتهكة، فداءً لمنع الفتنة واختاروا المقاومة السلمية الديموقراطية المدنية، لمنع عودة شبح الحرب الأهلية حمايةً للبنان ولاستقلال لبنان». وتابع: «قلناها معاً في انتخابات 2009، بعد عامٍ تماماً من أيار الأسود، وسنقولها معاً مرةً جديدة في صناديق الاقتراع بعد عامٍ من اليوم: خيارنا رفض العنف، ورفض السلاح، خيارنا الدولة الواحدة الجامعة المسؤولة عن الجميع، وقرارنا العيش الواحد في لبنان بين كل المذاهب والطوائف، تحت سقف الطائف والدستور». «صناديق الاقتراع لا صناديق الموت» وأضاف: «هذه مناسبة لنقول ونكرر: «تماماً كما أننا بعد اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، ورفاقه شهداء ثورة الأرز، كان خيارنا سلوك طريق العدالة لا الثأر، طريق الحقيقة لا الدم، فإن خيارنا بعد إقحام السلاح في لعبة الدم الداخلية، وتزوير قرار الناس، كان ولا يزال سلوك طريق الديموقراطية، لا الفتنة، وطريق صناديق الاقتراع، لا صناديق الموت. وتماماً كما قلنا سابقاً وكررنا أننا لا نحمّل طائفةً أو مجموعة أو فئة من إخواننا اللبنانيين مسؤولية دماء رفيق الحريري الذي نعتبره شهيد كل لبنان، فإننا لا نحمل لا طائفة ولا مجموعة ولا فئة بعينها مسؤولية 7 أيار 2008، الذي رأينا في فتنته، إن اكتملت لا سمح الله، خطراً على كل لبنان وكل اللبنانيين من كل الطوائف والفئات والمناطق». وأضاف الحريري أن «استذكارنا لشهدائنا اليوم، ولبيروت الشهيدة في 7 ايار 2008، هو مناسبة لنكرر رفضنا للفتنة بكل أشكالها، وللفتنة بين السُّنة والشيعة بشكلٍ خاص، ولندعو إلى حوارٍ صادق انطلاقاً من قناعة لا من مناورة، بأن السلاح خارج سلطة الدولة، ولو نجحنا في منعه من زج لبنان واللبنانيين في حربٍ أهلية، فهو يبقى سلاحاً لا وظيفة له سوى إضعاف الدولة، وتزوير إرادة الناخبين الديموقراطية عبر ترهيب الناس، ما يؤدي إلى النتيجة التي نراها من انهيار في القيم والأمن والمعيشة، يعاني منه أهلنا في الجنوب والضاحية الجنوبية بقدر ما يعانون منه في بيروت والجبل والبقاع والشمال وكل لبنان». وقال: «عندما قرر اللبنانيون أن يطردوا النظام السوري من لبنان، لم يفعلوا ذلك ليأتي في ما بعد، من يتولى عن هذا النظام ترهيب اللبنانيين والاستقواء على حياتهم السياسية بسلطة السلاح والمسلحين. يريدون انتخابات نيابية على قياس السلطات الحزبية المسلحة، ويعملون على تسويق قوانين للانتخابات تريد إعادة إنتاج أنظمة الوصاية والتسلط ولكن بأدواتٍ محلية هذه المرة. هذا الموضوع لن يمر، ولن نقدم للمتلاعبين بأسس العيش المشترك فرصة الإنقضاض على النظام الديموقراطي». «مسرحية النظام السوري الانتخابية» وتطرق الى الانتخابات التي ستجرى في سورية اليوم وقال: «غداً (اليوم) مسرحية النظام السوري تحت مسمى انتخابات تشريعية في سورية. انتخابات مزورة بامتياز. أعدوا النتائج سلفاً وملأوا صناديق الاقتراع بأسماء الفائزين وأصوات الشهداء. انتخابات وما من أحد يعلم كيف يمكن أن تجرى في حمص والرستن وحماه وحلب ودير الزور وجسر الشغور، وفي درعا وإدلب والزبداني ودمشق وريف دمشق، وفي عشرات بل مئات المدن والقرى التي يحاصرها الخراب والدمار والقتل. انتخابات في سورية تحت إرهاب السلاح، وفي لبنان يريدون أيضاً انتخابات وقوانين انتخاب تخضع لإرهاب السلاح. قرارنا أن نواجه هذه المؤامرة على النظام الديموقراطي والمحاولات المتجددة لإلحاق لبنان بالنظام السوري وأدواته». وإذ لفت الحريري الى انه «عندما عُلِّقت المشانق في ساحة البرج القريبة في 6 أيار 1916 للمطالبين بالاستقلال»، قال: «علِّقت المشانق في اليوم نفسه وللسبب نفسه في ساحة المرجة في دمشق». وأضاف: «اليوم كما في الأمس، وفيما نختار هنا في لبنان درب النضال السلمي الديموقراطي دفاعاً عن الاستقلال والسيادة والكرامة والحرية، يسقط في سورية إخوة لنا وأخوات، شهداء في سبيل الحرية والكرامة والديموقراطية، على يد آلة البطش والقتل العمياء التي يقودها نظام بشار الأسد ويدمر فيها المدينة تلو المدينة والقرية تلو القرية». وقال: «نعم، الأمر لم يكن مصادفةً قبل 96 سنة، وهو ليس مصادفةً اليوم. ونحن نعرف أن كفاحنا السلمي الديموقراطي دفاعاً عن لبنان وسيادته وحريته، هو نفسه كفاح الشعب السوري المطالب بالديموقراطية والحرية والكرامة. لذلك وقفنا منذ اللحظة الأولى وأعلنا خيارنا الوقوف إلى جانب الشعب السوري وإرادته بالتحرر من نظام القمع والبطش والفساد نفسه الذي لفظ أنفاس وصايته على لبنان في هذه الساحة بالذات في 14 آذار 2005، وهو يلفظ أنفاس استبداده بسورية وإرادة السوريين الأحرار الشرفاء في هذه الأيام». «حكومة النأي وإسقاط النظام» وحمل الحريري على الحكومة من باب النأي عن النفس، وقال: « لقد فهمنا، وفهم جميع اللبنانيين أن هذه حكومة النأي عن رغيف الخبز، وعن سلامة الغذاء، وعن أمن الناس وأمن الوطن. لكن هناك أموراً لا تحمل الكذب والاحتيال. دماء الأبرياء لا تحمل الكذب والاحتيال. والانتماء إلى العروبة لا يحمل الكذب والاحتيال، والإيمان بالانسان وبحقه بالحياة الحرة الكريمة لا يحمل الكذب والاحتيال. هذه أمور لا تحتمل إعلان النأي بالنفس، وتحويل ديبلوماسية لبنان إلى رديف لنظام القتل والفساد في المحافل العربية والدولية. هذه أمور لا تحتمل إعلان النأي بالنفس والتفرج على خطف المعارضين السوريين في لبنان وتسليمهم إلى جزار دمشق. هذه أمور لا تحتمل إعلان النأي بالنفس ومنع المساعدة عن آلاف النازحين السوريين في البقاع وإيصالها بالقطارة إلى آلاف أخرى في الشمال». وتناول الحريري الملف الانتخابي وقال: «تفصلنا عن الانتخابات النيابية سنة مصيرية. في هذه الانتخابات سيقول اللبنانيون واللبنانيات بوضوح ما إذا كانوا يريدون الاستمرار في هذه الحال، في الانهيار الاقتصادي والأمني والمعيشي، في نظام الكذب العامل لدى جزار دمشق، الخارج عن العروبة والعرب وإرادتهم. وأنا متأكد أنكم في هذه السنة المصيرية ستقولون في كل يوم، وصولاً إلى يوم الانتخابات، وخصوصاً في يوم الانتخابات، ستقولون بكل ديموقراطية، بأصواتكم في صناديق الاقتراع، ستقولون بكل بساطة: الشعب يريد إسقاط النظام».