حرمتها الإعاقة الحركية من الاستمتاع بطفولتها البريئة مثل بقية الأطفال، تشاهدهم بحرقة وهم يركضون ويلعبون ويستمتعون بأوقاتهم فيزداد ألمها، وتحاول إخفاء ذلك الألم خلف ابتسامة مصطنعة تحمل في طيّاتها أحلاماً باتت شبه مستحيلة. حلمها الكبير أن تمشي على قدميها، وهي ترجو الله كما أسرتها أن ييسر الله لها من يساعدها في تحقيقه بعد أن تقطّعت السبل بوالدها المكلوم ووالدتها الباكية ليل نهار حزناً على حال طفلتها المغلوبة على أمرها. وتجاوزت بلقيس عامها الثامن وهي تعاني مرارة الإعاقة، بعد أن قدّر الله عليها أن تصاب بشلل دماغيّ تسبّب في حرمان الوردة الصغيرة من الحركة والتواصل والاعتماد على النفس وذلك بحسب التقارير الطبيّة عن حالها. وبنبرات من الحزن والألم يشرح والد بلقيس فصول المعاناة التي تعانيها فلذة كبده، ويقول: «طفلتي هي أغلى ما في الوجود بالنسبة إليّ وإلى والدتها، وإصابتها بالشلل الدماغي قصمت ظهري وأخفت ابتسامتي وجعلت البكاء ووالدتها توأمين لا يكادان يفترقان، ما انعكس على حياتنا سلباً»، مستدركاً: «لم يمنعني الحزن من شدّ الرحال للبحث عن بلسم أداوي به آلام ابنتي ونظراتها التي تناشدني وهي ممزوجة بالدّمع أن أبحث لها عن علاج مهما كلّفني ذلك». ويضيف: «بدأت رحلة علاجها في مستشفى عسير المركزي الذي استقبل الحالة، وقام طبيب المخ والأعصاب فيه بوضع برنامج علاج طبيعيّ مكثّف بشكل يومي بواقع ست ساعات لمدة ستة أيّام أسبوعيّاً لمدة شهر تقريباً، وبدأت في التحسّن ولكن بشكل بطيء»، مؤكداً أن الطبيب أبلغه بعد مرور شهر على البرنامج بأنّ بلقيس في حاجة إلى مركز أكثر تطوّراً لمواصلة علاجها لمدة سنة كاملة. ويتابع والد الفتاة المعوقة: «لجأت إلى مستشفى الملك فيصل التخصصي، وكلّفني استقبال حالتها إضافة إلى التحاليل والفحوصات نحو 27 ألف ريال، وفي نهاية المطاف أبلغوني بأنّ علاجها لا يتوافر لديهم». إيمانه القوي وعزيمته طردا اليأس الذي لم يعرف له مدخلاً، فسافر والد بلقيس بابنته إلى مركز متخصّص في مصر: «مكثت هناك فترة ولكن للأسف لم يطرأ أي تحسّن على حالها الصحيّة على رغم إنفاقي مبلغ 194 ألف ريال كانت تكاليف رحلة علاجها غير المجدي، فعدنا إلى المملكة وعلى الفور أرسلت التقارير الخاصة بحال بلقيس إلى مدينة الأمير سلطان الإنسانية، إذ تأكد إمكان علاجها هناك، فلم نتمالك أنا ووالدتها أنفسنا من الفرحة التي لم تدم طويلاً بسبب عدم حصولنا على الموافقة بإدخالها إلى المدينة الطبية على رغم أنّي تقدمت بطلب الموافقة ولكن مرت الأشهر الطويلة ونحن ننتظر الموافقة من إدارة الهيئات الطبية ولكن لم يصلنا شيء حتى الآن!».