تابع السهم الملتهب ماجد عبدالله ب «الدربيل» إعجاباً بحركاته، وحاول تقليد ريفالينو حتى أصبح يُنادى بين أبناء حيه ب «ريفو»... سجله عمه مؤسس نادي الهلال عبدالرحمن بن سعيد لاعب كرة سلة «أزرق»ولكنه انسلّ من كل هذا الضجيج الرياضي وشد رحاله نحو الولاياتالمتحدة الأميركية فأغرم بفريق «البليزرز»، وغادر إلى لندن فشجع فولهام، قبل أن يعود أدراجه مجدداً إلى الرياض وينخرط مجدداً في عالم «الرياضة المحلية» ولكن بروح «مختلفة»، مدججاً بسلاح بكالوريوس الإعلام الذي حصل عليه، ومتسلحاً ب «خبراته الرياضية» المتنوعه. مدير إذاعة «يو إف إم» سامي بن سعيد يرى أن الإذاعة «الوليدة» أعادته إلى الرياضة بقوة، ويبدي سعادة غامرة بنجاحها ب «نكهة سعودية»، ويروي ل «الحياة» قصته في أول زيارة له لملعب الملز، وأول مرة يدخل فيها مباراة لكرة السلة في أميركا، فإلى الحوار: كيف هي علاقتك بالرياضة؟ - أي إنسان طبيعي يؤمن بأن الرياضة جزء وجانب مهم في حياته، وقيل في الأثر: «علموا أبناءكم السباحة والرماية وركوب الخيل»، لكن في الرياضة هناك محترف وهاوٍ، وأنا من أصحاب الفئة الثانية وهم الهواة. وفي مرحلة المراهقة كنت من المهووسين بكرة القدم، ولعبت في منتخب متوسطة ابن زيدون تحت إشراف العمدة عبدالله فودة وكنت معجباً بأسلوبه، وعندما أجريت معه حواراً في القناة الرياضية السعودية ذكرته بنفسي وبالمواقف التي مرت بي فتذكرني وحضنني، وإلى الآن علاقتي به أكثر من ممتازة. وطبعاً لا تزال في ذاكرتي أيام مرور ماجد عبدالله في الحارة وكان حينها يمتلك سيارة مازدا 76، وكانت الحارات في تلك الأيام بشكلها الجميل، وكنا نتجمع عند «البقالات» فيمر أبوعبدالله ونحييه فيرفع لنا يده بالتحية بكل تواضع، بينما في الوقت الحالي يلعب اللاعب موسمين ويحقق نجومية ومن ثم يتحول إلى شخص مغرور وتصيبه لوثة، وهذا ما سيدور حوله بحث رسالة الماجستير الخاصة بي مثلما حدث مع مارادونا. تبدو معجباً بماجد عبدالله؟ - إلى حد بعيد، فهو لاعب يمتلك كاريزما وتعجبني فيه ميكانيزم حركته بعد إحراز الأهداف، التي حاول البعض تقليدها ولم ينجح، ومن شدة إعجابي بماجد كنت أحضر معي «دربيل» إلى الملعب لمتابعته بشكل شخصي... والزميل واللاعب عبدالرحمن الرومي كان يقول لي إذا كانت لدينا مباراة أمام النصر لم أكن أستطيع النوم، وكان يقول لي: «قميصه يطقطق» وهو منطلق بالكرة من شدة سرعته. وبالمناسبة كنت معجباً أيضاً بريفالينو الذي كان يرتدي الحذاء الأسود الكامل، وكنت أرتدي اللون ذاته تيمناً به، حتى أنهم أطلقوا عليّ اسم «ريفو» في الحارة لأنني كنت أسدد أيضاً الكرات «اللولوبية» على طريقته... وامتد إعجابي بريفالينو إلى عمر لاحق عندما قمت بتربية «شواربي» على طريقته، حتى طلبت مني ابنتي الصغيرة تخفيفه فقمت بذلك إكراماً لها. ماذا عن أول زيارة لك لملعب كرة قدم؟ - كانت عندما كنت في سن ال 15 وهي السن التي سمح لي والدي فيها بالذهاب مع زملائي، وكنا حينها نسكن في شارع الخزان وكانت المباراة بين الهلال والنصر، وركبنا سيارة أحد الزملاء وكنا نستمع إلى سلطان الطرب محمد عبده وهو يغني «كنا سوا الاثنين» من كلمات الشاعر ناصر بن جريد... حتى وصلنا إلى الملعب، وحينما صعدت على الدرج وشاهدت الملعب شعرت في لحظة بأنني في حلم، كانت لحظة رهيبة بالنسبة إليّ وإلى زملائي ممن كانوا يمتلكون الخبرة، كانوا يهتفون مع المشجعين في لحظات محددة معروفة للخبراء، بينما كنت أنا أعيش حلمي في وادٍ آخر... فلك أن تتخيل لحظة مشاهدة اللاعبين الذين كنت أحلم بهم قبل المباراة بيوم... فأنا كنت من النوع الذي يقرأ الصحف الرياضية والتحليلات جميعها، وكنت أدقق في صور اللاعبين في الصحف، وعندما جاءت لحظة مشاهدة فهودي وماجد عبدالله وتوفيق المقرن... كان الأمر مختلفاً، حتى في المباريات اللاحقة عندما شاهدت أحمد الصغير وأمين دابو واللاعبين الأجانب في ذلك الوقت... كان الأمر مثل الحلم. وبالمناسبة الذهاب إلى المباريات في ذلك الوقت كان يتطلب الذهاب بالحافلة من شارع الخزان إلى شارع البطحاء، ومن ثم التحويل من هناك إلى الحافلة المتجهة إلى الملز، وكنت أقوم بتوفير ريال «الفسحة» حتى أقوم بصرفه على أجرة الحافلة. في ذلك الوقت لاحظ والدي هوسي بالرياضة ودعمني هو والوالدة جزاهما الله خيراً، حتى طلب عمي عبدالرحمن بن سعيد عندما شاهد أن طولي وصل ال 190 سنتيمتراً أن يقوم بتسجيلي في فريق كرة السلة وهو ما حدث، فلعبت في تلك الفترة مع لاعبين مميزين منهم معتوق السليم... وبدأت أشاهد اللاعبين صالح النعيمة وإبراهيم اليوسف في النادي. وبالمناسبة لديّ مكتبة إعلامية ضخمة تحتوي على مباريات قديمة على أشرطة «في إتش إس» و«كاتيرج» فأنا مهووس بتجميع القطع الإعلامية القديمة من أنحاء العالم كافة، حتى أن زوجتي لم تستطع استيعاب هذه النقطة بسهولة في البدايات... وأحياناً كثيرة بعد صلاة الجمعة أشاهد هذه المباريات لأنني أشعر أن هذا الوقت في الرياض مرتبط بالرياضة والمباريات. مشهد في ملاعب الكرة لا يزال عالقاً بذهنك؟ - كان هناك مشهد غريب لم أكن أحبه، وهو مشهد «المنصرعين» بعد الأهداف عندما ينقلونهم إلى أرض الملاعب كان موقفاً درامياً، أما المقطع الذي لا أنساه فهو هدف سلطان بن نصيب بعدما تعلقت الكرة في الشبكة. ارتباط اسمك بشخصية رياضية مؤسسة لنادي الهلال... ألم يسبب لك مشكلة في التعاطي الإعلامي مع الأحداث؟ - إطلاقاً، فأنا من «برج الميزان»، وشخصيتي وسطية، وأنا افتخر بعمي عبدالرحمن كمؤسس لنادي الهلال واسمه مخلد في التاريخ الرياضي، وهو شخصية مفكرة وكاتب لخطابات الملك سعود - رحمه الله - على المرتبة ال15. لكنه لم يسبب لي أي مشكلة فأنا أحترم الجميع، وعلى طريقة عادل إمام: «امشِ عدل يحتار عدوك فيك». والإعلامي يجب أن يكون مفكراً ومبدعاً وليس «صنايعياً». فأنا تعاملاتي إنسانية مع الجميع، والرسول صلى الله عليه وسلم هو قدوتي، فقد كان يتعامل بالحلم، ولا ننسى قصته مع اليهودي الذي كان يرمي القاذورات في طريقه فأسلم عندما زاره الرسول في منزله. وأنا في الإعلام كمحترف محايد جداً وكذلك الطاقم الذي يعمل معي. لماذا اتجهت للإعلام؟ - أنا أحب الإعلام والرياضة. جزء من شخصيتي فيه الكوميديا السوداء و«الفانتازيا» وروح الاستمتاع باللحظة، ولذلك ربما لا أصلح إطلاقاً لأن أكون عسكرياً، لأن العمل العسكري يتطلب شخصية جادة، بينما الإعلام والرياضة يتطلبان الإمتاع والاستمتاع، فاللاعب الآن مثلاً فقد متعة الكرة وأصبح يدخل للملعب وهو خائف من أمور كثيرة، وهذا ما أثر في اللعبة. وأنا بطبيعتي أحب علم النفس وعلم الاجتماع، وهو جزء من نجاح العمل الإعلامي، ففي ليلة خميس كنت أقوم بتهيئة الزميل المذيع أحمد الحامد قبل الحلقة نفسياً، وكان ذلك سبباً من أسباب نجاح البرنامج، وهو الأمر ذاته الذي نجحنا في تطبيقه في إذاعة «يو إف إم». تابعت الرياضة في السعودية، ثم يممت وجهك للدراسة في أميركا، ومن ثم العمل في بريطانيا ثم عدت مجدداً للديار... كيف وجدت الرياضة السعودية قبل رحيلك وبعد عودتك؟ - أولاً أنا من عائلة رياضية ولعبت في أحد الأندية السعودية، وعندما ذهبت إلى لندن كنت أتابع فريق فولهام، وفي بورتلاند كنت أتابع فريق بليزرز لكرة السلة، وكنت بالطبع أشاهد وأحلل الأحداث الرياضية والأجواء المحيطة بها، وعندما عدت للسعودية وجدت تطوراً كبيراً، إذ أصبحت الرياضة صناعة مثل الإعلام، وقناة «يو إف إم» الإذاعية أعادتني للأجواء الرياضية المحلية من جديد، ففي أميركا كان يلفت نظري أن كل شيء مستغل حتى تذاكر الدخول عليها إعلانات على الوجه الآخر لها، والحافلات عليها إعلانات، وفي بيتي في الرياض تلفت نظري عمارة ظهرها أسمنتي في الحارة التي أسكنها، ودائماً أقول إننا يجب أن نستغل هذه المساحة إعلانياً. عندما عدت لمتابعة الرياضة عن قرب من خلال دراسة تنفيذ مشروع «يو إف إم»... كيف وجدت الأمر؟ - نفسياً شعرت بأن الموضوع فيه «صداع كبير»، فهناك مشاحنات، وهناك وجهات نظر مختلفة ويجب أن نحترم وجهات النظر. والبعض يريد أن يُغيّر وجهة نظرك لتصبح مطابقة لوجهة نظره، وعلى الطريقة الأميركية ضع كل الأفكار على الطاولة للنقاش ولا يجب أن تقنعني ولا يجب أن أقنعك... وأنا لا أحب «الشخصنة» وكل واحد يتحدث عن الآخر في المجالس بأنه «لا يسوى ولا بيزه»، دعونا نسعى للنجاح ونبارك لبعضنا بعضاً تحقيقه. كيف ترى التعصب الرياضي في السعودية سابقاً ولاحقاً... وكذلك بمقارنتها بأميركا وبريطانيا؟ - بالعكس لا أرى أن هناك حال تعصب كبيرة، ففي السابق كانت هناك اشتباكات بالأيدي تحدث في الملاعب بينما اختفت الآن. والتعصب موجود في لندن، إذ يتم تغيير مسارات الطرق في حال فوز بعض الفرق الكبرى، وهناك محال يتم تكسيرها، لكن الإسلام رسم خطوطاً جميلة تهذب النفوس، فمنهاجنا مختلف، والخلفية الدينية تحجم من تجاوزات التعصب، فضلاً عن ذلك الإعلام الجيد الذي مارس دوره في زيادة درجة الوعي لدى الناس. البعض قد يفاجأ بوجهة نظرك على اعتبار بعض ما يحدث من تلاسن وخلافات بين ضيوف البرامج الرياضية؟ - نحن شعب مفوّه، كلنا نتكلم حتى في الذرّة. وفي زمن الإعلام هناك «صنايعية» يعرفون القواعد الأساسية ثم تجدهم ينظرون في كل شأن، وبعضهم يعمل موظف استقبال في قناة محددة فيبدأ بالتنظير وإعطاء الآراء. تجربة «يو إف إم»... كيف تصفها؟ - الإعلام هو فن توصيل المعلومة، ومن يبدأ العمل في الإعلام عليه أن يعرف معناه، ويجب أن تكون لديك رسالة، ونحن في «يو إف إم» كسبنا شعبية كبيرة وصلت إلى 3 ملايين مستمع، ونحن لسنا إذاعة مهاجرة بل إذاعة برأسمال سعودي وشباب سعودي وسجادتنا في الإذاعة نشتغل ونصلي ونستمتع بعملنا. وبالمناسبة لدينا مشروع إعلامي سيكون مفاجأة ولا أريد أن أصرح عنه حالياً. مشروع تلفزيوني وبرؤيتي، مثل ما نجحت رؤيتي وفلسفتي في العمل والديناميكية والديموقراطية.