بين ساحات وأطراف مهرجان الورد الدولي في الطائف، يقف عائض النمري ليدير معرضه الخاص، عارضاً للبيع أنفس روائح الورد الطائفي الذي جناه من أعالي وادي محرم في الهدا، مترجماً قصة نجاح لقطاف ورد طور من أدواته وخبرته إلى أن أصبح مالك مصنعٍ شهير. النمري كان مشغولاً بترتيب قوارير ماء الورد ليظهرها بشكل جذاب، ليفتتن بها الزوار، فيقبلوا على شرائها، وضع قليلاً من الورد الطائفي في «سبت من سعف النخل» ولسان حاله يقول: «من هذا صنعت كل هذا»، وبابتسامة لم تفارق شفتيه كان يستقبل زبائنه، وجمال روحه يكاد يوازي روائح ما عرض. ارتبط النمري بقصته مع الورد منذ أكثر من 20 عاماً، إذ إن زراعة الورد الطائفي واستخراج دهنه ومائه ما هي بالنسبة إليه إلا صناعة للآباء والأجداد التي ورثها عنهم حتى أمست مرتبطةً بعائلته منذ عقودٍ طويلة. ووسط زحام من يشتري الورد في محله، ومقاطعتهم المتكررة لحديثه يسرد النمري قصته مع الورد منذ ريعان شبابه، وتحديداً منذ أن بلغ ال 20 من عمره، «إذ بدأت تلك العلاقة، بقطف الورد الطائفي في مزارع تعود ملكيتها لأبي وجدي، جيلاً خلف جيل، منذ أكثر من 100 عام، و بعد أكثر من خمس سنوات من عملي في قطف الورد، خطرت ببالي فكرة إنشاء مصنع تعود ملكيته للعائلة، لنستفيد من الورد الذي نجنيه من مزارعنا عوضاً عن بيعه للمصانع الكبيرة». ويضيف النمري: «بعد ما يقارب 15 عاماً منذ افتتاح المصنع تمكنت من نسج علاقات تجارية، والحصول على زبائن حصريين من داخل المملكة وخارجها، يفضلون شراء «دهن الورد الطائفي» مني، والذي قد يصل سعره هذه الأيام إلى ما يتجاوز ال 2000 إلى 2500 ريال للتولة الواحدة، بارتفاع ملاحظ عن السنوات الماضية». وبلغة الأرقام التي لا تقبل التشكيك وتضفي الحسم على حديثه، يوضح عائض النمري أن سعر التولة قبل 15 عاماً كان ما بين 800 إلى 900 ريال، مرجعاً الارتفاع الطارئ أخيراً إلى هجرة المزارعين لزراعة الورد الطائفي، نظراً إلى مشقتها وشح الأمطار في الأشهر الأخيرة، وقلة الأيدي العاملة لجني الورد، معتبراً الأخيرة أكبر مشكلة قد تواجه مزارعي الورد، إذ إن من أهم الركائز الأساسية لزراعة الورد هي جنيه أولاً بأول، وإلا سيفقد المزارع محصوله لذلك اليوم، لأن المزرعة الواحدة تحتاج إلى أكثر من 10 عمال لجني الورد يومياً، إذ وصل سعر الورد هذا العام إلى 80 ريالاً ل 1000 وردة. وأبعد من بيع الورد ومستخلص دهنه، يتعاون مصنع النمري مع مصنع في مكةالمكرمة ينتج البخور و«الكولونيا» و«الصابون» و«اللوشن» برائحة الورد الطائفي، إضافةً إلى ما ينتجه من دهن الورد الطائفي ومائه بنوعيه «العروس» و«الثنو»، والفرق بينهما يكون في التركيز والطعم، «فالعروس» تكون رائحته ذات تركيز عالٍ، و طعم يميل إلى المرارة بما يدل على تركيزه، و«الثنو» يكتسب طعماً مستساغاً ورائحة أقل تركيزاً.