أبومنى سعودي وأب لثمانية أبناء أصغرهم طفلة تبلغ من العمر عاماً، يعاني فقراً حاداً، إلى درجة لا يستطيع معه تأمين الوجبات الرئيسية لهم. ويبلغ أبومنى من العمر 51 عاماً، يسكن في شقة صغيرة لم يستطع دفع إيجارها منذ نحو سنة ونصف السنة، ومهدد بالطرد منها بسبب عجزه عن سداد إيجارها المتراكم (15 ألف ريال). ويقول رب الأسرة المثقل بالديون: «واجهتني ظروف مادية صعبة أولها مرضي وقلة ذات اليد وعدم وجود عمل لي أستطيع الصرف على أسرتي منه»، مشيراً إلى أنه ليس له دخل من أية جهة حكومية. ويضيف: «أنا شخص لا أقدر على إسعاد أسرتي، تعبت من هذه الدنيا وأفكر بأشياء أحياناً تغضبني، ولكن الظروف الصعبة التي أمر بها وعدم الوفاء بمتطلبات صغاري جعلاني مشتت الأفكار شارد الذهن». تنظر إلى «أبومنى» فتشاهده كثير التفكير يتكلم تارة ويسكت أخرى، يخفض رأسه في شكل متواصل حتى يخرج لنا جملة مفيدة وسط حزن عميق وفي عينه نهر من دموع على صغاره. لم يُخْفِ دموعه وهو يقول: «وحدة الحقوق في شرطة الروضة طلبتني مرتين، فإما دفع الإيجار أو إخلاء المنزل»، متسائلاً: «من أين آتي بالمبلغ وأنا رجل لا أستطيع أن أفي بمتطلبات أطفالي؟». ويوضح: «أعمل جاهداً على غرس الابتسامة على وجوه أطفالي، خصوصاً ابنتي الصغيرة، التي دائماً ما تحرجني بكثرة طلباتها، ولكن الظروف المادية التي تخيم على جميع أفراد أسرتي وقفت حاجزاً أمام تحقيق أدنى متطلباتهم اليومية». منى الابنة الكبرى تبلغ من العمر 19 عاماً، أحلامها أكبر من سنها، إلا أن الواقع الذي تعيشه وأسرتها يحول دون تحقيق تلك الأحلام: «أريد أن أصبح معلمة أو مهندسة، وهدفي الأول هو إسعاد والدي وإخوتي الذين عانوا كثيراً وحرمتهم الظروف الصعبة حتى من الابتسامة»، لافتة إلى أنها تخاف أن تحرمها ظروف أسرتها إكمال تعليمها وبالتالي يموت هذا الحلم. وتستطرد بصوت حزين: «أسرتنا أوشكت على الانهيار والهلاك بسبب شدة الفقر والحاجة، لربما تتعجب من كلامي ولكنها الحقيقة والحقيقة كالشمس لا تغيب ولا تحجب، طردنا من منزلنا السابق في العام الماضي في العشر الأواخر من شهر الخير رمضان، وبدلاً من أن نستغل الشهر في العبادة كنا نفكر كيف سنعيش وأين نسكن، وأخيراً وجدنا منزلاً وأوينا إليه مدة شهرين بلا كهرباء ولا ماء، وفرح الناس بقدوم عيد الفطر المبارك ما عدا أسرتنا». ولا تخفي الابنة الحالمة أن أكثر ما يؤرقهم هو إيجار المنزل: «تتغير ملامح والدي ونفسيته عند قرب وقت العشاء، وهو الوقت المفضل لصاحب المكتب، الذي يطرق الباب كل يوم تقريباً عند قرب حلول دفع الإيجار»، موضحة: «نعرف أن هذا حق لهم ويجب أن ندفعه، ولكن من أين؟ ربي أراد لنا أن نعيش الفقر ونتجرع مرارته ونحن راضون بما قسمه الله لنا». وتكشف منى أنها بدأت تخاف من انهيار والديها، معتبرة أن استمرار هذه الحال يهدد صحة والدها ومستقبل أشقائها: «لا نريد سوى سكن يحيط بنا، لقد بدأنا نمل الوضع فحاضرنا سيئ ومستقبلنا مخيف، فلا تتركوا أحلامنا وزهور عمرنا تموت». قبل مغادرة «الحياة» منزله، أراد أبومنى إيصال رسالة إلى أهل الخير يحثهم فيها على الوقوف معه في محنته: «أنا أعيش معاناة يومية مع الخوف والقلق على حياة ومستقبل أسرتي، لعدم قدرتي على توفير مستلزماتهم اليومية، علاوة على تهديد صاحب المنزل بالطرد، وأرجو مساعدتي وإدخال الطمأنينة إلى نفسي وإلى أطفالي».