قطع مئات من العمال وأصحاب محاجر في محافظة المنيا (صعيد مصر) جسراً يربط بين شطري النيل وذلك احتجاجاً على قرار محافظ المنيا بفرض مزيد من الرسوم على المحاجر التي تزوّد شركات المقاولات بالحجارة والرمال. ونقلت وكالة أسوشيتد برس عن مسؤول مصري أن الشرطة استخدمت الغاز المسيل للدموع الخميس لتفريق تظاهرة العمال الذين قُدّر عددهم بنحو ثلاثة آلاف والذين كانوا يقذفون بالحجارة في اتجاه رجال الأمن في المنيا (210 كلم جنوبالقاهرة). وقال إن ثمانية من رجال الشرطة اصيبوا بجروح في حين اصيبو سبعة من المحتجين جراء تنشق الغاز المسيل للدموع. وأعتقلت الشرطة ما لا يقل عن 20 من المحتجين. وقال المسؤول للوكالة إن محافظ المنيا تراجع عن قراره فرض مزيد من الرسوم بهدف تفادي مزيد من العنف. والملاحظ أن مثل هذا المشهد تكرر كثيراً في العامين الأخيرين، إذ لا يمر شهر إلا وتحمل الصحف المصرية عناوين في صدر صفحاتها عن لجوء عمال أو فئة معينة من المحتجين إلى قطع طريق أو جسر في محافظتهم احتجاجاً على قرار حكومي، ما يؤدي إلى وقوع اشتباكات بين المحتجين وقوات مكافحة الشغب يسقط فيها جرحى، وأحياناً قتلى، إضافة إلى عشرات من الموقوفين. ويتذكر كثيرون ما شهده الطريق الدولي المتاخم لمحافظة كفر الشيخ الساحلية خلال العامين الماضين. ففي العام الماضي قطع مواطنون وأصحاب مخابز هذا الطريق الذي يمر بموازاة البحر المتوسط (شمال مصر) احتجاجاً على قرار المحافظ منع توزيع كميات من الطحين على الجمعيات التموينية. أرجع المحافظ قراره آنذاك إلى الرغبة في منع تهريب الطحين وبيعه في السوق السوداء. وقبل ذلك بنحو عام، شهد الطريق نفسه أعنف احتجاجات شعبية عُرفت في الصحف ب «ثوره العطش» عندما تحرّك محتجون اعتراضاً على عدم وصول المياه إلى منازلهم. ويلفت مراقبون إلى أن تحركات المضربين والمحتجين على أحوالهم وظروفهم المعيشية باتت تلقى صدى شعبياً يغيب عن التظاهرات أو الاحتجاجات ذات المطالب السياسية. فتظاهرات «الحركة المصرية من أجل التغيير» («كفاية») أو حتى جماعة «الإخوان المسلمين» لم تعد تتعدى، مثلاً، بضع عشرات، في حين أن أعداد أفراد الشرطة التي تقوم بتطويق مكان التظاهرة يكون في أحيان كثيرة أكبر من عدد المتظاهرين أنفسهم. ويقول المراقبون إن ذلك يوحي بأن الشارع المصري يفتقد الثقة في نخبه السياسية التي يرى أنها تتحرك لمصالحها غير عابئة بالمطالب المعيشية للسكان. ويقول أحد عمال شركة الغزل والنسيج في مدينة المحلة إن «النخب لا تعبّر عن مطالبنا، كل ما يشغل بالها تعبيرات ومصطلحات لا تمسنا. فنجدها تطالب بالديموقراطية وحقوق الإنسان وحرية العمل السياسي، لكننا لا نجد تظاهرة أقامها حزب أو جماعة احتجاجاً على تدني الرواتب». وتساءل العامل الذي فضّل عدم ذكر اسمه: «أليس من حقوق الإنسان أن يعيش المواطن حياة كريمة وأن يحصل العامل على راتب يستطيع أن يؤمن به مطالب أسرته؟». وفي الإطار ذاته، يقول محمود عبدالكريم (موظف حكومي) إن «الأحزاب والجماعات تستغل في أحيان كثيرة مطالب العمال لمصالحها الشخصية، لذا نجد أن المواطن البسيط تنبّه إلى دعاوى الإضراب والاحتجاجات التي حركتها أحزاب أو جماعات ولم يشارك فيها». ويؤكد عبدالكريم ل «الحياة» أن «الموظف أو العامل لم يعد عابئاً بمن سيفوز بالغالبية في البرلمان في الانتخابات المقبلة كما لم يعد ينظر باهتمام إلى من سيخلف الرئيس (المصري) حسني مبارك». ويوضح: «نجد في أيام الانتخابات دعاوى رنانة عن الاهتمام بمحدودي الدخل وتطوير البنى الأساسية، لكن بعد انتهاء مولد الانتخابات يظل الأمر كما هو عليه». من جانبه يؤكد رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال مصر حسين مجاور أن العلاوة الاجتماعية المقرر صرفها للموظفين والعمال الحكوميين «ستحقق الاستقرار لنحو 2.3 مليون عامل، إذ تصل الزيادة في أجورهم إلى نسبة 55 في المئة بعد إضافة الحوافز». ويشير إلى «أنه كلّف الإدارة المالية في الاتحاد باتخاذ الإجراءات اللازمة لصرف العلاوة»، لافتاًَ إلى أنه يتعين تطوير نظام التأمين الصحي بما يكفل توفير الخدمة الصحية لجميع العمال وخصوصاً العاملين غير المنتظمين وكذلك أسرهم. ويوضح مجاور أن «العلاوة الاجتماعية ليست هي نهاية المطاف، وهناك حوار مع المجلس الأعلى للأجور لتفعيل دوره في المواءمة بين الأجور والأسعار»، مشدداً على أهمية تفعيل الحوار الاجتماعي لمواجهة التحديات التي فرضتها العولمة والإصلاحات الاقتصادية والعمل على نشر ثقافة البعد الاجتماعي لدى رجال الأعمال لأن القطاع الخاص يتحمل الآن نسبة 70 في المئة من خطة الدولة و «يجب تعظيم المسؤولية الاجتماعية لدى أصحاب الأعمال».