المتمعن في الأزمة التي افتعلها بعض الإعلاميين في مصر والمعروفة بقضية الجيزاوي، يستطيع ومن الوهلة الأولى أن يتأكد من أنها قصة مدبرة، تم نسج خيوطها من روايات مضللة لبعض أقارب وأصدقاء الجيزاوي في محاولات مضنية لتبرئته من قضية متهم فيها. وتلقفت تلك الرواية أيدي عدد من الإعلاميين لسبب أو لآخر. فالبعض منهم (وهم قلة) استغلها بسوء نية لتفريغ شحنة الحقد والضغينة على بلادنا الغالية. لأسباب لا تخفى على المهتمين بالشأن الإعلامي في المملكة. والبعض الآخر للأسف ركب موجة التضليل وعلم متأخراً أنه انجرف مع تيار سيأخذه إلى بحر من الافتراءات، ولم ينقذه من هذا المأزق إلّا روايات عن الواقعة من شخصيات ديبلوماسية مصرية. وليس المجال هنا لتشخيص حالة هذه الفئة أو تلك. وسأتطرق فقط إلى حقائق ووقائع من حادثة الجيزاوي التي لو تأنى أشقاؤنا في مصر وتمعنوا فيها بهدوء لاكتشفوا بأنفسهم كذب رواية التضليل والافتراء من أول يوم لإطلاقها: - الجيزاوي وصل إلى جده يوم الثلثاء 17 نيسان (أبريل) وتم القبض عليه أثناء تفتيش «شنطة» وهي بحوزته. أي بعد تجاوزه «كاونتر» الجوازات الذي ادعوا أنه احتجز عنده لوجود اسمه على قائمة الترقب. - الرواية المضللة بأنه تم احتجازه لصدور حكم غيابي عليه لم تظهر إلا بعد أيام عدة على احتجازه وبعد ترتيب حبكة فصولها بين بعض أقاربه وأصدقائه بعد التأكد من تورطه في قضية التهريب. - شقيقته التي تُقدّم على أنها محامية وناشطة حقوق إنسان بررت تأخير إعلان هذه الرواية بعدم اتصال زوجته بهم إلّا بعد مرور أيام عدة على احتجازه. فهل يعقل ذلك وهي التي تركت رضيعتها لديهم؟! - بعد زيف روايتهم الأولى وصدور تصريح رسمي من المملكة عن تورط الجيزاوي بتهريب كمية هائلة من الحبوب الممنوعة سارعوا بالادعاء الكاذب بأنها مدسوسة لتبرير القبض عليه ومحاكمته! - هل تحتاج السلطات السعودية أن تخبئ في «شنط» الجيزاوي كل هذه الكمية من الحبوب الممنوعة وبطريقة احترافية تستهلك من الوقت الكثير وهو ما لم يكن ليتم خلال المدة القصيرة بين وقت الوصول وتسلّم العفش؟ فيما القليل منها قد يكون كافياً لإدانته والحكم عليه! - بعد التصعيد الإعلامي وتدخل الخارجية المصرية وبعد استفسار السفارة المصرية في الرياض عن أسباب احتجازه ردت الجهات المعنية في المملكة بعدم وجود شخص محتجز بهذا الاسم (دخل باسم لا يوجد فيه لقب الجيزاوي)، وهذا ما يؤكد عدم استهدافه شخصياً وعدم معرفة أي شخص في سلطات المطار بهويته. - توالي الحقائق يؤكد تورط الجيزاوي حتى هذه اللحظة في هذه القضية، خصوصاً ما تم تسريبه من اعترافات عن الجهة التي أرسلت هذه الحبوب والأخرى المرسلة إليها. وبعد هذه الحقائق وغيرها مما سيتكشف خلال الساعات والأيام القليلة المقبلة فهل ستنقشع الغمامة من أعين أشقائنا في مصر الحبيبة؟ ويتعاملون مع مثل هذه الأمور بحكمة وروية وهدوء تفرضها علاقات الأخوة الأبدية بين البلدين الشقيقين؟ أم أن الغوغائيين سيستمرون (كعادتهم) في مكابرتهم وفي تضليل البسطاء الذين تخفى عليهم حقائق الأمور. وعلى رأسها حقائق هؤلاء المضللين، الذين يعيشون في وهم أنهم من يدير دفة علاقات مصر بالدول بحسب أهوائهم ومصالحهم. متجاهلين أن هذا التعامل الراقي من مسؤولينا وإعلامنا مع هذه القضية ما هو إلّا تقدير لعلاقات أخوية أزلية بين شعبين شقيقين. ولا بد هنا من الإشادة وبكل اعتزاز وفخر بمواقف سفير خادم الحرمين الشريفين أحمد قطان لدى القاهرة، الذي بذل الكثير من الجهد لتوضيح الحقائق وواجه بكل اقتدار جميع وسائل الإعلام سواء من خلال الحضور بينهم أو المداخلات الهاتفية مع كل البرامج (تقريباً) التي تطرقت لهذه القضية... حفظ الله بلادنا الحبيبة الغالية من شرور الحاقدين والمضللين. * كاتب سعودي. [email protected]