كشف تقرير المتابعة الرابع للسعودية في مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، الصادر عن مجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في 17 حزيران (يونيو) الماضي، أن عدد قضايا تمويل الإرهاب في المملكة خلال الفترة من 2009 وحتى 2013 بلغ 433 قضية متهم فيها 796 مواطناً و127 أجنبياً. وأوضح التقرير (حصلت «الحياة» على نسخة منه) أن السعودية قامت باعتماد إجراءات تنفيذية لتطبيق اتفاق الأممالمتحدة لمكافحة الجريمة (اتفاق باليرمو) من خلال القرار الوزاري رقم 2036 بتاريخ السابع من نيسان (أبريل) 2012، والذي ينص على قيام وزارة الداخلية بوضع الإجراءات اللازمة لتنفيذ اتفاق الأممالمتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة، وذلك بالتنسيق مع الجهات المعنية. وتضمنت الإجراءات الصادرة اعتبار الأفعال الواردة في الاتفاق جريمة في المملكة وفق الأوصاف الإجرامية في القرار الوزاري، وإخضاع الهيئات الاعتبارية للمسؤولية الجزائية أو المدنية أو الإدارية في حال المشاركة في ارتكاب إحدى الجرائم المنصوص عليها في الإجراءات من دون إخلال بالمسؤولية الجزائية للأشخاص الطبيعيين، كما تضمنت الإجراءات قيام الجهات المختصة باتخاذ التدابير الملائمة لتوفير المساعدة والحماية وتعويض الضحايا والشهود، وتوفير الحماية الجسدية والتدابير الخاصة للشهود على نحو يكفل سلامتهم، وبذلك - بحسب التقرير - تكون السعودية عالجت أوجه القصور المتعلق بهذه التوصية. وأضاف التقرير أن الرياض تشدد في تشريعاتها على تجريم تمويل الإرهاب، وأصدرت في هذا الجانب نظام جرائم الإرهاب وتمويله الصادر في 2013 بموجب الأمر الملكي رقم (أ/44)، والذي ينص في مجمله على تجريم جمع وتقديم الأموال للأعمال الإرهابية والمنظمات الإرهابية والإرهابيين بأية وسيلة، سواء أكانت الأموال من مصادر مشروعة أم غير مشروعة، والمعاقبة عليها، وامتداد المسؤولية الجنائية للشخص الطبيعي والاعتباري، وتعريف الأموال بشكل يتطابق مع الاتفاقات الدولية، واعتباره جريمة أصلية لجريمة غسل الأموال، وصنف التقرير السعودية في هذا الجانب ب«ملتزم إلى حد كبير». وأشار إلى أن المملكة أوجدت أساساً قانونياً لبعض أشكال التعاون الدولي من جهات إنفاذ القانون، إضافة إلى توقيع مذكرات تفاهم عدة مع الجهات الرقابية الدولية النظيرة، وانضمت إلى عدد من الجهات الإشرافية للمنظمات الدولية التي تعنى بتبادل المعلومات. وأكد التزام المملكة بتطبيق قرار مجلس الأمن رقم 1373، وأشاد التقرير بالتعديلات التي أدخلتها المملكة على نظام مكافحة غسل الأموال ولائحته التنفيذية، وتوسيع مهمات اللجنة المشكلة لتنفيذ طلبات المساعدة القانونية، واعتماد آلية عملها، إضافة إلى الإجراءات الخاصة بتنفيذ طلبات المساعدة القانونية المتبادلة بما يشمل طلبات المساعدة القانونية في المصادرة والتجميد، وتبادل المعلومات بين السلطات المختصة والجهات الأجنبية النظيرة. ونوّه التقرير بجهود السعودية في تعزيز عمل الجهات الرقابية على المؤسسات المالية وغير المالية، وتعزيز قدرات تلك الجهات من حيث زيادة عدد موظفيها، وإنشاء إدارات متخصصة في مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وتوفير التدريب للموظفين بشكل مستمر، وتكثيف الجولات التفتيشية وبرامج الفحص التي تطبق في هذا الجانب، وإيقاع العقوبات على المؤسسات المخالفة، وهو ما اعتبره التقرير مؤشراً على تحسن مستوى فعالية التزام المؤسسات المالية والأعمال والمهن غير المالية بالواجبات المفروضة عليهم. وقامت السعودية بتعزيز قدرات جهات إنفاذ القانون لديها، وزيادة تدريب منسوبي تلك الجهات بهدف تعريف العاملين فيها بطرق وأساليب تمويل الإرهاب وغسل الأموال، وأصدرت 158 حكماً بالإدانة في جرائم غسل الأموال - بحسب التقرير - خلال الفترة من 2010-2013. وقال التقرير إن السعودية وضعت الأساس القانوني لتطبيق قرار مجلس الأمن رقم 1373 وفق نظام جرائم الإرهاب وتمويله (المادة 32)، من خلال قيام اللجنة الدائمة لمكافحة الإرهاب في وزارة الداخلية بوضع الآليات اللازمة لتنفيذ متطلبات قرارات مجلس الأمن رقم 1267، و1373 والقرارات ذات الصلة، وإصدارها بقرار من وزير الداخلية، وقامت المملكة بإعداد الآلية، وصدرت الموافقة عليها بالأمر السامي رقم (25505) وتاريخ 14 نيسان (أبريل) 2012. وثمّن التقرير حرص السعودية وتشديدها على توفير محاكمات عادلة وناجزة للمتهمين في قضايا الإرهاب، مشيداً بقيام وزارة العدل بإصدار قواعد قانونية محددة لمكافحة وغسل الأموال وتمويل الإرهاب، بخاصة تلك المتعلقة بممارسة مهنة المحاماة، بموجب تعميم أصدرته في الرابع من كانون الأول (ديسمبر) 2011، وتعاميم أخرى عدة، من أهمها التعميم الصادر في 20 أيار (مايو) 2012 والمتعلق بزيادة التعاون بين وحدة التحريات المالية ووزارة العدل بخصوص الحصول على معلومات عن الأشخاص المشتبه بهم في مثل هذه الجرائم. ... وتدريب 190 من منسوبي «العدل» على آليات تجفيف منابعه أوضح التقرير أن وزارة العدل قامت بعقد عدد من الدورات التدريبية خلال الفترة من 2010-2013 بلغ عدد المشاركين فيها 190 متدرباً، كما عقدت الوزارة دورات تدريبية لكُتاب العدل خلال 2012 بلغ عددهم 60 كاتب عدل، وتدريب 80 كاتب عدل في 2013، وشارك عدد من موظفي الوزارة في دورات تدريبية عقدتها وحدة التحريات المالية في وزارة الداخلية. ونوّه التقرير بقيام وزارة العدل بحض وتشجيع المحامين السعوديين على التدريب والتوعية بمخاطر غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وبإصدار الوزارة دليل «جريمة غسل الأموال ودور وزارة العدل في مكافحتها»، مع ملحق تعريفي خاص بنظام مكافحة غسل الأموال ولائحته التنفيذية وتوصيات مجموعة العمل المالي، وتوضيح مخاطر هذه النوعية من الجرائم وطرق مكافحتها. وكانت السعودية أصدرت نظام جرائم الإرهاب وتمويله من 41 مادة، عرّفت خلاله الجريمة الإرهابية، بأنها «كل عمل يقوم به الجاني تنفيذاً لمشروع إجرامي فردي أو جماعي بشكل مباشر أو غير مباشر، يقصد به الإخلاص بالنظام العام، أو زعزعة أمن المجتمع واستقرار الدولة أو تعريض وحدتها الوطنية للخطر، أو تعطيل النظام الأساسي للحكم أو بعض مواده، أو الإساءة إلى سمعة الدولة أو مكانتها، أو إلحاق الضرر بأحد مرافق الدولة أو مواردها الطبيعية، أو محاولة إرغام إحدى سلطاتها على القيام بعمل ما أو الامتناع عنه، أو التهديد بتنفيذ أعمال تؤدي إلى المقاصد المذكورة أو التحريض عليها».