بات الأمر عادياً ومشهداً طبيعياً كل صيف... نجم من العيار الثقيل يداعب الكرة في ملعب «سانتياغو بيرنابيو» أمام حشد لا بأس به من جماهير النادي الملكي، يحلمون مع كل ركلة وضربة ولمسة لهذا النجم كيف سيكون الموسم الجديد. جيمس رودريغز آخر النجوم الجدد، كلف خزينة النادي نحو 75 مليون يورو، على غرار كل موسم، مثلما عود الرئيس الحالي فلورنتينو بيريز جماهيره، الذي بفضله بات يعرف النادي الملكي بال«غلاكتيكو» في مطلع الألفية، لكن يبدو الآن أن بيريز استوعب سوق الانتقالات أفضل من السابق، وبمردود مادي أكثر مما كان يحققه في السابق. كانت هناك طرفة متعارف عليها، وهي ليست بعيدة عن الحقيقة، بأنه إذا تأزمت الأمور المادية عند ميلان والإنتر واليوفي فانهم يعرضون نجومهم على الريال والبارسا بمبالغ ضخمة يسدون بها عجزهم، وطبعاً عملاق إسباني دائماً على استعداد للصراع على الأفضل مهما كلف الثمن. لكن في العامين الأخيرين، وتحديداً في حقبة بيريز الثانية، يبدو أنه استوعب درس سوق الانتقالات، وأيقن أن هناك وسائل أخرى لتدعيم خطوط الفريق بمجموعة من «الغلاكتيكو» مع ضمان عوائد مادية، لكن كيف؟ عندما أصبح بيريز رئيساً في الحقبة الأولى في 2000، ومع وعوده بتخليص النادي من ديونه وهيكلة بناه التحتية ودعم الفريق، فإنه نجح في ذلك، لكن سوق الانتقالات ظلت بحاجة إلى فهم أكبر، فمن الصعب استيعاب ضم نجم بمبالغ خيالية، وبعدها بعامين أو ثلاثة يسمح له بالرحيل، في مقابل أقرب إلى أن يكون لا شيء، فلويس فيغو باكورة انتقالات بيريز في 2000، جاء بصدمة من العدو التقليدي بنحو 50 مليون يورو، لكن في 2005 رحل إلى الإنتر في مقابل لا شيء، والسبب أنه تعدى ال30 من عمره، وبالتحديد كان في ال33 من العمر، فان قيمته السوقية بحسب بيريز لا تساوي شيئاً، على رغم أنه لعب أكثر من 100 مباراة مع الإنتر، وبقي معه زهاء أربعة أعوام بعد رحيله عن الريال. السبب يكمن في سن «الغلاكتيكو» الجديد، ففي العام التالي 2001 جاء النجم الفرنسي زين الدين زيدان بما يقرب من 75 مليون يورو من يوفنتوس، نعم كان في ال29 من عمره، وعلى رغم روعة ما قدمه في أعوامه الخمسة مع الريال، إلا أنه أعتزل مع النادي ولم يدر أي مردود مادي لناديه. وفي 2002 جاء نجم المونديال حينذاك البرازيلي رونالدو في مقابل 46 مليون يورو من الإنتر، على رغم ماضيه المليء بالإصابات، وبعد خمسة أعوام رحل إلى ميلان في مقابل ثمانية ملايين يورو فقط. تلاه ديفيد بيكهام وفابيو كانافارو، وكلاهما أيضاً رحلا مجاناً بعد أعوام قليلة من دون أي عائد مادي. لكن في الحقبة الرئاسية الثانية لبيريز في 2009، اختلف الأمر بعض الشيء، فنوعية «الغلاكتيكو» أصبحت أصغر سناً، فكريستيانو رونالدو الذي كلف خزينة النادي رقماً قياسياً عالمياً حينذاك، يقدر بأكثر من 90 مليون يورو، كان في ال24 من عمره، ويدرك الريال أن باستطاعته تعويض هذا المبلغ غداً إذا أراد بيعه، على رغم مرور خمسة أعوام على قدومه، ومع ذلك يظل ما حققه للنادي من شهرة وألقاب وإثارة تساوي هذا المبلغ، على رغم أن خطأ بيريز الكبير في العام ذاته كان ضم كاكا من ميلان بأكثر من 60 يورو، لأنه بعدها بأربعة أعوام عاد إلى ميلان مجاناً. حتى جاء 2010 ليمثل نقلة نوعية هائلة في نظرة بيريز وإدارة الريال عموماً إلى سوق الانتقالات، فبعد كل كأس عالم نجد أبرز نجوم المونديال في الريال، فجاء مسعود أوزيل وسامي خضيرة بأقل من 15 مليون يورو لكل منهما، لكن الأهم في النظرة الجديدة، هي التفكير في إعادة البيع، وربما من المرات القليلة التي يحصل الريال على أرباح صافية من بيع أحد نجومه، فما دفعه أرسنال في ضم أوزيل (50 مليون يورو) ما زال رقماً قياسياً يدخل خزينة النادي الملكي من بيع أحد نجومه، وإذا بيع خضيرة سيحصل على أرباح صافية، مثلما حصل من بيع المهاجم الأرجنتيني غونزالو هيغوين إلى نابولي الموسم الماضي، ومن المتوقع أن يحصل على أرباح كبيرة أيضاً في حال باع الجناح الأرجنتيني أنخيل دي ماريا. وتكرست هذه الفكرة عندما حطم الريال الرقم العالمي بضم غاريث بيل، لكنه ضم لاعباً ابن 23 عاماً ذا موهبة غير عادية، وفي مثل سنه جاء الكولومبي جيمس، لتتأكد الفكرة الجديدة عند بيريز في سوق الانتقالات، والتي أصبحت أكثر نضجاً ومنطقية.