ذكرت الصحف المحلية خبراً غريب المحتوى عبارة عن نصيحة لرجل يعمل في إصلاح ذات البين ويعرّف نفسه بالمستشار الاجتماعي بتطليق زوجة رجل اشتكى له عبر الأثير من أنه تزوج بامرأة تعمل، يعني لديها وظيفة، ووافق على عملها بشرط ألا يتعارض مع واجبات الأسرة ورعاية الأطفال، وأخبرته الزوجة بأنها مطالبة بحضور مؤتمر علمي تابع لعملها، فرفض وخيرها بين حضور المؤتمر أو رعاية المنزل، لأنه شعر بأن رجولته أهينت بهذا الطلب وهذا التفضيل والإصرار، وفوجئ بها تتصل به من المطار لتخبره بأنها قررت السفر لحضور المؤتمر المهم. وطلب من سعادة المستشار النصيحة، فنصحه بطلاقها تأديباً لها (على حضور المؤتمر وتفضيلها عملها عن رعاية أسرتها) فوافق الزوج لأن النصيحة وافقت شيئاً في نفسه. واستدرك الأخصائي الاجتماعي النصيحة بأن له أن يعيدها لعصمته عندما تبدي الندم على فعلتها، ثم وجه خطابه إلى النساء بأن عليهن (هن) أن يتّقينَ الله في أزواجهن، ويحرصن على عدم الانسياق لدعاوى التغريب وعدم تقليد الغربيات في حضور المؤتمرات الخاصة بالعمل. بالطبع أرفض أن تسافر المرأة من دون إذن زوجها، ومن دون معرفته، ولكني بنفس القوة أرفض أن تتعرض المرأة لابتزاز عاطفي واجتماعي وثقافي كلما رغبت أو أجبرت على حضور مؤتمر أو فعاليه ثقافية محترمة بعلم زوجها، وبنفس المنطق أرفض أن يسافر الرجل من دون إعلام أو أذن زوجته، لأنها الأكثر تضرراً في غيابه، لاسيما وأنه قد يكون مصدر التنقل الوحيد، ومصدر الدخل الوحيد، وغيابه بشكل مفاجئ يؤثر في كل ما يخص الأسرة. أنا هنا لا ألوم الزوج على رغم أنه من المؤكد سأل عن طبيعة عمل زوجته عند زواجه، وعرف باحتمالية أن تكون مطالبة بحضور فعاليات أو مؤتمرات وغيرها. موضوع رعاية الأطفال موضوع مهم لا خلاف فيه، ولكن يوماً أو يومين لن تؤثر في رعاية الأطفال لو تطوع الزوج مع أن هذا أيضاً من واجباته بالبقاء معهم فترة غياب والدتهم، أو تدبير من يرعاهم إذا لم يتمكن من ذلك. عجبي ينصب في المقام الأول على المستشار الذي يهتم بالأسرة، وهمه الوحيد عدم هدم البيوت! عجبي لنصيحته، وعجبي لفكره، أن متى كان الطلاق تأديباً؟! الطلاق هو حل مشروع لمشكلات لا تنتهي، ولا ينبغي تسليطه كسيف على رقبة المرأة في كل تصرفاتها حتى نسقط عليها أنها السبب في هدم بيتها وتشريد أطفالها! عجبي أنه لم يلجأ لتطييب خاطر الزوج وإرشاده إلى ضرورة دعمه لعمل زوجته، وضرورة إخبارها بغضبه منها حتى تعود وتشرح له اضطرارها لذلك، لاسيما وأنها اتصلت به لتخبره بسفرها. إلى متى تظل المرأة الحائط المائل الذي نسقط عليه كل غيرتنا وكل خيباتنا؟! [email protected] s_almashhady@