تحت عنوان «الفكر العربي-الإسلامي في أوروبا: الواقع والدور»، عقدت في جدّة الدورة الثالثة من الندوة السعودية-الفرنسية لحوار الحضارات التي تنظمها وزارة التعليم العالي ممثلة بالملحقية الثقافية السعودية في باريس وبالتعاون مع جامعة الملك بن عبد العزيز. خلال افتتاحه هذه الدورة، أكد وزير التعليم العالي خالد العنقري أن الحوار غدا لغة العصر وهو مطلوب على كل المستويات بعدما أصبح أمراً حتمياً لمناصرة العدالة في مواجهة الظلم والاستبداد والسلام والأمن، في مواجهة الصراعات والحروب. واعتبر الوزير أن الحوار هو أفضل السبل لخدمة البشرية في ظل نظام أصبحت كل شعوب العالم ودوله أشبه بقرية كونية واحدة. الدكتور العنقري بما تحقق من خلال الدورتَين السابقتَين اللتين نتج عنهما تبنّي مجموعة من التوصيات، ومنها إنشاء -وتفعيل- كرسيين علميين في مجالات الاقتصاد الإسلامي وحوار الحضارات بين جامعة السوربون الأولى، وجامعتي الملك عبدالعزيز والإمام محمد بن سعود الإسلامية. واقترح الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي عبدالله بن عبد المحسن التركي، مبادرةَ خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود المتعلقة بالحوار بين أتباع الأديان والحضارات، وأشار الى أن هذه المبادرة لقيت ترحيباً من الكثير من الدول والشخصيات والهيئات الممثلة لمختلف الأديان والثقافات في العالم. وأضاف مؤكداً أنّ رابطة العالم الإسلامي على استعداد للتعاون في هذا المجال، وترحب بكل ما ينمّي العلاقات الإسلامية-الأوروبية وغيرها، وأنّ للجامعات ومراكز البحث دوراً محورياً في تعزيز الحوار والتواصل الثقافي والمعرفي بين العالمين الإسلامي والأوروبي، على اعتبار أن مجال البحث العلمي هو فضاء إنساني مشترك. ثلاثة محاور تمحورت الدورة حول ثلاثة محاور أساسية: المحور الأول، الدراسات العربية-الإسلامية في الجامعات الفرنسية والأوروبية، ترأسها عبدالله بن علي الخطيب، وتناول موضوعات عدّة، منها: «حضور الفكر العربي-الإسلامي في القانون الدولي» لمارسيل أندريه بوازار (مدير «جمعية الإسلام الثقافية الدولية في الغرب» ومركزها جنيف) الذي أكد على المساهمة الحضارية للثقافة العربية-الإسلامية في الغرب. هذه المساهمة، وفق رأيه، حاضرة في مختلف المجالات وموثقة بشكل علمي، وهي لم تخضع للسجال السياسي الذي ساد مؤخراً في فرنسا والمتعلق بالحضور العربي والإسلامي فيها. من هنا، فإن بوازار يضع الثقافة العربية-الإسلامية في سياق حوار الحضارات، ومن أوجه مكوّنات هذا الحوار التأثير المحتمل للإسلام على مؤسسي القانون الدولي العام في الغرب. كما يدعو إلى تحليل معمّق للمفاهيم العربية-الإسلامية وقدرتها على المشاركة في إيجاد حلول لمشاكل عصرنا على مستويات عدة، وفي مقدمها القانون والبيئة والنموّ المستدام. توصيات جاءت التوصيات لتكشف عن هذا الهاجس انطلاقاً من رؤية المشاركين وأهمية دور الجامعات والميدان الأكاديمي في نشر العلم والمعرفة، وسعياً إلى تحقيق أهداف هذه الندوة لتشييد القيم المشتركة ونشر ثقافة الحوار والتعاون العلمي. ومما أوصى بها المشاركون: السعي نحو تأسيس هيئة استشارية بين الجامعات السعودية والفرنسية تشرف عليها وزارة التعليم العالي وتهدف إلى تفعيل الجانب العلمي والثقافي لمبادرة خادم الحرمين الشريفين في دعم مسيرة الحوار والتقارب والتعايش بين الشعوب، مع اقتراح الآليات المناسبة لإتمامها. من التوصيات أيضاً، السعي إلى إنشاء كرسي علمي في مجال الترجمة لتشجيع أعمال الترجمة ونقل النتاج العلمي والفكري والأدبي من وإلى اللغتين العربية والفرنسية، والتركيز على كل ما من شأنه التقارب بين الحضارات وإبراز الإرث والمنجز الإنساني المشترك. يأتي في هذا السياق، دعم الإنتاجات العلمية المشتركة والتشجيع على النشر العلمي بين الجامعات السعودية والفرنسية، والسعي إلى عقد دورات تدريبية ولقاءات في الجامعات السعودية والفرنسية، والعمل على ترسيخ ثقافة الحوار بين الطلبة وتقارب ثقافاتهم وحضاراتهم المتنوعة لاسيما من خلال تبادل المطبوعات والزيارات.