حذر مصطفى عبدالجليل الرئيس السابق للمجلس الوطني الانتقالي في ليبيا من أن ليبيا قد تذهب إلى التقسيم وتستولي دول على أجزاء منها، إذا لم يتم التوصل إلى حلول للنزاعات المسلحة القائمة. وشدد عبدالجليل في حوار مع «الحياة» من مقر إقامته في البيضاء أنه لا يجب إخراج ميليشيات الزنتان من مطار طرابلس لتدخله ميليشيات مماثلة، وإذ شرح معاني المبادرة التي طرحها بطلب من الحكومة ودعماً لمجلس أعيان ليبيا، شدّد على ضرورة إسناد شؤون البلاد بالكامل إلى مجلس النواب المنتخب. وهنا نص الحوار وظروفه: اتصلت هاتفياً بالرقم الخاص بالمستشار مصطفى عبدالجليل الذي كان في مسقط رأسه البيضاء فأجابني أحد أعوانه . وعندما أبلغته سبب الاتصال أحالني على المستشار وبعد التهنئة بعيد الفطر بادرت إلى القول: أصدرتم بياناً أمس، ولم ترشح معلومات عن ردود الفعل تجاهه فهل لكأن تطلعنا على ذلك؟ - يا سيدي، كلفنا من قبل القيام بهذه المهمة. في الحكومة حاولوا وجاؤوا إلى البيضاء، وفهمنا منهم أن مجلس أعيان ليبيا تدخلوا في الموضوع وخطوا فيه خطوات معقولة. وتوصلوا إلى جمع الطرفين. تواصلنا مع السيد محمد المبشر البوسيفي رئيس مجلس أعيان ليبيا، وقلنا له الآتي: طبعاً اللجنة التي شكلتها الحكومة كانت من سبعة أشخاص اعتذر منهم عبدالجواد فرج محمد، والآخرون هم محمد مجيحيد ومحمد سعد العلّام وإدريس فضيل وفرج سعد بوخروبة وإبراهيم عمر وأنا. تحدثنا مع السيد محمد المبشر وسألناه إلى أين وصلتم، وما المطلوب؟ قال: نحن تواصلنا مع الطرفين. والطرف الغربي (غرب طرابلس) قال أنا غير مستعد للخروج من مطار طرابلس الموجود فيه منذ يوم 20/8/2011، ومستعد للرجوع إلى الجبل وتسليم سلاحي لأي جهة عسكرية موجودة فيه، ولا أسلمه لرئاسة الأركان ولا لطرابلس. بل نسلمه للجهة العسكرية الموجودة في الزنتان ولكن بشرط أن يخرج الطرف الآخر أيضا من قاعدة معيتيقة ومن طرابلس ويسلم أسلحته الثقيلة لأي جهة رسمية في مصراتة أو أي جهة أخرى. وقال المبشر: هناك بعض الصعوبات في ما يتعلق ببعض المطالب من الجهة الشرقية (سوق الجمعة). طبعاً، أنت تعرف أنه غير مصراته هناك سوق الجمعة والخمس وزليطن وغيرها لديها بعض المطالب، ونحن الآن بصدد إرسال وفد من أهالي الزاوية إلى مصراتة للوصول إلى حل لهذه المشكلة. نحن لا نريد تصدر المشهد بمقدار ما نريد الوصول إلى حلول لهذه المشكلة الكبيرة التي أضرت بالسمعة الليبية، وأضرت بالاقتصاد الليبي وأضرت بثورة ليبيا. وقيل لنا أصدروا بياناً يساند ويثمن ما انتهت إليه خطوات مجلس أعيان ليبيا... ونحن الستة أصدرنا البيان ووقعنا عليه. تقصد البيان الذي بثته وكالة الأنباء الليبية؟ - اجتمعنا وقلنا نحن نساند ما انتهى إليه مجلس أعيان ليبيا من الخطوات وتتمثل في وقف القتال والخروج من طرابلس. اتصلت مع السيد محمد المبشر وقلت له: الليبيون كلهم إخوتنا وشركاؤنا في هذه الثورة وكلهم أولادنا، ويهمنا الوطن فأين وصلتم؟ قال لي: والله ما زال هناك نوع من التعنت تجاه القعقاع والصواعق... هناك طلب من الجهة الشرقية يقول إن تلك المجموعات لا بد من أن تحلّ وتحال للخدمة المدنية. نحن أضفنا طلباً آخر وهو تمكين مجلس النواب من تسلّم السلطة والاضطلاع بمهامه الوطنية. ونحن نعلم جيداً أن مجلس النواب على طاولته مواضيع عدة من ضمنها إلغاء كل الدروع وغرفة ثوار ليبيا وكل المسميات التي تتعارض مع وجود الجيش ووجود الشرطة. المساعي التي يقوم بها مجلس أعيان ليبيا هي مساعٍ مشكورة، وقد تواصلوا مع الأشخاص في مصفاة الزاوية وعرضوا خطوات ما زالت محل بحث ومحل جدل بين الشركاء... ماذا عن واقع الحال في مطار طرابلس؟ - وجود الزنتان في مطار طرابلس منذ 20/8/2011 حتى هذه اللحظة هو وجود غير شرعي وغير وطني وغير قانوني. استغلوه ولم يقاومهم أحد في مطار طرابلس. لم يقم أي فرد من أعوان معمر القذافي بتفجير أي طائرة، ولا بتفجير مستودعات النفط، بالتالي استلموه من دون أي قتال. وكنا نعتقد أن همهم الوطن، لكن من الواضح أن همهم مصلحتهم وهمهم الطمع. بقوا ثلاث سنوات ونصفاً في هذا المكان يستبيحون المزارع والاستراحات والمطار. لكن، لا يمكن أن تخرجهم الجهة الأخرى التي جاءتهم من كل حدب وصوب وهمها فقط أن تستولي على هذا المكان تحاول استغلاله كما استغلته المجموعة السابقة. نحن قلنا في بياننا أيضاً: «إذا لم يلتزم الطرفان وركبوا رؤوسهم فنحن عندنا من وسائل الضغط ما يجعل من أولئك الذين يسمون أنفسهم أبطالاً، أقزاماً». الآن كل الناس يسألون عن هذه الفقرة التي تقولون فيها: قد نكون مضطرين للانتقال بمفهوم هذا البيان إلى مرحلة أخرى... هذه الفقرة في البيان غير مفهومة وتحتاج إلى توضيح. - ستسمعون على الطبيعة... الجماهير هي التي ستحكم وتتحكم في كل الأمور. نحن جمعنا أهالي المنطقة الشرقية بقبائلها وأولادها، وهم الآن بإذن الله تعالى سيقومون بالتوجه إلى بنغازي لطرد المتشددين منها وكسر شوكتهم، ونتواصل مع قبائلنا في المنطقة الغربية، بخاصة في طرابلس للزحف على طرابلس وتخليصها من هؤلاء الشراذم حتى لو كان الذين استقروا في مطار طرابلس العالمي الآخرون الذين يحاولون أن يستولوا على هذا المطار بطرق أضروا بها بمقدرات الشعب الليبي كافة. حصل التدخل الدولي في ليبيا بمبرر «حماية المدنيين» على رغم أنه في تلك الفترة لم يقتل من المدنيين على يد كتائب القذافي الأعداد التي قتلت في الحرب الدائرة حالياً في بنغازي أو في طرابلس وغيرهما من المدن... فلماذا لم يفعل هذا البند ويتدخل المجتمع الدولي لحماية المدنيين؟ - المجتمع الدولي تدخل بناء على طلبنا نحن كمسؤولين في ذلك الوقت، وبناء أيضاً على طلب جامعة الدول العربية. الآن لم يطلب الليبيون مثل هذا الطلب... ولو طلب الليبيون ذلك لتدخل المجتمع الدولي بناء على طلب الدولة. ونتمنى من الله سبحانه وتعالى أن يعي الليبيون الحالة التي تعيشها ليبيا. لقد قلنا في البيان إنه ستحصل أشياء أقل شيء فيها التدخل الأجنبي. وهناك أشياء أخرى «كارثية» ربما تحصل فالوطن قد يقسم... وربما يذهب كل قسم إلى دولة معينة. بيان أعيان ليبيا أذاعت وكالة الأنباء الليبية بياناً من المستشار مصطفى عبدالجليل رئيس الفريق الذي كلفته الحكومة الموقتة التواصل مع الأطراف المتقاتلة في طرابلس وما حولها ووضع قواعد لوقف الاقتتال وفك الاشتباك بين الأطراف. ومما جاء في البيان: «تعلمون أن بلادنا الحبيبة، تمر اليوم بمأزق حقيقي، ومنعطف خطير يتمثل في حركة التدمير والتخريب الممنهجة، من قبل جماعات - وخاصة في غرب البلاد - لا تسمع نصحاً ولا تذعن لقانون. وحيث إن كافة العقلاء وأهل الحكمة والرأي، يزعجهم ما يتعرض له الوطن من إزهاق للأرواح وتدمير الممتلكات واستهداف لمقدرات البلاد، الأمر الذي يعرض الوطن كله لمخاطر تتجاوز حدود الخيال، ربما يكون أقلها ضرراً، احتمال تقسيم البلاد ثم التدخل الأجنبي في شؤونها الداخلية. عليه، فإننا في المنطقة الشرقية نهيب بإخواننا في الدين وشركائنا في الوطن والمصير في ليبيا كلها وخاصة في غرب البلاد أن يحكموا العقل ويلتمسوا الحلول ما يكفل للجميع الآمن والاستقرار، متفادين تحويل البلاد إلى ساحة صراعات الأجندات دولية. إننا نتابع باهتمام بالغ ما يقوم به مجلس أعيان ليبيا من جهود مشكورة لوقف القتال بين الأشقاء وتخريب الممتلكات وتدمير مقدرات هذا الشعب العاجز المسكين وإلحاقاً لجهودهم ومساندة لهم، فإننا نعلن ضرورة الالتزام بما توصلوا إليه من مقترحات تتمثل في ما يأتي: 1- وقف الاحتكام إلى السلاح فوراً محافظة على الأرواح والممتلكات العامة والخاصة. 2- تسليم الأسلحة الثقيلة إلى أقرب معسكر للجيش من دون إبطاء، وإخلاء العاصمة من كافة التشكيلات المسلحة. 3- إيقاف كل الإجراءات الإدارية والعسكرية والسياسية وإسناد شؤون البلاد بالكامل إلى مجلس النواب المنتخب الذي يجب أن يدعى للانعقاد في أقرب فرصه ممكنة في بنغازي. 4- الالتزام بمقتضيات الدين والعقل والوطنية والحضارة والتهذيب والجلوس الفوري إلى طاولة الحوار...».