بعد قضائه عاماً كاملاً خلف القضبان، أطلق أول من أمس سراح الصحافي المغربي رشيد نيني مدير صحيفة «المساء»، الجريدة الأوسع انتشاراً بين الصحف المغربية. وكان عشرات المتضامنين مع نيني اعتصموا أمام سجن عكاشة في الدارالبيضاء منذ منتصف الليل تحسباً للإفراج عنه. لكن إدارة السجن عمدت إلى الإفراج عنه في حوالى الساعة الثالثة فجراً أي قبل أربع ساعات من الموعد المقرر. واعتبرت اللجنة الوطنية للتضامن مع رشيد نيني قرار إدارة السجن أنه «تهريب للصحافي» ومحاولة للحؤول دون الاحتفاء الشعبي به أمام مقر السجن. وأضافت اللجنة أن سلوك الإدارة المغربية مع نيني يعني حرمانه من الحصول على «دعم شعبي واسع». لكن اللجنة حوّلت الاحتفاء إلى بيت رشيد نيني في مدينة بن سليمان غرب العاصمة الرباط حيث لاحظت «الحياة» مشاركة مئات من مناصريه ولافتات كبيرة عُلّقت عليها صور الصحافي وعبارات تضامن معه من قبيل «كلنا نيني». ووصف استقباله ب «استقبال الأبطال»، في إشارة إلى ما يُخصص عادة للمنتخب المغربي من احتفالات بعد عودته بنصر كروي مهم من بلاد أجنبية. وقد عمدت العائلة إلى إحضار فرقة شعبية كانت تغني أهازيج متنوعة وسط هتافات وتضامن المتفرجين. وعبّر نيني الذي ألقى كلمة وسط الحضور عن إدانته لاعتقاله وملاحقته وفق القانون الجنائي، متمنياً أن يكون آخر صحافي مغربي يُحكم عليه بالسجن مع التنفيذ. وشكر من تضامنوا معه وساندوه في محنته التي استمرت عاماً حُرم فيها من وسائل الكتابة. كما شكر «حركة 20 فبراير» الاحتجاجية لإصرارها على رفع قضيته في كل التظاهرات التي كانت تنفذها عبر البلاد. وكان لافتاً حضور الفكاهي المغربي المعارض محمد السنوسي المعروف ب «بزيز» الممنوع بدوره من الظهور في قنوات الإعلام العام. وقال السنوسي إن الإفراج عن رشيد نيني يأتي وسط غياب لحرية التعبير والرأي في المغرب. وكان رشيد نيني دين بالسجن سنة مع التنفيذ بتهمة «تحقير مقررات قضائية». غير أن وقائع محاكمته التي تمت في حضور مئات المحامين، وفي مقدمهم وزير العدل الحالي مصطفى الرميد والنقيب السابق محمد خليفة القيادي البارز في حزب الاستقلال والناشط الحقوقي خالد السفياني، أبانت عن خلفيات سياسية كانت وراء اعتقاله، ليس أقلها أنه كتب انتقادات ضد شخصيات نافذة في محيط القصر الملكي ومراكز أمنية. وعلى رغم أن وزير العدل والحريات مصطفى الرميد التمس بعد تعيينه إفادة الصحافي نيني من العفو، فإن مساعيه باءت بالفشل، ما يحمل على الاعتقاد بأن اعتقاله أريد لإخراس «صوت مزعج» يحظى بدعم شرائح واسعة من القراء بخاصة وأن صحيفة «المساء» التي كان يديرها سجّلت الرقم الأول من حيث انتشار الصحف المغربية. غير أن المؤسسة الإعلامية التي كان يشرف عليها اضطرت بعد سجنه إلى توقيف منشورات أسبوعية باللغتين العربية والفرنسية.