منذ أن أوقعتهم قرعة الدور نصف النهائي لدوري أبطال أوروبا لكرة القدم في مواجهة ريال مدريد، وعد لاعبو بايرن ميونيخ بتحقيق حلم رئيس مجلس أمناء النادي «البافاري» أولي هونيس، أي أن يصبح بايرن أول نادٍ يخوض نهائي المسابقة المقرر السبت 19 أيار (مايو) على أرضه، ويحرز اللقب للمرة الخامسة في تاريخه. فخلال الجمعية العمومية للنادي التي انعقدت في الأول من كانون الأول (ديسمبر) 2010، أطلق هونيس حملة النهائي عام 2012 في «أليانز أرينا»، و«مهما كلّف الأمر علينا أن نكون طرفاً في هذه المباراة». بلغ بايرن النهائي الأوروبي للمرة التاسعة في تاريخه والثانية في الأعوام الثلاثة الأخيرة وحقق لاعبوه نصف الوعد الذي قطعوه. علماً بأنه لم يسبق لأي فريق أن توّج بلقب المسابقة التي انطلقت بصيغتها الجديدة في موسم 1992 - 1993، على أرضه. وكان إنتر ميلان الإيطالي آخر فريق يتوّج بين جماهيره عندما حصد لقب كأس الأندية البطلة (التسمية السابقة للمسابقة) عام 1965 على ملعبه «سان سيرو»، بفوزه في النهائي على بنفيكا البرتغالي بهدف من دون رد. قبل أيام من المباراة المنتظرة، سيدشن بايرن ميونيخ في مقره قاعة تفاعلية مساحتها 3 آلاف متر مربع تضم محتويات ومقتنيات من تاريخ النادي منها الكرة التي خاض بها نهائي كأس الأندية البطلة أمام سانت إتيان الفرنسي (1 – صفر) عام 1976 في غلاسكو، وحائطاً ل16 من مشاهير الفريق بحسب اختيار أنصاره، بينهم الفرنسي الدولي بيكسنتي ليزارازو (272 مباراة من 1997 إلى 2004، و2005 – 2006)، وهو الأجنبي الوحيد في هذه «القائمة المختارة». يعتبر هونيس (60 سنة) حامي اللاعبين، ويؤكد هذه الصفة المهاجم الفرنسي فرانك ريبيري، الذي حظي باحتضان منه عام 2010 خلال أزمته على أبواب كأس العالم في جنوب أفريقيا، والعاصفة الاعلامية التي واجهها بسبب فضيحة فتاة الهوى زاهية. فقد استضاف هونيس ريبيري في دارته على بُعد 45 دقيقة من ميونيخ، ثم منحه عقداً ل5 سنوات ليصبح من الأفضل أجراً في «البوندسليغا» (10 ملايين يورو في السنة). هونيس هو بمثابة الوالد الثاني لريبيري، خصوصاً انه حاضر دائماً في الملمات. ويؤكد هذه الجهوز مواطنه ليزارازو، فهو «صاحب طريقة خاصة في المناقشة والمفاوضات، يحرص أن تكون وجهاً لوجه، وينهي أي مسألة مهما كانت مستعصية في 10 دقائق». وبفضل هونيس الذي أمضى 30 عاماً في منصب المدير العام لبايرن، أصبح النادي الأكثر تتويجاً في ألمانيا (22 لقباً للدوري) عائلة كبيرة، تضم هيكليته الإدارية 14 من اللاعبين السابقين، كما أن أجانبه السابقين أصبحوا رسلاً وكشافين له في بلدانهم. ويعتمد هونيس «سياسة» احتضان الأعضاء الذين يمرون في أزمات والأخذ بيدهم. وهذا ما فعله عام 1991 مع الهداف الأسطورة غيرد مولر (365 هدفاً بين 1964 و1979)، إذ أنقذه من براثن إدمان الكحول ومنحه راتباً شهرياً مدى الحياة تقديراً لعطاءاته وعيّنه مدرباً مساعداً للفريق الاحتياطي. ومن مفاعيل «سياسة هونيس» أن بايرن بات النادي الأكثر ملاءة في أوروبا. فاللاعب الدولي السابق الذي أمضى 8 سنوات في صفوف الفريق «البافاري» ودافع عن ألوان نورمبرغ على سبيل الإعارة، كان نجا من حادثة تحطّم طائرة عام 1982، وهو اعتزل في سن ال27 عاماً 1979 بسبب مشكلات في الركبة. وتولّى في العام ذاته إدارة بايرن الذي كان غارقاً في خسائر مالية تقدّر ب11 مليون مارك وقتذاك (نحو 6،3 مليون يورو). وبعد 33 عاماً، حققت أعمال النادي 350 مليون يورو، ولم تسجل موازنته أي خسائر إلا في موسم 2003 – 2004 (3،4 مليون يورو). عرف هونيس التتويج أوروبياً مع بايرن على حساب أتلتيكو مدريد عام 1974 وسجل هدفين في مرماه. هو «الإداري الممتاز وصاحب الرؤية»، كان من القلائل الذين حذروا من خطر إفلاس الأندية لإفراطها في التعاقد مع لاعبين بمبالغ خيالية. وبعد 10 سنوات أضحى بايرن وحده بين الأندية الكبرى غير مديون ويعيش استقراراً مالياً. هونيس هو أيضاً رجل أعمال ناجح، يملك منذ عام 1983 مؤسسة لإنتاج النقانق تضم حالياً أكثر من 200 موظف، أضافت شبكة «ماكدونالدز» للوجبات السريعة إلى قائمة أطعمتها في بافاريا وجبة «أوليس نورمبرغ» أي نقانق نورمبرغ الخاصة بمؤسسته غير البعيدة عن أجواء عائلته التي أمتهنت تجارة اللحوم والجزارة. وتولى هونيس سابقاً المحاسبة فيها وتعلّم الا ينفق أبداً أكثر مما يربح، مبدأ يطبّق بحذافيره في بايرن. لكن هونيس في الوقت عينه معطاء وناشط اجتماعياً، فقد تبرّع من حسابه الخاص بمبلغ 100 يورو لضحايا كوسوفو، ويثابر على تنظيم مباريات لصالح الأعمال الخيرية يكون بايرن طرفاً فيها.