على رغم مرور 37 عاماً على رحيل العندليب الأسمر عبدالحليم حافظ (1929-1977) إلا أنه مازال حاضراً ليس فقط في أذهان معاصريه بل أيضاً في أذهان الشباب الذين لم يعرفوه إلا من خلال أغانيه وأفلامه السينمائية. أو هذا على الأقل ما يؤكده الكاتب الصحافي أسامة مقلد في كتابه «سينما حليم»، حيث يضيف: «فأنا من مواليد 1989، أي بعد وفاة عبد الحليم حافظ ب 12 عاماً، وبالتالي أنا من جيل لم يعاصر حليم، وفي الوقت ذاته حليم موجود معه دائماً.. معه في جميع اللحظات الحلوة والمرة التي يعيشها.. في لحظات النجاح بأغنية «وحياة قلبي وأفراحه»، وفي عيد الميلاد ب «عقبالك يوم ميلادك»، وفي أوقات الحب ب «أول مرة تحب» و «بتلوموني ليه»، كما في أوقات الفراق ب «كان فيه زمان قلبين» و«في يوم من الأيام»، وفي وقت المعركة ب «خلّي السلاح صاحي» و «فدائي»، وفي وقت النصر ب «الله يا بلدنا الله» و «عاش اللي قال»، وفي وقت الهزيمة ب «عدّى النهار» و «أحلف بسماها وبترابها».. كما كان معنا في ثورتنا «25 يناير» ب «صورة». ويكشف مقلد قائلاً إنه «في فترة الخمسينات قام حليم بالغناء في الأفلام على طريقة «الدوبلاج» حيث شارك بصوته فقط في فيلم «بعد الوداع» عام 1953 بأغنية «ليه تحسب الأيام»، وفي فيلم «بائعة الخبز» بأغنية «أنا أهواك وأعيش في هواك» بمشاركة المطربة برلنتي حسن، وأخيراً في فيلم «فجر» عام 1955 بأغنية «لو كنت يوم على قلبي تهون». وفي مجال التمثيل السينمائي، قدم حليم 16 فيلماً بداية من «لحن الوفاء» (1955) حتى «أبي فوق الشجرة» (1969) وكان يختار الأدوار التي تعبر عنه، وعن غالبية الشباب وقتها، فوجد استجابة من شباب الجيل وتعاطفوا معه، لأنه استطاع أن يعبر عنهم بكل صدق. المرحلة الأولى 1955-1958 في هذه الفترة قدم حليم أفلام «لحن الوفاء»: «أيامنا الحلوة» و«أيام وليالي» و«ليالي الحب» (1955)، ثم «موعد غرام» و «دليلة» (1956)، وبعدها «بنات اليوم و«الوسادة الخالية» و«فتي أحلامي» (1957)، ففيلم «شارع الحب» (1958). ويوضح الكاتب أنه في هذه المرحلة قدم حليم أغاني الأفلام بالشكل المعتاد عليه في أفلام محمد عبدالوهاب وفريد الأطرش ومحمد فوزي، لكنه استطاع أن يغير من نمط التقليدية أيضاً في أغان مثل «على قد الشوق و «تعالى أقولك» في فيلم «لحن الوفاء»، و «الحلو حياتي» و «هي دي هي» في فيلم «أيامنا الحلوة»، و «توبة» و «أنا لك على طول» في فيلم «أيام وليالي»، و «يا سيدي أمرك» في فيلم «ليالي الحب»، و «إحنا كنا فين» في فيلم «دليلة». المرحلة الثانية: 1959- 1966 قدم حليم في تلك المرحلة – وفق الكاتب - أفلام «حكاية حب» (1959)، «البنات والصيف» (1960)، و «يوم من عمري» (1961)، و «الخطايا» (1962)، و «معبودة الجماهير» (1067)، وأخيراً «أبي فوق الشجرة» (1969). وكانت نقلة جديدة في حياة حليم الفنية، سواء في قصة الفيلم أو طريقة تقديم الأغاني، فقد استطاع أن يغير كثيراً من نوعية الأغاني التي كان يقدمها في أفلامه السابقة، ونرى ذلك في فيلم «حكاية حب» (1959)، وأغاني «نار» و «في يوم في شهر في سنة»، وفيلم «يوم من عمري» (1961)، وأغاني «ضحك ولعب وجد وحب» و «خايف مرة أحب» و «بعد إيه»، وفيلم «الخطايا» (1962)، وأغاني «وحياة قلبي وأفراحه، و «لست أدري» و «قوللي حاجة»، وفيلم «معبودة الجماهير» (1967)، وأغاني «أحبك» و «جبار» و «بلاش عتاب» وفيلم «أبي فوق الشجرة» (1969)، وأغاني «قاضي البلاج» و «يا خليّ القلب» و «أحضان الحبايب». ويشير مقلد: «قبل دخول حليم عالم السينما، أي خلال ال23 عاماً التي تم تقديم أفلام غنائية فيها لكبار مطربي هذه الفترة، كانت الأغاني غير ذات تأثير واضح في أحداث الفيلم، بل إن وجودها في بعض المشاهد كان غير مبرر، لكن حليم استطاع أن يجعل من الأغنية جزءاً لا يتجزأ من الفيلم، وبعد وفاة حليم لم يتطور الفيلم الغنائي كثيراً فلم نر نجماً استطاع أن يتربع على عرش السينما الغنائية كما فعل حليم في أفلامه. ..والمرحلة الأخيرة وفي عام 1970 قرر حليم أن يقوم بعمل فيلم يظهر فيه كممثل فقط، ووقع اختياره على قصة من تأليف الكاتب مصطفى أمين بعنوان «لا»، كان من المقرر أن تكون إنتاجاً مصرياً جزائرياً مشتركاً وكتب لها أحمد صالح معالجة سينمائية على شكل سيناريو أعجب به حليم جداً وتم اختيار المخرج الجزائري أحمد الراشدي لتحقيق الفيلم ولكنه لم يتم لأسباب غير معروفة. ويضيف الكاتب: «حلم آخر لم يكتمل، ففي أوائل العام 1972 كتب سيناريست إيطالي يعيش في مصر اسمه لوسيان لمبير فيلماً بعنوان «وتمضي الأيام» وأعجب حليم بالسيناريو ووجد فيه فرصة ليقدم فيلماً شديد الرومانسية تلعب فيه سعاد حسني دور البطولة أمامه وأسند حليم إخراج الفيلم للمخرج يوسف شاهين، ولكن يبين أنه كان لشاهين بعض الملحوظات على السيناريو وطلب حليم منه أن يلتقي بالكاتب ليبدأ تعديل السيناريو، لكن شاهين كان مشغولاً وقتها بتصوير فيلم «العصفور». ويذكر أن حليم شارك بصوته فقط في السينما والإذاعة مرات عدة، حيث بعدما قدم 16 فيلماً غنائياً من بطولته نجده يغني فقط في فيلم «أدهم الشرقاوي» عام 1964 من إخراج حسام الدين مصطفى، كما قام حليم بدور الراوي في مسلسل «قاهر الظلام» عن قصة حياة عميد الأدب العربي طه حسين.