كل البرلمانات في العالم هدفها الأول والأخير خدمة الوطن التي هي خدمة المواطن ووضع اليد على كل متاعبه ومراعاة أحواله الاقتصادية، والاجتماعية، ومعالجة البطالة، والفقر، وسن القوانين لمصلحة هذا المواطن مع جدية التوصيات والأصوات، مهما كانت النتائج ومهما كانت التبعات، والأعضاء أصلاً جاؤوا من أجل المواطن وخدمته، وإيصال معاناته وصوته إلى ولي الأمر. لكن أعضاء «الشورى» في مجلسنا لا تعرف ما هي أهدافهم في عدم التصويت على أمور يعتبرها المجتمع جوهرية، مثل مسألة الرهن العقاري الذي انتظره المواطنون بفارغ الصبر؛ عله يتمخض عن قوانين تخدم الشرائح المرهقة بالإيجار المبالغ فيه، الذي يعطي المالك الحرية في أن يؤجر غرفتين ب20 ألف ريال في السنة، ولكن المجلس خرج بقرارات لا تسمن من جوع ولا تغني من خوف، بل تجعل الملاك في منأى عن أي قانون أو عقاب، أو تقنين، وأصلاً لم يشر هذا النظام إلى تأجير العقار من باب أو شباك، وظل العقار يرفل في الغلاء. وحتى وزارة الإسكان لن تتمكن من حل هذه المعضلة مع تعنت بنك التنمية العقارية وعدم صرفه ال500 ألف ريال التي أمر بها خادم الحرمين من دون شرط تملك الأرض، ومجلس الشورى يرى ويسمع ولا يحرك ساكناً. ثم كان ما رأينا من جدل وممانعة من أعضاء المجلس وعدم التصويت على بدل السكن للموظفين، وبعدها عدم التصويت على الحد الأدنى لرواتب المتقاعدين، والعاملين في القطاع الخاص، حتى بات المواطن لا يثق في أعضاء هذا المجلس الذي قد يراه ضده وبعيداً عن همومه وحاجاته، ناهيك عن عدم الجدوى في المشاريع التي يثيرها بعض هؤلاء الأعضاء ويراها المواطنون هامشية لا تهمهم في حياتهم الكادحة، ولا تخدم آمالهم وتطلعاتهم. بات المواطن يرجو بعض الأعضاء أن يسكتوا عن إبداء آرائهم ومشاريعهم التي تحمل بعض الأسى للمواطنين والمواطنات، مثل ذلك العضو الذي سخر من المواطنة السعودية المتزوجة من أجنبي وقال لها: «في الصحف أن الأجنبي لن يتزوجك من أجل سواد عيونك»، ولا أدري ما هي الامتيازات التي سيحصل عليها ذلك الزوج سوى أنه سيجر عليها المشكلات في حال الكفالة والأولاد، وبدلاً من حل هذه المعضلات من المجلس يتحفنا أحد أعضائه بالتندر والسخرية التي رد عليها في وقتها بعض الكتاب والإعلاميين. بعض الأعضاء - كما يقول مواطنون بسطاء - يعيشون في بروج عاجية مشيدة باستقرار الرواتب، واستقرار السكن واستقرار التقاعد، عدا الامتيازات التي يحصلون عليها بانتسابهم إلى لمجلس، ومن هنا جاءت سلبية الأصوات التي يرى فيها المواطنون بعض الانفراج في أزماتهم وتحقيق آمالهم سراباً، بفعل المعارضة أو الممانعة أو التأجيل أو صرف النظر عنها، والدليل عدم تصويتهم على مشروع حظر التدخين لمن هم دون سن ال18 الذي أفرح الكثير من الآباء غير القادرين على توفير ثمن علبة سجائر لأبنائهم، وهو ما قد يقول بعض أعضاء «الشورى» إنه مسؤولية الأب الذي سمح لابنه بتعاطي التدخين من دون أن يبحثوا في مشكلات المراهقين ووسائلهم في التجريب والاكتشاف والتعبير عن الرجولة والفتوة. المواطنون جميعاً - بلا استثناء - يقدرون هذا المجلس ويوقرونه، وكلنا نحذوا هذا الحذو، إلا أن السلبية، والتهاون، وعدم الجدية في إقرار المشاريع التي يتنفس المواطن من خلالها أملاً في وجود الأرضية المناسبة لنمو المجتمع وإزالة المعوقات عن طموحه الهادف إلى المزيد من الرفاهية في حياته الاقتصادية والمجتمعية، يجعله يتساءل حائراً بين تطلعاته وسلبية بعض الأعضاء إلى متى يا أعضاء «الشورى»؟ [email protected] @zainabghasib