اختلف خبراء تربويون تحدثوا إلى «الحياة» في تفسير المقصود بعبارة «الفئة القليلة التي تمارس الوصاية على التعليم في السعودية على حساب أكثرية صامتة»، التي جاءت في كلمة لأمير منطقة حائل الأمير سعود بن عبدالمحسن في كلمته في حفلة تسليم جائزة محمد بن فهد للتفوق العلمي في الدمام بتاريخ 7 أبريل الجاري. ففي حين اعتبر وزير التربية والتعليم السابق الدكتور محمد الرشيد، أن «الفئة القليلة» تمثل مجتهدين مخطئين في اجتهادهم، يظنون بأن تطوير التعليم وتحديثه يتعارض مع القيم الإسلامية، واعتبر عضو اللجنة التعليمية في مجلس الشورى الدكتور أحمد آل مفرح، أن المقصود بالفئة القليلة «مثبطون من داخل الوزارة وخارجها يقفون ضد أية عملية إصلاح، ويريدون أن يبقى التعليم من دون أي تغيير»، فيما فسرها أمين مؤسسة الملك عبدالعزيز لرعاية الموهوبين السابق الدكتور حمد البعادي بالمسؤولين الرسميين عن النظام التعليمي. وعلى رغم هذا الاختلاف، إلا أن الخبراء اتفقوا على تأييدهم لكل ما جاء في كلمة الأمير سعود بن عبدالمحسن، إذ قال وزير التربية والتعليم السابق الدكتور محمد الرشيد: «اتفق مع الأمير سعود بن عبدالمحسن من أن التعليم يواجه مشكلات عدة، في مقدمتها الاعتراض والمجابهة الكبيرة التي يلقاها المصلحون للتعليم والفاهمون لرسالته، فحين يقدم المصلحون للتعليم على أمر تطويري يعترض طريقهم أناس لا يظنون أن الطريق الذي يسلكه مطورو التعليم هو الأصلح، وينتابهم قلق من هذا الإصلاح». وأضاف أن التعليم العام في كثير من مناهجه يدرّس الأبناء أموراً ليسوا في حاجتها في حياتهم اليومية، وبالتالي يغرقون في تفاصيل نظرية لا يحتاجونها في حياتهم، في حين أنه ينبغي أن تبنى برامج وأهداف التعليم الصحيح على تقديم ما شأنه أن يساعد الطالب ليكون مواطناً صالحاً يعي مسؤولياته تجاه الوطن ويقدرها، وعنده من المعلومات ما يتعايش به مع الحياة، داعياً إلى إجراء تقويم للمناهج في المدارس. وفي إجابته على سؤال عن الفئة القليلة التي اتهمها الأمير سعود بالوصاية على التعليم، قال الرشيد: «مجتهدون ولكن اجتهادهم خاطئ». لافتاً إلى أن هؤلاء المجتهدين مخلصون للقيم الإسلامية ولكنهم يظنون أن تطوير التعليم وتحديثه يتعارض مع تلك القيم. ودعا إلى تعليم يمكن الطالب من استنتاج المعلومة فلم تعد المدرسة هي المصدر الوحيد للمعرفة ولكن هناك مصادر مختلفة الآن مثل الإنترنت، مبدياً تعجبه من منهج المرحلة الابتدائية الحالي: «كأننا لا نزال قبل 70 عاماً ولم يختلف، إذ نعلمهم أشياءً لا يحتاجونها، ونحذرهم من أشياء يستحيل أن يقعوا فيها على الإطلاق». وأشار الرشيد إلى أن من مشكلات التعليم أن عدداً كبيراً من المعلمين لم يلتحقوا بالتعليم لحبهم له بل لأنه سبيل للعيش، فهم ليسوا معتزين وفخورين بمهنتهم، ولا يمكن لأي إنسان في الوجود أن يبدع وهو لا يحب مهنته. من جهته، قال عضو اللجنة التعليمية في مجلس الشورى الدكتور أحمد آل مفرح: «نشاطر أمير منطقة حائل الحرص على أهمية التعليم ومخرجاته فهو المعيار الحقيقي لتطور التعليم»، مشيراً إلى أن الأمير سعود بن عبدالمحسن تحدث عن مسألة تقويم أداء المعلم والتعليم في شكل عام، وهو ما ركز عليه مجلس الشورى الذي عمل على نظامين، الأول يتعلق بمزاولة مهنة التعليم، والثاني يتعلق بالمركز الوطني لتقويم التعليم العام والعملية التعليمية كاملة ونتطلع للموافقة عليهما. وأضاف: «شبعنا بحثاً وتنظيراً، ونحتاج إلى السرعة والجرأة في اتخاذ القرار وأعتقد أن الميدان التربوي مليء بالأفكار والرؤى والتنظير، وما ينقص اتخاذ الإجراءات الحاسمة وإعطاء الثقة لرجالات التربية والعليم». وحول قراءته لما حاول الأمير أن يلمح إليه في حديثه عن الأقلية التي تمارس الوصاية على التعليم، قال آل مفرح: «أعتقد أنه كان يقصد المثبطين من داخل الوزارة وخارجها الذين يقفون ضد أية عملية إصلاح، إذ إن هناك من يريد أن نبقى على ما نحن عليه، وأن يبقى التعليم من دون أي تغيير، ولذلك يجب أن نأخذ المبادرة بأيدينا».