طغى الجدل أمس في شأن الانفجار الذي وقع في أحد مباني حماة ليل الأربعاء وتراوحت تقديرات عدد الضحايا الذين سقطوا بسببه بين 16 قتيلاً، بحسب الحكومة السورية، وأكثر من ستين كما قالت المعارضة. وبينما اتهمت الحكومة «مجموعات إرهابية» كانت تصنع قنابل بأنها وراء الانفجار، قال ناشطون إن ما وقع في حي مشاع الطيران في حماة هو «مجزرة» ذهب ضحيتها العشرات، ونتج الدمار عن قصف مكثف بالدبابات. وذكر بعض الروايات أن عدد القتلى ربما وصل إلى 68 قتيلاً. وقال مراسل تلفزيون «بي بي سي» إن الدمار الذي أصاب المبنى يشير إلى أن ما تعرض له لا يمكن أن يكون بقصف من أسلحة تقليدية. وذكر «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أن سبب الانفجار ليس واضحاً. وفيما استمرت المواجهات أمس وسقوط القتلى في عدد من المدن السورية، الذين تجاوز عددهم 25 أكثرهم في دير الزور، نشر نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي صوراً تظهر جنوداً سوريين يدفنون ناشطاً وهو حي بعد اتهامه بأنه يصور الانتهاكات في سورية ويرسلها إلى وسائل الإعلام في الخارج. وكان أحدهم يقول «ادفنوا الحيوان» و «الحيوان يقوم بإرسال الأفلام»، وتم تصوير الفيديو عن قرب ووضع على شبكة الإنترنت أمس ومدته 59 ثانية. وعقد وزراء الخارجية العرب اجتماعاً غير عادي في القاهرة دعا إليه رئيس الدورة الحالية نائب رئيس الوزراء وزير خارجية الكويت الشيخ صباح خالد الحمد الصباح وشارك فيه وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل ورئيس وزراء قطر وزير الخارجية الشيخ حمد بن جاسم ووزير الخارجية المصري محمد كامل عمرو. وطالب الوزراء الحكومة السورية بالوقف الفوري لكل أعمال العنف والقتل وحماية المدنيين، وضمان حرية التظاهر السلمي لتحقيق مطالب الشعب السوري في الإصلاح والالتزام بالتنفيذ الكامل لكل قرارات مجلس الجامعة العربية المتعلقة بالأزمة السورية. وكلف الوزراء الأمين العام للجامعة نبيل العربي دعوة جميع أطياف المعارضة إلى اجتماع بمقر الجامعة يومي 16 و 17 أيار (مايو) المقبل وذلك بناء على ما تحقق في اجتماعي «أصدقاء سورية» اللذين عقدا في تونس واسطنبول وذلك بالتعاون والتنسيق مع المبعوث المشترك كوفي أنان وبالتشاور مع الأطراف المعنية بمعالجة الأزمة السورية تمهيداً لإطلاق حوار سياسي شامل بين الحكومة وأطياف المعارضة. ووافق الوزراء على دعم مهمة أنان وفق إطار زمني محدد ومطالبة الحكومة السورية بالتنفيذ الكامل والشامل والفوري للخطة بنقاطها الست. ودعوا مجلس الأمن إلى تسريع عملية نشر المراقبين في سورية تنفيذاً لقرار المجلس الرقم 2043، وطالبوا دمشق بتسهيل عملية انتشار المراقبين والسماح لهم بحرية التنقل والوصول إلى مختلف الأماكن وفي الوقت الذي يحدده فريق المراقبين، وعدم فرض أية شروط أو مبررات لإعاقة عملهم، وضمان عدم معاقبة أو الضغط على أي شخص أو مجموعة بسبب اتصالهم بالمراقبين أو تقديم شهادات أو معلومات لهم. ودان الوزراء مواصلة عمليات العنف والقتل التي تستهدف المدنيين السوريين ودعوا جميع الأطراف إلى التقيد بوقف كل أعمل العنف المسلح وانتهاك حقوق الإنسان وتأمين وصول المساعدات الإنسانية إلى جميع مستحقيها. كما شددوا على ضرورة المساءلة الجنائية لجميع المتورطين في الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان وللقانون الدولي الإنساني وعدم إفلاتهم من العقاب. وحضوا كل الحكومات العربية على التزام قرارات مجلس الجامعة الخاصة بإجراءات مقاطعة النظام السوري وموافاة الأمانة العامة للجامعة بما تم اتخاذه مع إبقاء مجلس الجامعة في حالة انعقاد دائم لمتابعة التطورات. وتبدأ اليوم بعثة الأممالمتحدة في سورية «أنسميس» مرحلة عملها التنفيذية مع بدء سريان قرار الأمين العام للأمم المتحدة تعيين الجنرال روبرت مود النروجي الجنسية قائداً للبعثة. ويغادر مود نيويورك اليوم متجهاً إلى جنيف في طريقه إلى دمشق بعدما اطلع على «موقف شبه موحد من مجلس الأمن» بضرورة الإسراع في نشر المراقبين الدوليين في سورية بسرعة. وتضاربت التوقعات في الأممالمتحدة حيال عدد المراقبين الذين سيصلون إلى سورية خلال نهاية الأسبوع الجاري وتفاوتت بين 50 و100 «بحلول يوم الإثنين». وقال ديبلوماسيون إن «ثمة إجماعاً بين أعضاء مجلس الأمن على ضرورة نشر المراقبين بسرعة». وأضافت المصادر نفسها أن التقارير التي نقلها أنان وسواه تشير إلى «عمليات انتقام من قبل السلطات السورية بحق من يتحدث مع المراقبين، واستئناف القوات الأمنية القصف والعمليات العسكرية بعد مغادرة المراقبين المناطق التي يزورونها». وأوضحت أن «خطة الجنرال مود الآن ستتركز على نقطتين: إبقاء مراقبين دائمين في النقاط الساخنة كحمص وحماة ودرعا وريف دمشق، وتكثيف عملية نشر المراقبين ورفع عديدهم في مهلة مختصرة». وعلمت «الحياة» من مصادر في الأممالمتحدة أن «قسم عمليات حفظ السلام» سيُسرع نشر المراقبين بطريقة منهجية. وتابعت أن القوات الأمنية والعسكرية السورية «لم تنسحب بعد من المدن والمراكز السكنية» خلافاً لما كان وزير الخارجية السوري وليد المعلم أبلغ أنان به. وقالت إن النقاط الخلافية مع دمشق لا تزال قائمة في شأن «الإصرار السوري على تولي مهمة تأمين القدرات الجوية لبعثة أنسميس» وأن ثمة اتجاهاً لقبول الأممالمتحدة بذلك. والنقطة الثانية أن «الحكومة السورية تصر على استبعاد جنسيات من المشاركة في البعثة بينها الدول الخليجية وخصوصاً السعودية وقطر»، وفي المقابل «ليس من اعتراض سوري على مشاركة اليمن ومصر والأردن». وزادت «النقطة الثالثة هي استمرار السلطات السورية رفض التعامل مع النائب العربي للمبعوث الخاص ناصر القدوة». وقالت مصادر ديبلوماسية أخرى إن السلطات السورية «وافقت على تعيين الجنرال مود قائداً لبعثة المراقبين». وأضافت أن «الحكومة السورية أوضحت أنها لا ترفض مشاركة مراقبين من مجموعة أصدقاء سورية، لكنها ترفض قطعاً مراقبين من دول أعلنت صراحة دعم المجموعات المعارضة وتزويدها بالمال والسلاح». وفي شأن عدم السماح لمراقب سويدي الالتحاق بالبعثة الدولية أوضحت أن «الرفض لم يكن بسبب جنسيته بل لأسباب أخرى متعلقة به شخصياً». وبالنسبة إلى القدرات الجوية لبعثة «أنسميس» قالت المصادر إن «الحكومة السورية مستعدة لتقديم قدرات جوية تلبية لطلب البعثة طالما أن الهدف منها هو أغراض النقل حصراً وليس المراقبة». وقال أحمد فوزري المتحدث باسم أنان ل «الحياة» إن مراقبين «كانوا موجودين في حماة أثناء حدوث الانفجار» لكنهم لم يستطيعوا الوصول إلى مكانه وإنهم يتحدثون مع الحكومة والمعارضة لمعرفة حيثياته. وأشار فوزي إلى «انفجارات وقعت في دوما وحماة ودرعا في عملية تعكس الكثافة المختلفة في حدة القتال». وحول مدى صحة رسائل الوزير المعلم إلى أنان قال إن «الجانب السوري يبعث لنا تقارير كل يوم حول تطبيق خطة النقاط الست بما فيها الفقرة 2، وعندما نرى أن التطبيق تحقق فإننا سنعلنه، وطالما لم نعلنه فهذا يعني أنه لم يتم من وجهة نظرنا». وحول التهم الموجهة إلى أنان بالتمادي في منح النظام السوري فرصة تلو الأخرى قال فوزي إن «هذه الأسئلة مطروحة كل يوم حول الأفق الزمني وما سيحدث لو لم تنفذ الحكومة السورية تعهداتها». وتابع أن «مجلس الأمن تبنى القرار 2043 السبت وأعطى الأمين العام للأمم المتحدة 90 يوماً وهذا هو الجدول الزمني الوحيد الموجود». وقدمت الحكومة السورية أمس إلى الأمانة العامة للأمم المتحدة ورئاسة مجلس الأمن لائحة بأسماء 30 ممن وصفتهم «إرهابيين وعناصر من القاعدة». وجاء في الرسالة أن بين الموقوفين تونسيين اثنين وليبياً ولبنانياً، وأنهم شاركوا في أعمال تفاوتت بين «الإرهابية وتهريب أسلحة». ميدانياً، نفذت القوات السورية النظامية الخميس عمليات عسكرية وأمنية في عدد من المناطق السورية، ففي ريف دمشق دارت اشتباكات بين القوات النظامية ومنشقين في بلدة زملكا أسفرت عن مقتل عسكري منشق، كما دارت اشتباكات في عين ترما استخدمت فيها القوات النظامية الرشاشات الثقيلة وقذائف الهاون. واقتحمت قوات الأمن صباح أمس مناطق في مدينتي حرستا ودوما وشنت حملة اعتقالات ومداهمات، وفق لجان التنسيق المحلية. وقال عضو الهيئة العامة للثورة السورية في ريف دمشق أحمد الخطيب لوكالة «فرانس برس» أن مدينة دوما تعرضت لليوم الرابع على التوالي لنيران القوات النظامية في ظل إغلاق المدينة في شكل كامل منذ الصباح ومنع الدخول والخروج منها وقطع كامل للاتصالات والإنترنت والكهرباء عن معظم مناطقها منذ ثلاثة أيام». وفي حماة أفادت لجان التنسيق بسماع أصوات إطلاق نار وانفجارات ليلاً في عدد من أحياء المدينة. وقال عضو المكتب الإعلامي للثورة في حماة أبو غازي الحموي «استيقظت مدينة حماة اليوم على هدوء في ظل انتشار أمني كثيف، بعد المجزرة المروعة التي حدثت أمس في حي مشاع الطيران».