تعرضت مدينة حماة امس لاحد اسوأ ايام العنف منذ بدء الاحتجاجات في سورية قبل أكثر من عام، وبعد يوم على الزيارة التي قام بها فريق من مراقبي الأممالمتحدة للمدينة. وقال نشطاء إن القوات السورية قصفت حي الأربعين في حماة، ما أسفر عن مقتل 40 شخصاً على الأقل. وأظهرت صور بثها الناشطون على الإنترنت تركز القصف على أحياء مشاع الأربعين والصابونية، إضافة إلى حي الأربعين، حيث تصاعدت أعمدة اللهب من بعض المنازل.وكان الآلاف من اهالي حماة خرجوا لاستقبال المراقبين خلال زيارتهم نهار الاحد، خاصة في ساحة العاصي. وأبلغوهم عن اعمال القتل والاعتقال واختفاء المعارضين التي يمارسها النظام بحقهم. واعلن ناطق باسم الاممالمتحدة ان القرار بانتشار المراقبين الدوليين ال 300 في سورية اتخذ، وان انتشار البعثة سيبدأ على مراحل اعتباراً من الاسبوع المقبل. وكان مجلس الامن اتخذ قراراً السبت الماضي بارسال المراقبين وترك قرار التوقيت للامين العام بان كي مون بحسب الظروف على الارض. وقام امس فريق من المراقبين بزيارة الزبداني وحرستا ودوما في ريف دمشق، ومدينتي حمص وحلب. وذكرت مصادر المعارضة السورية ان قوات الامن قامت بسحب الجنود وإزالة الحواجز الامنية من ريف دمشق بعد وصول المراقبين. وأفاد موقع «أوغاريت» ان تظاهرات حاشدة خرجت لاستقبال المراقبين ومرافقتهم في الزبداني وحرستا ودوما وسط هتافات «الشعب يريد تسليح الجيش الحر». وقال شهود إن قوات الامن قامت بإخفاء الحواجز من ساحة الحرية في حي السيل في حرستا واختبأت العناصر الامنية في الأبنية المحيطة لها، فيما كان التلفزيون السوري وسيارات الأمن ترافق المراقبين. وتحدث ناشطون عن اطلاق النار بشكل كثيف على السكان لمنعهم من التجمع أو لقاء المراقبين. وشكا ناشطون من انه بسبب الانتشار الامني والاعتقالات «مر المراقبون في المدينة من دون أن يستمعوا لأحد من أهلها... وإنما سمعوا أصوات الرصاص وشاهدوا اعتقال مطلوبين بأمّ أعينهم». ويتمركز في الزبداني عدد كبير من عناصر «الجيش الحر»، وقد تعرضت خلال الاسابيع الماضية الى قصف عنيف من القوات السورية، ما ادى الى سقوط ضحايا وتهدم بعض منازلها ونزوح عدد من سكانها الى المناطق المجاورة. وقال الرئيس الاميركي باراك أوباما أن «الشعب السوري يستمر بالخروج الى الشارع رغم الدبابات والقصف والتعذيب والاعتقالات والخطف... وطالما هو لم يستسلم فلن نستسلم نحن أيضا وسنستمر بالضغط بشتى الوسائل على النظام». وجدد تأكيده أن «نهاية نظام الأسد ستأتي... وهؤلاء الواقفون معه يقومون برهان خاسر». وأشار الى أن الولاياتالمتحدة «لا يمكنها التدخل عسكريا في كل مكان، هناك ظلم في العالم... انما لدينا وسائل أخرى»، بينها دعم المعارضة والضغط ديبلوماسيا ومن خلال العقوبات. وانعكست الضغوط الاميركية على النظام السوري باجراءات جديدة امس اتخذتها وزارة الخزانة الأميركية تطاول دائرة الاستخبارات السورية واللواء علي المملوك وشركة «سيرياتل» للاتصالات. وبناء على أمر رئاسي موقع من أوباما، ويطاول بشكل مزدوج «أشخاصاً متورطين بانتهاكات جسيمة لحقوق الانسان على ايدي الحكومتين الايرانية والسورية وعبر تكنولوجيا المعلومات»، أدرجت الوزارة كل من الاستخبارات العامة السورية ومديرها علي المملوك على لائحة العقوبات الى جانب شركة «سيرياتل» التي «تسيطر على 55 في المئة من قطاع الاتصالات في سورية». واتهمت الوزارة علي المملوك بالاشراف على برنامج «للاتصالات يستهدف المعارضة السورية ويتم دعمه تكنولوجيا وتحليليا» من «وزارة الأمن والاستخبارات الايرانية»، التي تم ادراجها على اللائحة أيضا. أما بالنسبة الى «سيرياتل»، فاعتبر القرار أن الشركة وبناء على «تعليمات من الحكومة السورية قامت بقطع الاتصالات في الأماكن التي تتعرض للاعتداءات وقامت أيضا بتسجيل مكلمات خليوية لصالح الحكومة السورية.» كما أدرجت الوزارة «الحرس الثوري» الايراني وقوات «تطبيق القانون في ايران» وشبكة «داتاك تيليكوم» ضمن العقوبات لتورطها بانتهاكات لحقوق الانسان في ايران. وفي نيويورك وجهت الولاياتالمتحدة والدول الغربية في مجلس الأمن تحذيرات شديدة اللهجة الى «النظام السوري الذي لا يتقيد بقراري مجلس الأمن 2042 و2043». وعشية تقديم المبعوث الدولي - العربي كوفي أنان إحاطة الى مجلس الأمن مقررة اليوم الثلاثاء، بدأت الأممالمتحدة أعمال التحقق الميدانية من صدقية تطبيق الحكومة السورية «لما قالت إنها نفذته من سحب قواتها من المراكز السكنية ووقف استخدام السلاح الثقيل»، بحسب مصادر مقربة من أنان. وأوضحت المصادر أن وزير الخارجية السوري وليد المعلم أكد في رسالة الى أنان «أن الجيش السوري انسحب من المدن والمراكز المدنية وفق ما هو متفق عليه في الفقرة الثانية من خطة النقاط الست». وعلمت «الحياة» أن المعلم قال في رسالته «إن الحكومة السورية لبت كل المطلوب منها في هذا الصدد». ووصفت المصادر عملية التحقق من المعلومات بأنها تتم «بحذر شديد» لكنها «تجري من خلال مراقبين ميدانيين ومصادر أخرى». وبحسب المصادر نفسها، اكد المعلم في رسالته أن «مهمة الحفاظ على الأمن والقانون ستنفذ من خلال قوات الشرطة وحفظ النظام التي ستتحلى بضبط النفس» عملاً بالاتفاق المبدئي الموقع بين الحكومة السورية والأممالمتحدة. وكان أنان لمح، عبر بيان باسم الناطق باسمه أحمد فوزي، الى أنه سيصعب الاستمرار بتوجيه النداءات لوقف النار «من دون تجاوب من الحكومة السورية والأطراف الأخرى». وقالت المصادر المقربة من أنان أن «المقصود بالقوى الأخرى هو الشبيحة». ويستمع مجلس الأمن الى إحاطة أنان اليوم، فيما انطلقت الدعوات في المجلس الى «محاسبة النظام السوري على عدم تقيده بقراري المجلس 2042 و2034». ويقدم مساعد الأمين العام للأمم المتحدة لشؤون عمليات حفظ السلام إيرفيه لادسوس إحاطة موازية الى المجلس حول الخطوات المتخذة من الحكومة السورية تمهيداً لنشر بعثة المراقبين «وتقويم الأمانة العامة حول الظروف الميدانية في سورية»، بحسب مصادر المجلس. وحذرت السفيرة الأميركية سوزان رايس «الحكومة السورية من تفويت الفرصة للحل السلمي قبل فوات الأوان». وتوجهت رايس بالتحذير الى «النظام السوري بألا يتجرأ على ارتكاب أي خطأ»، مؤكدة أنه «لن يكون هناك تسامح مع تجاهل القرارات التي اتخذها مجلس الأمن». وأشارت رايس الى ترحيب مجموعات المعارضة السورية بقرار مجلس الأمن نشر بعثة المراقبين (أنسميس). وقال السفير البريطاني مارك ليال غرانت إن مجلس الأمن سيبدأ بتلقي أول تقاريره حول تطبيق القرارين 2042 و2043 ابتداءاً من اليوم الثلثاء. وأكد أن عدم تقيد النظام بالقرارين «يجب ان يترتب عليه عواقب في مجلس الأمن». وقال السفير الفرنسي جيرار آرو إن دمشق «فشلت في التزاماتها بسبب الاستمرار في قصف حمص، ما يشكل تهديداً خطيراً للجهود القائمة من المبعوث الخاص» أنان. وقال إن «على الجيش السوري أن ينسحب ويوقف استخدام السلاح الثقيل. ولا يمكن دمشق أن تواصل تحدي المجتمع الدولي». وأضاف أن «تهديد التطبيق الكامل لخطة النقاط الست يجب ألا يقابل بالتسامح من مجلس الأمن». كما شدد على «ضرورة عدم التسامح مع انتهاك الحكومة السورية سيادة الدول المجاورة في لبنان وتركيا». وقال السفير الروسي فيتالي تشوركين إن على الأطراف في سورية أن تلتزم قراري مجلس الأمن 2042 و2043 داعياً المعارضة الى الانخراط في الحوار السياسي ووقف العنف. واعتبر السفير الصيني لي باودونغ إن الأزمة السورية «تحل فقط من خلال عملية سياسية يقودها السوريون أنفسهم بما يحترم السيادة السورية». ودعا «جميع الأطراف في سورية بما فيها المعارضة الى التعاون الكامل ودعم تطبيق خطة النقاط الست كاملة». وقال مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية لين باسكو: «نحن أمام لحظة حرجة في سورية فوقف العنف لا يزال غير قائماً وانتهاكات حقوق الإنسان لا تزال قائمة في ظل حصانة على الجرائم». وأعرب عن أمل الأمين العام في أن «يؤدي انتشار بعثة المراقبين الدولية الى وقف القتل وإشاعة الهدوء». وشدد على أن الهدف من نشر البعثة «ليس تجميد الوضع بل التحرك قدماً لإيجاد الظروف لعملية سياسية موثوقة وجدية». وشدد باسكو على الحكومة السورية أن «تطبق بشكل كامل وفوري التزاماتها بوقف استخدام السلاح الثقيل وانسحاب قواتها العسكرية من المراكز السكنية». وقال إن إلأعمال المتخذة من الحكومة السورية حتى الآن في ما يتعلق منها بإطلاق الموقوفين تعسفاً وحرية التظاهر غير كافية. وأوضح أن هذين الشرطين هما عاملان أساسيان لإيجاد الظروف المؤاتية لحل سياسي من خلال الحوار.