موسكو، نيويورك، بيروت - «الحياة»، أ ف ب - بينما رحب معارضون سوريون بقرار مجلس الأمن القاضي بإرسال 300 مراقب إلى سورية لمراقبة وقف إطلاق النار تمهيداً لتنفيذ باقي بنود خطة المبعوث الأممي -العربي للأزمة السورية كوفي أنان، أعربوا عن الشكوك في التزام الحكومة السورية بوقف النار، أو قدرة المراقبين «غير المسلحين» على دفع السلطات السورية لإنهاء وجود الأليات الثقيلة في المناطق السكنية. ولفت اتحاد تنسيقات الثورة السورية إلى أن عدد المراقبين أقل من أن يغطي المناطق التي تشهد مواجهات. وبينما رحبت القيادة المشتركة للجيش السوري الحر في الداخل بقرار مجلس الأمن، مؤكدة التزامها وقف إطلاق النار، تمنت أن «لا تظل خطة أنان حبراً على ورق». وقال الناطق باسم القيادة المشتركة للجيش السوري الحر في الداخل العقيد الركن قاسم سعد الدين لفرانس برس إن قرار مجلس الأمن إرسال 300 مراقب «خطوة جيدة نتمنى أن تثمر النجاح ووقف القتل والتدمير من جانب النظام»، مضيفاً: «نحن ملتزمون بوقف إطلاق النار، وحماية المدنيين تقع على عاتق المجتمع الدولي إنسانياً وأخلاقياً». وأضاف سعد الدين في اتصال عبر سكايب من محافظة حمص: «القوات النظامية تقصف أماكن تواجد الجيش الحر عن بعد ولا تتقدم تجنباً للالتحام الميداني ... إلا أن القصف الأعنف يطاول مناطق المدنيين للحيلولة دون خروج تظاهرات في هذه المناطق». وبعثة المراقبين مكلفة الإشراف على وقف إطلاق النار والمساعدة في تطبيق خطة النقاط الست التي وضعها أنان والتي تلحظ خصوصاً إجراء حوار سياسي بين النظام السوري والمعارضة والإفراج عن المعتقلين. غير أن محللين وناشطين يرون أن عدم نص القرار في شكل واضح على آليات الحوار السياسي في سورية يعد أحد نقاط ضعف القرار الدولي. وقالت يلينا سوبونينا رئيسة قسم دول الشرق الأوسط وآسيا في المعهد الروسي للدراسات الإستراتيجية إن قوة القرار الأخير لمجلس الأمن تكمن في أنه وفر إمكانية لحل الأزمة في إطار الأممالمتحدة. وأضافت أن نقطة الضعف تتمثل في عدم تحديد موعد لبدء الحوار السياسي وشكل هذا الحوار السياسي وآلياته. وأعربت عن اعتقادها بأن المراقبين «لن يحلوا الأزمة في سورية»، قائلة في تصريحات نقلها موقع «روسيا اليوم» الإخباري «إنهم يستطيعون فقط المساعدة على حلها». وأشارت إلى أن عدد المراقبين، وفقاً للقرار، قليل لأن الوضع السوري معقد للغاية. وأضافت أن ترك بعض المسائل التقنية المتعلقة بتنفيذ خطة أنان لاختصاص الأمين العام للأمم المتحدة «أمر إيجابي» في ظل خلافات عدة بين الأطراف المعنية في شأن الأزمة السورية. وتبنى مجلس الأمن ليلة أول من أمس بإجماع أعضائه قراراً يتيح إرسال 300 مراقب لوقف إطلاق النار في سورية، لكن أعضاءه لا يزالون منقسمين حول فرص النجاح في ضمان انتشار سريع لهذه البعثة. ودعا بان كي مون الحكومة السورية إلى «أن تؤمن سريعاً الظروف الضرورية لانتشار بعثة» المراقبين. وهددت الولاياتالمتحدة بعدم تمديد الانتشار الميداني للمراقبين غير المسلحين إلى ما بعد «الفترة الأولية التي تستمر تسعين يوماً» كما نص القرار 2043. وقامت روسيا حليفة دمشق بإعداد القرار وتولت فرنسا والصين وباكستان والمغرب وألمانيا رعايته بمعزل عن بريطانيا والولاياتالمتحدة. ووفق القرار، على الأمين العام للأمم المتحدة أن يحدد ما إذا كان «تعزيز» وقف إطلاق النار يتيح انتشار المراقبين الذين سيكونون تحت حماية القوات السورية. ويتعرض وقف إطلاق النار لانتهاكات مستمرة وقتل مئتا شخص منذ إعلانه رسمياً في 12 نيسان (أبريل). وقالت السفيرة الأميركية في الأممالمتحدة سوزان رايس لفرانس برس «على الأمين العام (بان كي مون) أن يقيم بعناية ما إذا كانت الظروف ملائمة. ترى الولاياتالمتحدة أن كيفية التعاطي مع البعثة الأولية (التي تضم ثلاثين مراقباً) وحرية تحركها واحترام أو عدم احترام الحكومة السورية لالتزامها وضع حد للعنف ستكون عناصر مهمة في تقييمنا لفاعلية المهمة». وأضافت محذرة: «لا يجوز لأحد أن يعتبر أن موافقة الولاياتالمتحدة على تمديد المهمة بعد تسعين يوماً هو أمر مسلم به». وتملك واشنطن حق النقض (الفيتو) في المجلس ويمكنها تالياً تعطيل أي تمديد لمهمة المراقبين. واعتبرت رايس أن الأمر لا يتعلق ب «300 أو 3000 مراقب» بل ب «ضغوط أقوى من الخارج» يمكن أن تقنع الرئيس السوري بشار الأسد بوقف العنف ضد المدنيين. ورأى سفير روسيا في الأممالمتحدة فيتالي تشوركين أن ملاحظات رايس «غير مفيدة». وقال للصحافيين إن «إطلاق تكهنات سلبية يشبه أحياناً إطلاق نبوءة يريد البعض أن تؤخذ على محمل الجد». وأضاف: «لنحاول الاستمرار» في استراتيجية إيجابية «بدلاً من إطلاق التهديدات والتوقعات السلبية». وطلب القرار من الحكومة السورية «السهر على حسن أداء (البعثة) لمهمتها»، خصوصاً «أن تضمن لها فوراً حرية التنقل بحيث تتمكن من تنفيذ مهمتها في شكل كامل ومن دون معوقات». وشدد القرار على «ضرورة أن تتوافق الحكومة السورية والأممالمتحدة سريعاً على وسائل نقل جوية ملائمة (طائرات أو مروحيات)» تستخدمها البعثة. كذلك، طالب القرار دمشق بأن تفي «في شكل واضح وكامل» بالوعود التي قطعتها لكوفي أنان لجهة سحب قواتها وأسلحتها الثقيلة من المدن السورية. وطلب المجلس من بان كى مون أن يرفع إليه تقريراً خلال 15 يوماً، ثم كل 15 يوماً حول تطبيق القرار، وأن يبلغه «فوراً» في حال قام النظام السوري أو المعارضة بعرقلة مهمة البعثة. وإضافة إلى العسكريين ال300، ستضم البعثة «مكونات مدنية» أي عدداً غير محدد من الخبراء في مجالات مختلفة.