يبدو كتاب الناقد والصحافي المصري مصطفى عبدالله «هدير السرد» الصادر ضمن سلسلة كتاب مجلة «دبي الثقافية» الشهرية كأنه بورتريه دقيق ومفصّل يرسمه الكاتب ليضعنا أمام ملامح كاشفة ودالة لمسيرة الروائي المصري أشرف الخمايسي من خلال مقابلة مطولة أجريت معه، فضلاً عن عدد من الشهادات والقراءات النقدية. يستهلّ الكاتب مصطفى عبدالله مؤلفه «هدير السرد» (346 صفحة) بالكشف عن دهشة تملكته عندما أجابه الخمايسي عن سؤاله حول الأعمال التي استوقفته في تاريخ الرواية العالمية قائلاً: «ثماني عشرة رواية فقط هي حصيلة كل ما قرأت». وربما تصيب قارئ الكتاب دهشة مماثلة خلال رحلة تعرّفه إلى مسيرة صاحب «منافي الرب»، وهو روائي مثير للجدل، كان يخشى على نفسه من الإنصهار في بوتقة شهرة الكبار فيرتكب حماقات «على سبيل التحصين»، وفق تعبيره. فهو رفض حين كان في بداية مسيرته الأدبية أن يقوم بإجراء حوار صحافي مع كاتب بحجم عبدالرحمن منيف، مبرراً رفضه بالقول: «رأيتُ نفسي أكبر من ان أجري حواراً مع مبدع مثلي»! وهذا هو السبب نفسه الذي جعله يرفض الوقوف لنجيب محفوظ وهو يدخل قاعة الإحتفالات في دار «أخبار اليوم» لتسليم جوائز المسابقة الأولى لمجلة «أخبار الأدب». يتحدث الخمايسي على سجيته وكأنه يأخذ بيدك لترفع الغطاء وتكتشف جوانب إنسانية عدة في حياة مبدع إشكالي يصف مهنة رعي الغنم التي عمل بها بعد تركه الساحة الأدبية لفترة أنها «مهنة الحكماء فعلاً، لا يستطيع ممارستها إلا صبور». وهو أيضاً يصف حال المؤسسات الثقافية في مصر بأنها «بالوعة نقود مهدرة»، ويتحدث عن الكتابة المؤثرة بأنها «تحتاج إلى عامل واحد فقط. عامل نصفه عند المبدع نفسه، ونصفه عند المؤسسات الثقافية، هو الرغبة الأكيدة في الوصول للشارع، وأن يتخلص المبدع من نظرية موت القارئ، أو فكرة الفن للفن».