فرضت هشاشة اتفاق وقف إطلاق النار في سورية والخروقات المستمرة على الأرض من قبل النظام السوري، إيقاعاً تصعيدياً من واشنطن باتجاه العودة إلى مجلس الأمن والبحث عن «إجراءات عقابية» كما أكد مسؤول في البيت الأبيض ل ”الحياة”. وفيما لم يحدد المسؤول نوع هذه الإجراءات، تدرس الإدارة في شكل أكبر خيار القيام بتحرك دولي لحماية المدنيين بما في ذلك إقامة مناطق عازلة وتوفير الدعم اللوجيستي والعسكري للثوار. وبدأت إدارة أوباما مراجعة جديدة لاستراتيجتها حيال سورية كما نقلت مجلة “فورين بوليسي” ليل الأربعاء - الخميس وبناء على طلب مباشر من البيت الأبيض بتزويد الرئيس باراك أوباما بالمزيد من الخيارات “لرحيل الأسد من السلطة” وبينها تقويم خيار إنشاء مناطق عازلة لحماية المدنيين. وتؤكد مصادر موثوقة ل ”الحياة” أن واشنطن كانت تريثت في المرحلة السابقة حيال قيام تركيا بإنشاء منطقة عازلة، غير أنها اليوم تدرس هذا الخيار في شكل أكثر جدية، وتبحثه مع كل من تركيا والأردن وبالتنسيق مع وزارة الدفاع الأميركية. وتتحدث المصادر عن تحول في التفكير الأميركي والجدل داخل الإدارة حول سورية باتجاه المنحى العسكري وإن لم يكن على شكل تدخل مباشر أو دور قيادي أميركي في هكذا تحرك. وكان تأكيد وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون وصول الأزمة في سورية إلى “نقطة تحول” وتشديدها على حدود سورية مع دولة في حلف الشمال الأطلسي، هي تركيا، يعكس هذا التصعيد، كما كان تأكيدها تقديم مساعدات “غير مسلحة“ للثوار وعلى شكل أدوات اتصال وأخرى إنسانية. وأكد مسؤول في البيت الأبيض ل ”الحياة” أنه “في حال انهار وقف إطلاق النار المتأرجح فسنبحث مع شركائنا الدوليين في زيادة الضغوط وإجراءات عقابية عدة من الممكن اتخاذها في مجلس الأمن الدولي»، ولوح “بموافقة شركائنا الدوليين على أن فشل خطة مبعوث الأممالمتحدة والجامعة العربية كوفي أنان يجب أن يكون له عواقب”. وفي رد مباشر على وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الذي ألقى اللوم على “مجموعات خارجية” تزعزع خطة أنان، قال المسؤول إن “الغالبية الساحقة للانتهاكات هي من قبل النظام ونحن نرفض فرضية قيام قوى خارجية بتحجيم وقف إطلاق النار». وكانت وزيرة الخارجية الأميركية حذرت مساء أول من أمس الرئيس السوري بشار الأسد من أنه سيواجه إجراءات أكثر شدة إذا ما أهدر «فرصته الأخيرة» المتمثلة في تطبيق خطة أنان لوقف العنف في سورية. ويقول الخبير في “معهد دراسات الحرب” جوزيف هوليداي إن من المستبعد استمرار وقف إطلاق النار، وإن النظام يحاول الاستفادة منه تكتيكياً. ويؤكد هوليداي ل ”الحياة” أن النظام وكما في كانون الأول (ديسمبر) الفائت مع وصول المراقبين العرب، يقوم بتخفيض نسبة العنف وفي الوقت ذاته “يعيد تأهيل قواته وأدواته الدفاعية” استعداداً لجولة أخرى ضد الثوار. لذلك، يرى هوليداي أن موافقة النظام على خطة أنان هي لأسباب تكتيكية وأن الحل السياسي يبقى بعيد المنال في ظل الفجوة الكبيرة بين النظام ومعارضيه، وفي ظل استمرار الدعم الروسي للحكومة والجيش السوري. ويرى هوليداي أن الدعم الروسي وراءه أسباب عدة أبرزها اليوم قناعة لدى موسكو بأن النظام السوري قادر على الخروج من الأزمة، وأن رهانها عليه سيساعد في الحفاظ على نفوذها العسكري والاستخباراتي في سورية وضمان مصالحها الاقتصادية. غير أن الخبير، وهو صاحب تقرير عن المعارضة المسلحة في سورية، يستبعد إمكانية نجاح النظام في سحق حالة التمرد، ويرى أن قدراته العسكرية محدودة وغير مؤهلة لضمان نفوذها الكامل على الأراضي السورية في المدى الأبعد. ويقول هوليداي إن النظام غير قادر على استعادة نفوذه بالكامل اليوم في إدلب وحمص، وإن صلابة الثوار ومرونتهم ستزيد من التعقيدات أمام الجيش السوري في المرحلة المقبلة وخصوصاً في حال تم إمدادهم بسلاح ومعدات من الخارج. وإذ يستبعد الخبير تدخلاً عسكرياً أميركياً مباشراً في الأزمة وبسبب التعقيدات السياسية في الداخل الأميركي (سنة انتخابية) وفي مجلس الأمن، يرى أن الحكومة الأميركية تنسق في شكل كبير مع حلفائها الإقليميين والدوليين في هذا المجال، وأن هذه الجهود ترمي إلى تنظيم صفوف المعارضة ومنع تطرفها أو اختراقها من تنظيمات جهادية أو أخرى تابعة لتنظيم «القاعدة». وسيصل الأسبوع المقبل إلى واشنطن وفد من المجلس الوطني السوري يرأسه برهان غليون ومعه جورج صبرا لعقد اجتماعات مع الإدارة.