بات مصير العملية السياسية في مصر في مهب الريح بعدما أصرَّ المجلس العسكري الحاكم على إعداد الدستور الجديد للبلاد قبل تسليم السلطة إلى الرئيس الذي يفترض أن ينتخب الشهر المقبل. وفي وقت حذَّر مرشحون للرئاسة وقوى سياسية من إرجاء انتخابات الرئاسة، أكدت مصادر ل«الحياة» أن رئيس المجلس العسكري المشير حسين طنطاوي متمسك بوضع الدستور أولاً. ويعني استمرار العسكر على موقفهم هذا إرجاء الانتخابات عملياً، إذ أن الجمعية التأسيسية لوضع الدستور حُلّت بحكم قضائي، وستستغرق إعادة تشكيلها وقتاً طويلاً في ظل حال الاستقطاب بين القوى السياسية، فضلاً عن انشغال البلاد بطبيعة الحال بانتخابات الرئاسة المقررة الشهر المقبل، وما تتطلبه من عملية تأمين ستحول دون قدرة الدولة على تأمين استحقاق آخر، وهو الاستفتاء على الدستور. وأكد مسؤول عسكري ل «الحياة» التزام الجيش بتسليم السلطة قبل مطلع تموز (يوليو) المقبل، لكنه لوح ب «تشكيل مجلس رئاسي في حال لم يتم الانتهاء من إعداد الدستور»، وإن لم يوضح كيفية تشكيل هذا المجلس. وشدَّد على أن «مبدأ المجلس العسكري حالياً يتضمن ضرورة وضع الدستور قبل الانتخابات، والمبدأ الآخر هو ترك المجلس العسكري لإدارة شؤون البلاد وتسليمها في 30 حزيران (يونيو) المقبل». وأضاف أن «المؤسسة العسكرية لا ترغب في تأجيل الانتخابات الرئاسية لأن التأجيل سيكون كارثة، لكن المؤسسة العسكرية أيضاً لديها قناعة تامة بضرورة وضع الدستور قبل الانتخابات... فكرة المجلس الرئاسي أحد البدائل الواردة في حال عدم الانتهاء من وضع الدستور، إلا أننا نأمل وندفع في طريق العمل للانتهاء من وضع الدستور قبل الانتخابات الرئاسية وهو ما يتمناه أعضاء المجلس كافة». وقوبل هذا التوجه برفض من غالبية مرشحي الرئاسة، باستثناء الفريق أحمد شفيق، آخر رئيس وزراء في عهد الرئيس السابق حسني مبارك. وحذَّر عمرو موسى في بيان من أن «استمرار المرحلة الانتقالية أو طرح خيارات منقوصة أو ملتبسة مثل المجلس الرئاسي سيعود بالضرر البالغ على الجميع». وطالب بالتزام إجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها. واعتبر المرشح سليم العوَّا إرجاء الانتخابات «أمراً بالغ الخطورة»، فيما اعتبر شفيق أن «إقرار الدستور قبل الانتخابات أمر حتمي، ويؤدي إلى اتساق العملية السياسية مع منطق الأمور والقانون». وشدد حزب «الحرية والعدالة»، الذراع السياسية لجماعة «الإخوان المسلمين»، على «ضرورة التزام خريطة الطريق الموضوعة لنقل السلطة للمدنيين». وأتمت اللجنة المشرفة على الانتخابات الرئاسية أمس تلقي تظلمات المرشحين العشرة الذين استبعدوا من خوض الانتخابات، واستمعت إلى دفوعهم أو موكليهم. وينتظر أن تصدر قرارها النهائي اليوم لتمنح المرشحين فرصة 10 أيام للتنازلات والانسحابات والتحالفات قبل إعلان القائمة النهائية في السادس والعشرين من الشهر الجاري.