فشلت القوى العراقية الفائزة في الانتخابات في وضع حد للأزمة الدستورية والسياسية في البلاد، وقررت إرجاء عقد الجلسة الثانية للبرلمان إلى أجل غير مسمى. ويعقد تأجيل جلسة البرلمان الدستورية الأوضاع السياسية، ويهدد بزيادة التوتر الأمني، ويتزامن ذلك مع توصيات مهمة يعكف مجلس الأمن الدولي على دراستها تمهيداً لإقرارها، وسط تكهنات بأن تتدخل المنظمة الدولية في شكل اكبر لتسوية الخلافات وتشكيل الحكومة. وتوصل اجتماع عقد أمس قبيل الموعد المقرر لانعقاد الجلسة البرلمانية وضم رؤساء وممثلي الكتل البرلمانية إلى اتفاق يقضي بتحويل الحكومة الحالية الى حكومة تصريف أعمال، وتأجيل الجلسات الى أجل غير مسمى في انتظار التوصل الى توافقات على الرئاسات الثلاث. وأعلن رئيس السن للبرلمان فؤاد معصوم أمس أن «الكتل السياسية اتفقت على تأجيل جلسة البرلمان الى إشعار آخر وجعل حكومة المالكي حكومة تصريف أعمال». وأوضح في مؤتمر صحافي عقده أمس بعد انتهاء اجتماع القوى السياسية أن «الكتل اتفقت خلال اجتماع عقدته قبل ظهر اليوم (أمس) على تأجيل جلسة مجلس النواب لانتخاب رئيس للبرلمان ورئيس للجمهورية حتى إشعار آخر لإعطاء الفرصة للكتل السياسية للتوصل إلى اتفاق على تشكيل الحكومة». وأشار الى أن «اجتماع القادة الذي عقد اليوم (أمس) شدد على ضرورة تكثيف اللقاءات للإسراع بتشكيل الحكومة»، مضيفاً أن «الكتل اتفقت أيضاً على تحويل الحكومة الحالية برئاسة نوري المالكي إلى حكومة تصريف أعمال». وقبيل قرار تأجيل جلسة مجلس النواب التي كانت مقررة أمس أعلن الناطق باسم الحكومة علي الدباغ أن مجلس الوزراء ناقش «جعل الحكومة الحالية حكومة تصريف أعمال». وقال في بيان صحافي إن «مجلس الوزراء يؤكد أن الحكومة الحالية تقوم بمهامها وتضطلع بمسؤولياتها استناداً الى الصلاحيات الدستورية والقانونية الممنوحة لها ولا تقوم بعقد أي اتفاقات استراتيجية أو معاهدات أو تعيينات خاصة ولا تقوم بصرف أي مبالغ خارج الموازنة المصادق عليها منذ انتهاء أعمال مجلس النواب ولغاية انتخاب حكومة». ويشدد ائتلافا «العراقية» و «الائتلاف الوطني» على أن «استمرار الحكومة في ممارسة صلاحياتها، على رغم كونها حكومة تصريف أعمال، يعد خرقاً للدستور وعائقاً أساسياً أمام الجهود الرامية لتشكيل حكومة وطنية تضم الجميع، فيما يعتبر «دولة القانون» بزعامة رئيس الوزراء نوري المالكي هذه المطالب غير دستورية. وأكد نائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي أن عدم الاتفاق على تشكيل الحكومة المقبلة سيفتح الباب أمام الأممالمتحدة للتدخل في العراق، وقال في تصريح صحافي إن «الاتفاق على مرشح لمنصب رئاسة الوزراء هو العقبة الوحيدة أمام تشكيل الحكومة على رغم وجود رغبة كبيرة لدى الكتل السياسية لتشكيلها بأسرع وقت ممكن»، محذراً من أن تأخر تشكيل الحكومة سيؤدي إلى أزمة سياسية في البلاد. وأوضح أن «الخروج على الدستور والعرف الذي تم تطبيقه في الانتخابات السابقة والذي منح الكتلة الفائزة حق تشكيل الحكومة يضع البلد في مأزق سياسي ويحرف العملية السياسية عن مسارها الصحيح». واعتبر أن «عدم توصل الكتل الأربعة الفائزة إلى اتفاق لتشكيل الحكومة المقبلة سيدفع الأممالمتحدة والمجتمع الدولي للتدخل في الشأن العراقي»، مؤكداً أن القائمة «العراقية» ترفض تدويل تشكيل الحكومة على رغم إصرار بعض الكتل (لم يسمها) على التدويل». واعتبرت جبهة «التوافق» التي حصلت على خمسة مقاعد في البرلمان الجديد أن أي اتفاق بين الكتل السياسية خارج قبة البرلمان لتشكيل الحكومة «لن يكون له أي اثر قانوني أو دستوري»، وتوقعت عقد الجلسة المقبلة للبرلمان قبل انعقاد اجتماع مجلس الأمن الدولي في 4 آب (أغسطس) المقبل. وقال القيادي في الجبهة سليم الجبوري في مؤتمر صحافي في مقر البرلمان أمس إن «هناك مخاوف حقيقية من أن يأخذ مجلس الأمن زمام المبادرة لحل الأزمة السياسية والدستورية في البلاد»، مشيراً الى أن «الكتل السياسية ترغب في تحقيق تقدم قبل انعقاد اجتماع المجلس».