تشرفت بتقديم بحث في مؤتمر «المرأة في السيرة النبوية والمرأة المعاصرة: المملكة العربية السعودية أنموذجاً» والمنعقد في جامعة القصيم، وكان عنوان البحث «مشاركة المرأة العسكرية في ضوء السنة النبوية» واستمتعت كثيراً أثناء البحث في هذه القضية المعاصرة في ضوء سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي أنصف المرأة حين أعطاها الحقوق على ميزان العدل والقسط لا المساواة الجائرة التي تغض الطرف عن خصائص الخلق والتكوين. بعيداً عن المقدمات الفلسفية، ودخولاً في صلب موضوع البحث، وتأملاً في طبيعة المرأة البيولوجية، توصل البحث إلى أن العمل العسكري لا يخلو من حالتين: عمل المرأة في الأمن الداخلي (الشرطة. المرور. السجون. الجوازات)، وعمل المرأة في الجيش، أو ما يسمى بالتجنيد. ولكل قسم تفريعاته، وأحكامه، أما القسم الأول منهما وهو عمل المرأة في حفظ الأمن فلا يخلو من أن يكون ميدانياً أو غير ميداني، أما غير الميداني فيباح للمرأة هذا النوع من العمل لحفظ الأمن فيما يتعلق بالنساء، كعملها سجانة أو مفتشة في أقسام النساء؛ لمطابقة صور النساء على الوثائق بالمنافذ في إدارة الجوازات أو في طبع بصمات النساء بالأدلة الجنائية ونحو ذلك، وذلك لاتفاق الفقهاء على إباحة الاستئجار على الحراسة كما جاء في المبسوط ومنهاج الطالبين والمغني ومجموع الفتاوى، وغيرها من كتب الفقهاء، لأن العمل في حفظ الأمن القصد منه الحراسة لحصول الأمن، وما زالت المملكة العربية السعودية توظف النساء في مثل هذه الوظائف من غير نكير، لاقتضاء المصلحة ذلك. أما العمل الميداني، فينقسم إلى قسمين: الأعمال الميدانية التي لا تستلزم الملاحقة والمطاردة، ومن أمثلتها مرافقة الموقوفات أثناء التنقلات، وحضور التحقيق مع النساء اللاتي بدون محرم وغيرها فيباح عمل المرأة فيما يختص بالنساء ما لم يترتب عليه محظور من خلوة أو اختلاط أو ضرر عليها، وفي المسألة أثر عن عمر استعان فيه بالنساء لمعرفة ما حصل لامرأة ادّعت مواقعة رجل لها، وأورد الأثر بطوله ابن القيم في الطرق الحكمية الصفحة (70). وأما الأعمال الميدانية التي تستلزم الملاحقة والمطاردة كالشرطة والمرور فلا يجوز تعيين المرأة فيها؛ لأن مهام العمل الميداني تتنافى وطبيعة المرأة التكوينية، وما جبلت عليه من ضعف، وإذا منعت الشريعة قبول شهادة المرأة في الحدود والقصاص كيف تأمرها أن تباشر هذه الحالات، أضف إلى أن مثل هذه الأعمال فيها تعريض المرأة للمخاطر: والأصل في الإسلام أن المرأة تُحمى - بضم التاء - ولا تَحمي - بفتحها، ولأن المفاسد المترتبة على انخراطها في مثل هذه الوظائف أضعاف المصالح، ولأختنا الفاضلة الدكتورة هيلة التويجري رسالة مباركة في (عمل المرأة في الفقه الإسلامي) قد أجادت في عرض هذه المسائل وأفادت، ومن أراد الاستزادة فقد أحلت على ملئ، و«من أحيل على ملئ فليتبع». * داعية، وأكاديمية سعودية. [email protected]