رسول الله محمد بن عبدالله بن عبد المطلب نشأ في ضوء التاريخ، وحده من بين كل الأنبياء، ثم أقرأ هذا العنوان: هل وُجِد محمد؟ أو هل عاش محمد؟ هكذا، «محمد» من دون لقب أو تكريم، والكلمات عنوان كتاب سيصدر في الربيع المقبل من تأليف روبرت سبنسر، وهو نشط في موقع ليكودي أميركي يهاجم الإسلام والمسلمين، وخصوصاً الشريعة. والمؤلف يشكّك في وجود النبي محمد، ويقول إن الفصل الأول من كتابه يحمل العنوان «الرجل الذي لم يكن هناك». وعصابة الدجل تجري مناظرات عبر التلفزيون والراديو، ولها مواقع على الإنترنت، وفي كل يوم حملة جديدة. كل ما له علاقة بالنبي محمد ورسالته معروف، وقد يكون هناك اختلاف على يوم أو سنة، إلا أنه يبقى ضمن التفاصيل المتفق عليها. هو محمد بن عبدالله بن عبد المطلب، ونسبه حتى قريش لا تنازع عليه. ولد سنة 571 ميلادية (التواريخ بالميلادية ليسهل على الأجانب فهمها) وتوفي والده قبل ولادته، وتوفيت والدته آمنة وهو ابن ست سنين، وكفله جده عبد المطلب ثم عمه أبو طالب. تزوج خديجة بنت خويلد وهو ابن 25 سنة وهي بنت أربعين، ورزق منها جميع أولاده وبناته، باستثناء إبراهيم وكانت أمه مارية القبطية، ولم يتزوج في حياة خديجة امرأة أخرى، وهو تزوج إحدى عشرة امرأة، وتوفي عن تسع. وكانت خديجة أول من آمن برسالته. المسلمون هاجروا من مكة إلى الحبشة فراراً من اضطهاد قريش مرتين: الأولى ضمّت 11 أسرة مكية والثانية سنة 615 ميلادية، ضمّت 83 أسرة. وأول ما نزل الوحي كان في 27 رمضان، سنة 610 ميلادية، أو في ليلة القدر، وهو في غار حراء، وكان: اقرأ باسم ربك الذي خلق، من سورة العلق. سنة 622 ميلادية هاجر إلى مكة، وبدأ التقويم الهجري في ما يعادل 16/6/622، وكانت غزوة بدر في سنة 624، وأحُد 625، ومعركة الخندق 627، وصلح الحديبية 628، وفتح مكة 630، أو سنة تحطيم الأصنام في البيت الحرام. ورفع النبي إلى ربه في 8/6/633. كتّاب الوحي جميعاً معروفون بأنسابهم، وكذلك رواة الحديث. بل إن أسماء حواضنه ومراضعه معروفة، وأيضاً قصصه مثل خروجه مع عمه أبي طالب إلى الشام ولقائه الراهب بحيرا. كل ما سبق ثابت وعليه آثار، أو له مراجع لا يرقى إليها الشك، ثم يأتي يهود أميركيون ليسألوا هل وجد محمد؟ ويشككون في حقائق التاريخ والدين ونبيه والسبب الأهم أن دينهم وأنبياءه كذبة فيحاولون نقل الكذبة إلى غيرهم. ربما وضعت يوماً كتاباً عن الموضوع، وقلت رأيي فيهم بصراحة، لا أقدر عليها في جريدة، فكل ما نعرف عن الإسلام ونبيه ثابت أكيد، وكل ما وصل إلينا عن الدين اليهودي وأنبيائه كاذب لا تسنده أي آثار. الإسلام جاء في ضوء التاريخ، والدين اليهودي كتب بعد 500 سنة إلى ألف سنة من نزوله. أزعم أن أنبياء اليهود، وتحديداً الأنبياء في كتب موسى الخمسة من التوراة، لم يوجدوا وأتحدى مؤرخي العالم وعلماء الآثار أن يأتوا بدليل واحد قاطع عليهم. ثم أسجل أن احتفال الكنائس المسيحية الشرقية والغربية بعيد الفصح الأسبوع الماضي وهذا الأسبوع تزامن مع عيد الفصح اليهودي الذي يحيي نجاة اليهود من السوق في مصر، وهذا كذب توراتي لم يمنع كاتباً يهودياً أميركياً هو اري راتنر في «لوس أنجليس تايمز» من ربط عيدهم بثورة شباب مصر. أقول نحن لا نعرفكم ولا نريدكم. أزعم أن أنبياء المسلمين غير أنبياء اليهود، وأطالب علماء المسلمين بأن يفصلوا بين أنبيائنا وأنبيائهم. وكالة «رويترز» نشرت تحقيقاً عن أفضل عشر دول لقضاء عيد الفصح المسيحي فيها فكان لبنان الثالث، وغابت إسرائيل كلها رغم احتلالها القدس، أو بسبب تدنيسها المدينة المقدسة. لا توجد آثار في القدس أو فلسطين كلها لممالك يهودية، ولا آثار لهم في مصر أو سيناء، وأتحدى الدكتور زاهي حواس أن يأتيني بآثار تناقض كلامي. وأطالب علماء المسلمين بالتالي أن يوضحوا الفارق بين الأنبياء في القرآن الكريم والتاريخ اليهودي المزيف. ما كنت دخلت هذا المدخل لولا أن وقاحتهم (هل أقول كفرهم؟) بلغت بهم أن يشكّكوا في وجود النبي محمد، وهو ثابت، ويتجاوزون أنبياءهم الذين لم يوجدوا إلا في خرافات توراتية. ثم لا أفهم سكوت المسلمين الذين تستفزهم رسوم كاريكاتورية ولا يثورون لإنكار وجود نبيهم. لا أدري إذا كنت سأعود إلى الموضوع في المستقبل، وأرجو ألا أعود، إلا أن الموضوع استفزني فكانت هذه السطور. [email protected]