أعتقد أنني أصبحت أنافس الأخ منتصر الزيات في العمل محامياً عن الجماعات الإسلامية، أو المسلمين عموماً لأنهم لا يعرفون كيف يدافعون عن أنفسهم. وكنتُ انتصرت قبل أيام للشيخ يوسف القرضاوي، بعد أن اتهمته مواقع ليكودية أميركية تدافع عن مجرمي الحرب الإسرائيليين بأنه هتلر، وأعود اليه اليوم بعد أن وجدت الحملة عليه مستمرة، فجريدة «جيروزاليم بوست» هاجمته لأنه دعا من ميدان التحرير الى تدمير إسرائيل، وهتف المستمعون «ألله أكبر» تأييداً لكلامه. وهاجمت مواقعهم رشاد البيومي وكمال هلباوي، من زعماء الإخوان المسلمين، لأنهما أعلنا رفض معاهدة السلام مع إسرائيل. لا أريد تدمير إسرائيل، وإنما أقبل دولة فلسطينية على 22 في المئة من أرض فلسطين التي أتفق مع الإخوان المسلمين على انها من البحر الى النهر، ثم أؤيد تماماً موقف الإخوان في رفض معاهدة السلام مع إسرائيل وأطالب بإلغائها (الليكوديون هاجموا أيضاً السياسي المصري أيمن نور، وهو زميل سابق رأس يوماً مكتب «الحياة» في القاهرة، لأنه قال إن اتفاقات كامب ديفيد انتهت مع نهاية عهد مبارك). أقرأ عجباً، فالليكوديون لا يزالون يعترضون اليوم على الانسحاب الإسرائيلي من سيناء، وأختار مثلاً على ذلك مقالاً عنوانه: ادعاء مصر «غير المقدس» بسيناء، كتبه ديفيد ايزاك، أو اسحق، أي انه يهودي ليكودي، ورفض فيه «زعم» أنور السادات ان سيناء أرض مقدسة وجزء من مصر وقال: «حقيقة الأمر انه لم يكن لمصر سوى علاقة تاريخية عابرة بسيناء... وإسرائيل لها مثل حق مصر في سيناء وربما أكثر». إسرائيل ليس لها حق في إسرائيل فهي دولة مزورة قامت في أراضي الفلسطينيين، ولكن كيف دعم الليكودي الأميركي حجته؟ يكاد الجواب يكون مضحكاً لولا أهمية الموضوع، فهو يستشهد بمستشار لمناحيم بيغن، أي الإرهابي مجرم الحرب المعروف، اسمه شمويل (صموئيل) كاتز وهو مؤلف كتاب «أرض المعركة: الحقيقة والخيال في فلسطين» وهذا يعود الى تاريخ الاستعمار البريطاني في المنطقة الذي مهّد للاستعمار الصهيوني اللاحق، ثم يستشهد برسالة الى «التايمز» سنة 1957 كتبها مستشار سابق لدائرة المستعمرات البريطانية. ما اسم المستشار؟ ريتشارد ماينزتزاغن، أي واحد منهم. وهكذا فالدليل على ضعف علاقة مصر بسيناء هو ما فعل الاستعمار البريطاني، وما نقل الصهيونيون المحتلون واحداً عن الآخر، وهم يقتلون النساء والأطفال ويدمرون ويرتكبون المجازر. ربما ما كنت كتبت هذا الموضوع اليوم لولا ان ديفيد ايزاك يستشهد بالتوراة في موضوع سيناء وينقل عن أسفار التكوين ويشوع وأخبار أن حدود أرض اسرائيل هي شرق روافد النيل في الدلتا (أفيقوا يا ناس قبل أن تجدوهم بينكم). أقول بأوضح عبارة ممكنة ان التوراة ليست تاريخاً، وانما مجموعة خرافات دينية، وأنبياء اليهود لم يوجدوا في بلادنا من ابراهيم الى موسى ويشوع وداود وسليمان، والأنبياء الواردة أسماؤهم هذه في القرآن الكريم غير أنبياء اليهود لأن القصص عنهم مختلفة، وأتحدى الدكتور زاهي حواس مرة أخرى، أو من يخلفه، ان يأتي لي بأثر واحد عن وجود لليهود في مصر أو سيناء. كان هناك يهود في المنطقة كلها إلا أنهم لم يؤسسوا دولاً أو ممالك ولا أثر لهم في القدس نفسها، وهم وُجِدوا قبل أنبيائهم الذين زُوِّر تاريخهم في فترة لاحقة، فلعل اليهودية هي الدين الوحيد الذي سبق أنبياءه. أترك القارئ مع كتابين لهما علاقة بالموضوع، ربما عدت إليهما بتفصيل أكبر في المستقبل: - «القدس: سيرتها» من تأليف سيمون سيباغ مونتيفيوري، وهو مؤرخ يهودي بارز، والكتاب استقبل بترحيب كبير من النقاد، غير أنني قرأت في عرض له أنه يتحدث عن نهب القدس وتدمير الهيكل سنة 70 ميلادية، وأن القائد الروماني تيتوس أمر بصلب 500 يهودي كل يوم حتى لم يبق للرومان خشب يصلبون اليهود عليه. التاريخ الذي درسته، وبعضه كتبه يهود، هو أن سليمان وهيكله لم يوجدا ولا أثر لهما إطلاقاً وإنما هما خرافة توراتية أخرى. - «احتلال الأراضي (الفلسطينية): شهادات جنود إسرائيليين 2000 - 2010» هو حقيقة إسرائيل كما يرويها جنود إسرائيليون، رأوا أو مارسوا جرائم حرب ضد الفلسطينيين بدأت قبل الاحتلال الأول، ولا تزال تُرتكب كل يوم. هذا تاريخ حقيقي شهوده أحياء وضحاياه معروفون، أما التاريخ الآخر فخرافة توراتية لتبرر سرقة الأرض من أهلها. [email protected]