هاجم كتّاب ومثقفون إسرائيليون وزير الداخلية ايلي يشاي في شأن القرار الذي أصدره بمنع الكاتب الألماني الكبير غونتر غراس من دخول إسرائيل ناعتاً إياه بأنه «شخصية غير مرغوب فيها». وكان يشاي أصدر هذا القرار بعد الإدانة السياسية التي وجهّها رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزير الخارجية أفيغدور ليبرمان الى الاتحاد الأوروبي لما صدر عن غراس من مواقف تتهم إسرائيل بالخطر الكوني، مذكرين إياه بماضيه النازي، بحسب تعبيرهما. وأخرج قرار الداخلية الإسرائيلية هذا «الشبح الطائفي من قمقمه» وهو التعبير الرائج عن الصراع بين الشرقيين والغربيين في البلاد وكان هناك من اتهم يشاي الشرقي بعدم قراءة الأدب العالمي وانه عنصري يفتقر الى الثقافة. أما إسرائيل الرسمية فعللت قرارها بأن «كون الإنسان كاتباً كبيراً وحائزاً على جائزة نوبل لا يخوله بطاقة حرة في كلامه وسفره، مع هذا صورته في بزة ال «إس. إس» يمكنها أن تقصر من خطاه وتمنع حضوره الى دولة اليهود». واعتبرت المنظمات اليهودية في أوروبا والولايات المتحدة بأنه يفتقر إلى الصدقية الثقافية والإحساس الإنساني خصوصاً أن تصريحاته وقصيدته أتت بعيد المجزرة التي وقعت في تولوز الفرنسية أخيراً. وكانت الرواية البيوغرافية التي حملت عنواناً مجازياً «تقشير البصل» الصادرة عام 2006 واعترافات غونتر غراس عن فترة شبابه الأول وميوله الفكرية وانتمائه للحزب النازي أثارت سجالاً لم ينته لا سيما اعترافه بالانضمام الى كتيبة «وافن إس. إس» رغم انضمامه القصير وعدم تورطه في الجرائم النازية. لكنها نقطة سجلت ضده في العالم اليهودي وأوساط الباحثين في تاريخ المحرقة النازية لكون «وافن إس. إس» كتيبة كانت لها سمعة سيئة بوحشيتها في إبادة التمرد اليهودي في غيتو وارسو عام 1943، واضطلعت في تعذيب وقتل سادي للأسرى الأميركيين، وكان يتم تجنيد كادرها القتالي مباشرة على يد الحزب النازي وهي ترفع ولاءها الأعمى للفوهرر. في العام 1967 زار غراس إسرائيل المنغلقة على نفسها في نطاق الصراع الإقليمي في الشرق الأوسط ورفض اتحاد الكتّاب العبريين استقباله رسمياً. وعلّل الشاعر الإسرائيلي نتان الترمان ذلك بانتماء غراس في صغره إلى حركة الشباب الهتلري «هتلر يوغند». وفي 1971 زار الدولة اليهودية في مبادرة أسبوع الثقافة الألمانية، وفي 1973 زار تل أبيب برفقة المستشار الألماني ويلي براندت الذي أيد غراس حملته الانتخابية. بعد صدور النسخة العبرية لرواية «تقشير البصل» ارتفعت مبيعاتها لما تضمنته من اعترافات صادمة لصاحب «طبل الصفيح» واتهمته الأقلام النقدية في الصحافة العبرية ثانية بالنازية ومعاداة السامية بلهجة لم تترك مجالاً للمسامحة رغم كل مواقفه المؤيدة لإسرائيل.