أفاد تقرير اقتصادي بارتفاع إيجارات المنازل في السعودية بنسبة 73.5 في المئة خلال الأعوام السبعة الماضية، وفي الإحصاءات الرسمية، ما شكل ضغطاً كبيراً على مداخيل الأسر السعودية، وتسجيل تكاليف الإيجار أعلى معدلات التضخم مقارنة ببقية أنواع الإنفاق الرئيسة. وعزت شركة «المزايا القابضة»، في تقرير أسبوعي، هذا الارتفاع إلى مجموعة معطيات أهمها «الزيادة في تكاليف البناء وأسعار الأراضي ومستويات الطلب، والمستثمرين الذين يعملون على رفع الأسعار في شكل دائم من خلال المضاربات والمزايدات وصولاً إلى ما هي عليه اليوم». وقالت إن توجه الجهات الرسمية المتمثل بإعادة التوازن بين العرض والطلب وضخ مزيد من الوحدات السكنية يهدف إلى «خفض مستوى التضخم الحاصل على الأسعار». وذكر التقرير أن اقتصادات دول المنطقة تأثرت بدورات اقتصادية منذ بدء العمل بالبناء وصولاً إلى المستوى الحالي من الإنجاز في مشاريع التنمية والبنية التحتية. وتأثرت اقتصادات دول المنطقة بتطورات الاقتصاد العالمي، وبشكل أكبر من التبعات السلبية للتضخم المستورد، كونها تصنف من بين الدول المستوردة لمعظم السلع والخدمات. وفي المقابل سجلت دول المنطقة تطورات داخلية أسهمت مباشرة في رفع معدلات التضخم لتصل إلى مستويات خطرة على اقتصاداتها، في مقدمها الارتفاع الملحوظ والمتواصل في إيجارات العقارات على أنواعها، إضافة إلى الزيادة المستمرة في أسعار المبيعات العقارية، وفي شكل يتعارض والدورات الاقتصادية التي ترفع وتخفض قوى العرض والطلب. وأشارت «المزايا» إلى أن مسارات أسعار الطاقة «تستحوذ أيضاً على نصيب جيد من معدلات التضخم المسجلة من وقت إلى آخر، انسجاماً مع ما هو مسجل في الأسواق العالمية، إذ تلجأ دول المنطقة إلى تعديل الأسعار تبعاً لذلك». في المقابل، أدى الانتعاش الاقتصادي الذي سجلته أسواق العقارات، نتيجة ارتفاع أسعار النفط وتدفق الاستثمارات الأجنبية والنمو السكاني، إلى «ارتفاع الأسعار في كل السلع والخدمات، وبين هذا الاتجاه وذاك بات واضحاً أن كل المؤشرات المالية والاقتصادية ترجح اتجاه الأسعار نحو الأعلى على المنتجات العقارية وغير العقارية». وتوقع التقرير أن «يمتد الأثر السلبي لتضخم اقتصادات دول المنطقة، في كل القطاعات الإنتاجية والخدمية وصولاً إلى معدلات النمو المستهدف وتعزيز القيمة الاقتصادية المضافة، التي تسعى دول المنطقة إلى تحقيقها، من خلال التركيز على المشاريع الاستراتيجية الضخمة». واعتبر أن «صعوبة التنبؤ بمعدلات التضخم ستؤثر بشكل مباشر في قرارات الاستثمار والمستثمرين، نتيجة الضبابية التي يفرضها التضخم على الاقتصاد المحلي لكل دولة وجدوى المشاريع المزمع تنفيذها». وسيؤدي ذلك إلى «تراجع حجم الاستثمارات وانخفاض القدرة التنافسية للمنتجات، إضافة إلى صعوبات كبيرة في جذب الاستثمارات الخارجية». ولم يستبعد أن تحمل معدلات التضخم المرتفعة، في ظل صعوبة إيجاد الحلول الجذرية لها، أصحاب رؤوس أموال ومستثمرين كثراً على البحث عن مواقع أخرى تنخفض فيها معدلات تآكل العائدات الاستثمارية. ولاحظ تقرير «المزايا» أن ارتفاع أسعار النفط من 50 دولاراً للبرميل عام 2006 إلى 107 دولارات للبرميل حالياً، «زاد المداخيل والإنفاق الاستهلاكي والاستثماري، ما أفضى إلى ارتفاع أسعار السلع والخدمات المستوردة». ورأى أن الزيادة الكبيرة في أعداد الوافدين نتيجة التوسع في قطاعات السياحة والعقارات والخدمات والغاز والإعلام والتعليم، التي تستهدف تنويع الهياكل الاقتصادية في دول المنطقة، شكلت «السبب الرئيس لارتفاع أسعار معظم السلع والخدمات وأسهمت أيضاً في تراجع نوعية الخدمات وتحديداً في قطاع البناء، الذي لم يعد في مستوى الجودة المعيارية المطلوبة، ما سيرفع كلفة الصيانة وانخفاض العمر الافتراضي لهذه المباني». وربط صندوق النقد الدولي، التضخم في الدول الخليجية «بالنشاطات العقارية والجوانب المتعلقة بأسعار صرف الدولار». وفي الكويت، أعلن التقرير أن أسعار العقارات فيها «استمرت في الارتفاع مسجلة نسبة 2.4 في المئة في الربع الأول من العام الحالي، و3.9 في المئة في الربع الأخير من عام 2013». وارتفع العقار الاستثماري بنسبة 4.4 في المئة في الربع الأول و7 في المئة نهاية العام الماضي». وعزا التقرير ذلك إلى «عدم إيجاد حلول جذرية للتحديات الإسكانية، فضلاً عن ضعف منتجات التمويل المهدئة للطلب المتزايد والتأخير في المشاريع التنموية التي تنفّذها الحكومة، وأخيراً انحسار المساحات القابلة للاستثمار العقاري». أما الإمارات فتأتي في الطليعة على مستوى ارتفاع الطلب على المنتجات العقارية بين دول مجلس التعاون، لتزيد أسعار العقارات بنسبة 30 في المئة نهاية 2013. ولفت التقرير إلى أن أسعار العقارات السكنية في دبي «زادت بنسبة 17.7 في المئة في الربع الأول من العام الحالي وفق مؤشر غلوبل هاوس لأسعار العقارات السكنية». وفي قطر استمر الارتفاع القياسي في أسعار الأراضي ليصل إلى 5 أضعاف منذ العام 2010، ما سيؤثر سلباً في حركة الاستثمارات وجدوى المشاريع العقارية على مستوى التكاليف والعائدات المتوقعة وتحديداً في الدوحة. مطالبة بالحد من ارتفاع أسعار المنتجات العقارية خلص تقرير شركة «المزايا القابضة» إلى التشديد على «أهمية الحد من الارتفاع المتواصل في أسعار المنتجات العقارية، نظراً إلى تأثيراته السلبية في تكاليف الاستثمار العقاري والزيادة في تكاليف الإنتاج، مع احتمالات الدخول في اهتزازات مالية واقتصادية مصدرها القطاع العقاري، وصولاً إلى التحول من الاستثمار الحقيقي إلى المضاربات». ولتفادي الوقوع في الأخطار، أكد ضرورة «بدء مراجعة شاملة لكل التشريعات والقوانين المنظمة للنشاطات العقارية ومراقبة التطورات في السوق العقارية وفي شكل دائم، والعمل على إيجاد التوازن بين قوى العرض والطلب من خلال ضخ مزيد من الاستثمارات في المشاريع العقارية من جانب القطاعين العام والخاص». ولم يغفل في هذا المجال أيضاً، ضرورة «توفير مزيد من الأراضي لهذه الغاية، مع الأخذ في الاعتبار أن تنظيم عمل السوق العقارية والقائمين عليها، يحتل المرتبة الأولى في الأهمية في هذا الاتجاه لما تحمله الممارسات غير المهنية من تداعيات على مستوى التضخم في أسعار العقارات في كل الدول».