دمشق، بيروت - «الحياة»، أ ف ب، أ ب - تجاوز عدد القتلى أمس في مختلف المناطق السورية 150 شخصاً على الأقل، بحسب تقديرات مصادر معارضة، وذلك قبل ثلاثة أيام على بدء الموعد المفترض لوقف أعمال العنف من جانب النظام السوري، بعد موافقته على خطة المبعوث الدولي العربي كوفي أنان، وفي الوقت الذي كان مفترضاً أن تكون هذه الفترة الفاصلة مناسبة لبدء سحب الآليات الثقيلة للجيش من المدن، وتخفيف الانتشار العسكري فيها. ودان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الهجمات الجديدة التي شنها النظام السوري على معاقل المعارضة على رغم تعهد دمشق بوقف عملياتها قبل الثلثاء المقبل، واعتبر أن هذه الأعمال تمثل «انتهاكاً» للموقف الذي اتخذه مجلس الأمن الدولي بالإجماع بتأييد خطة أنان. وأضاف بان أن تعهد الرئيس بشار الأسد بوقف العمليات العسكرية في مهلة أقصاها 10 نيسان (أبريل) «لا يمكن أن يشكل ذريعة للاستمرار في القتل». وجاء التصعيد الأمني في وقت احتفل مؤيدون للنظام السوري في ساحة السبع بحرات في دمشق بالذكرى الخامسة والستين لتأسيس حزب البعث، وأخذوا يرددون هتافات مؤيدة للرئيس السوري وللنظام، في إشارة إلى الترابط بين بقاء النظام ونفوذ الحزب الحاكم، وعلى رغم أن الدستور الجديد بعد تعديله ألغى المادة الثامنة التي كانت تنص على «قيادة حزب البعث للدولة والمجتمع». ويعتقد ناشطون أن يكون التصعيد الأمني الأخير من جانب القوات السورية ضد المعارضة محاولة للقضاء على ما أمكن من مظاهر الانشقاق قبل الموعد الذي وافق عليه لوقف عملياته القتالية. وتقول مصادر المعارضة انه على رغم إبلاغ النظام السوري الأممالمتحدة أنه بدأ سحب آلياته من بعض المدن، فانه لم تسجل انسحابات للقوات من المواقع والحواجز التي كانت تتمركز فيها، كما أن القناصة ما زالوا متمركزين في كل المواقع في المدن والبلدات التي تشهد احتجاجات. وبثت قناة «العربية» شريطاً وزعه «الجيش السوري الحر» يظهر فيه شاب إيراني يناشد حكومة بلاده السعي لإطلاقه مع ستة من رفاقه، مشيراً إلى أن رفيقاً لهم قتل بعد سقوط قذيفة على مكان احتجازهم في حي بابا عمرو في حمص. وكانت عمليات الجيش السوري أخذت أمس شكل مجازر جوالة امتدت من بلدة اللطامنة في ريف حماة إلى حريتان في محافظة إدلب ودير بعلبة والرستن في محافظة حمص. وفي ريف حماة «تحركت ليل الجمعة - السبت مدرعات الجيش إلى محيط اللطامنة وقصفتها من بعد، ثم تقدمت فيها ببطء في ظل مقاومة خفيفة وسيطرت عليها وبدأت فيها حملة ترويع»، كما قال عضو المكتب الإعلامي لمجلس الثورة في حماة أبو غازي الحموي لوكالة «فرانس برس»، فيما قال أحد سكان اللطامنة إن «القوات النظامية دخلت صباحاً إلى البلدة وبقيت فيها حوالى ثلاث ساعات قبل أن تعود وتنسحب بعدما ارتكبت مجزرة بحق السكان». وفي مدينة حماة اقتحمت القوات النظامية صباح أمس حي القصور، وقال أحد الناشطين إن «عناصر الأمن أحرقوا بيتاً لناشط معارض»، كما شهدت أحياء عدة في حماة اشتباكات بين القوات النظامية وعناصر «الجيش الحر». وفي بلدة حريتان بريف حلب قال المرصد السوري لحقوق الإنسان إنه عثر على جثامين عشرة مواطنين تحت الأنقاض في البلدة التي تعرضت للقصف أمس، بعد أن شهدت مواجهات بين الجيش ومنشقين أسفرت عن مقتل ضابط وثلاثة عناصر من القوات النظامية اثر كمين نصب لهم، كما قتل جنديان في اشتباكات مع منشقين. وأفادت لجان التنسيق المحلية أن القوات النظامية قصفت القرى والمزارع المجاورة لمدينة الرستن في ريف حمص بعدما نزح ثمانون في المئة من سكان المدينة إلى المناطق المجاورة نتيجة القصف. وقال هادي العبد الله إن «القوات النظامية تحاول اقتحام الرستن من مدخلها الشمالي، وتدور اشتباكات عنيفة مع عناصر الجيش السوري الحر في ظل تساقط الصواريخ على وسط المدينة». وفي ريف إدلب دارت اشتباكات بين القوات النظامية ومنشقين في مواقع عدة من هذه المنطقة المتاخمة للحدود مع تركيا، التي تركزت فيها في الأسابيع الماضية العمليات العسكرية للقوات النظامية. وقتل في المواجهات 12 شخصاً على الأقل في إطلاق رصاص وقصف. كما تعرضت قرى قريبة من مدينة جسر الشغور للقصف. وأدى تصاعد القتال في إدلب في الأيام الأخيرة إلى تزايد أعداد اللاجئين الذين عبروا الحدود إلى الجانب التركي يحملون روايات عن المجازر والمقابر الجماعية وإحراق المنازل في قرى المحافظة. وذكر ناشطون أن أكثر من مئة شخص قتلوا في الحملات التي تعرضت لها قريتا تلفناز وكلّي في ريف إدلب في الأيام الأخيرة. وبثت تنسيقيات دمشق مقاطع على الإنترنت تظهر استمرار انتشار الدبابات والمدرعات التابعة للقوات النظامية في مدينة دوما، في إشارة إلى عدم التزام النظام بخطة كوفي أنان. وفي الزبداني في ريف دمشق، قال عضو تنسيقية الزبداني عبد عبد الرحمن في اتصال مع وكالة «فرانس برس» إن «المدينة تعرضت لقصف عنيف، وأصابت عدة قذائف منازل فيها. ووصل إلى تركيا في الساعات الأربع والعشرين الماضية حوالى 700 سوري، ما يرفع إلى 24 ألفاً عدد اللاجئين الذين تستقبلهم البلاد، بحسب مسؤول تركي. واستقبلت تركيا الأسبوع الماضي في غضون 36 ساعة رقماً قياسياً من اللاجئين بلغ 2800 شخص هرباً من قصف المروحيات التابعة للجيش النظامي.