باماكو، باريس – رويترز، أ ف ب - أعلنت «الحركة الوطنية لتحرير أزواد» (الطوارق) الانفصالية المتمردة في مالي انتهاء عملياتها العسكرية شمال البلاد، داعية المجتمع الدولي الى حماية «دولتها أزواد» التي ستضم مدن كيدال وغاو وتومبوكتو الخاضعة لسيطرتها منذ الأسبوع الماضي. لكن ذلك لم يمنع مسلحين يشتبه في انتمائهم الى «حركة الجهاد والتوحيد» المنشقة عن «تنظيم القاعدة في بلاد المغرب العربي» من اقتحام قنصلية الجزائر في غاو، وخطفهم سبعة ديبلوماسيين اقتادوهم الى جهة مجهولة. جاء ذلك بعد مغادرة قائد القوات الأميركية في أفريقيا (أفريكوم) الجنرال كارتر هام الجزائر اثر لقائه رئيسها عبد العزيز بوتفليقة، وتشديده على ضرورة العودة إلى نظام مدني في مالي. في المقابل، دعا الكابتن امادو سانوغو، قائد الانقلابيين الذين استولوا على السلطة في باماكو في 22 آذار (مارس) الماضي، الغربيين الى التدخل عسكرياً في الشمال، وهو ما ناقشه قادة جيوش دول المجموعة الاقتصادية لدول غرب افريقيا (ايكواس) في ابيدجان أمس، فيما شدد وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه على ان «لا حل عسكرياً» لمطالب الطوارق. وحض على تغليب الحوار، ومشاركة «ايكواس» والجزائر وموريتانيا فيه. وكتبت الحركة في بيان وقعه امينها العام بلال اغ الشريف: «نعلن وقف العمليات العسكرية من جانب واحد، وذلك بعد تحرير كل أراضي ازواد، وذلك استجابة لطلب المجتمع الدولي خصوصاً مجلس الأمن والولايات المتحدة وفرنسا ودول المنطقة». وأكدت عدم نيتها التقدم جنوباً، حيث يعاني الجيش فوضى الانقلاب. وبخلاف الحركة أعلنت جماعة «أنصار الدين» المتشددة والتي يرجح كونها القوة العسكرية الأكبر شمال مالي، نيتها تطبيق الشريعة في أنحاء البلاد، متجنبة وضع حدود لمدى تقدمها في الجنوب. ويشير ذلك الى توتر العلاقة بين الحركة والجماعة، مع عدم استبعاد محللين اندلاع اشتباكات بينهما قريباً بسبب تعارض أهدافهما. وكان لافتاً، وصف الوزير جوبيه «الحركة الوطنية لتحرير أزواد» بأنها «ذات صدقية بخلاف جماعة أنصار الدين التي اخترقتها القاعدة ولا أرى كيف يمكن أن نحاورها في ظل تحديد هدفها بقتل مواطنينا». وفيما تتمسك الدول الأفريقية والمجتمع الدولي برفض انفصال شمال مالي، اكد قائد الانقلابيين الكابتن سانوغو ضرورة تدخل الغربيين عسكرياً في الشمال. وقال في حديث نشرته صحيفتا «ليبيراسيون» و»لوموند» الفرنسيتان: «عبرت القوى الكبرى المحيطات وقاتلت الأصوليين في أفغانستان، فماذا يمنعها من المجيء الى بلدنا؟ تريد لجنتنا الخير للبلاد. العدو معروف وهو ليس في باماكو بل في الشمال». ورفض التمييز بين «الحركة الوطنية لتحرير ازواد» والحركات الإسلامية «لأنها تزرع الرعب كلها». وأعلن أن «باب الحوار مفتوح، لكننا لن نساوم على وحدة أراضي مالي»، علماً أن لجنته ألغت «المؤتمر الوطني» الذي كانت ستعقده في العاصمة أمس من اجل ضمان «تحضير افضل». وأبدى مجلس الأمن قلقه من وجود «القاعدة» في مالي ومحاولته زيادة حال عدم الاستقرار، فيما حض جوبيه على التعاون الإقليمي لمحاربة توسع «القاعدة» في غرب أفريقيا. في الجزائر، شاهد سكان قبليون في الجنوب شاحنات للجيش محملة مئات الدبابات جمعت في مواقع غير بعيدة من الحدود المالية، ما يوحي بأن حسابات أخرى تقيد الموقف الرسمي المعلن للجزائر والذي يتمثل في رفض التدخل عسكرياً شمال مالي. وأبلغت مراجع جزائرية مأذون لها «الحياة» أن بوتفليقة «يحبذ تحييد حركة ازواد من النزاع، ودفعها الى إبرام هدنة وإقناعها بالحل السياسي بدلاً من فكرة الانفصال، ما قد يهيّء الظروف لمحاربة مقاتلي القاعدة من دون خلط بينهم وقضية الأزواد». ونقلت هذه المراجع عن مسؤول جزائري التقى الجنرال الأميركي ان بلاده «تخشى احتمال قيام حركة طالبان جديدة شمال مالي».