تونس - رويترز – تستعد شركة «يوروكاست» الأميركية للتوسع في مصنعها على مشارف العاصمة التونسية، إذ يعتزم مصنع أجزاء محركات الطائرات استثمار مليوني دولار في مجمعه الإنتاجي نهاية هذه السنة، بما سيسمح له بمعالجة مجموعة جديدة من السبائك الفائقة. وأعلن المدير العام للمصنع توماس وندت، في تصريحات إلى وكالة «رويترز»، أن العمل «على ما يرام ونسجل نمواً نسبته 30 في المئة سنوياً». وأوضح أن المصنع «لم يغلق إلا يوماً واحداً، وكان ذلك في 14 كانون الثاني (يناير) يوم الإضراب العام». وقال: «لم نصل إلى طاقتنا الكاملة بعدها، لكن استطعنا الإنتاج وتخطي هدفنا للمنطقة». أزمة ثقة وقطعت تونس مساراً وعراً، عندما أطاحت انتفاضتها في كانون الثاني عام 2011 بالرئيس السابق زين العابدين بن علي، وفي خضم صعوبات بناء ديموقراطية جديدة انكمش الاقتصاد بنسبة 1.8 في المئة العام الماضي. وأفضت إضرابات للعمال الذين أصبحوا أكثر جرأة إلى إغلاق مصانع، ما أبطأ عملية التعافي الاقتصادي. وعمد السياح الذين يساهم إنفاقهم بنحو 6.5 في المئة من الناتج المحلي البالغ نحو 44 بليون دولار، إلى إلغاء حجوزات خوفاً من العنف. وأعلنت وكالة النهوض بالاستثمار الخارجي «تراجع الاستثمار الأجنبي المباشر وتدفقات المحافظ نحو الثلث، في ظل عدم ثقة الشركات في نجاح الانتفاضة بإرساء الديموقراطية، أم بحلول الفوضى. وبعد أكثر من سنة على الثورة ونحو ستة أشهر على الانتخابات التونسية، التي أعلن مراقبون أنها كانت حرة ونزيهة، يعود المستثمرون والسياح لكن بخطوات مترددة. الطاقة والصناعة وأظهرت بيانات وكالة النهوض بالاستثمار الخارجي، أن الاستثمار الأجنبي المباشر الجديد ارتفع 35.2 في المئة في الشهرين الأول والثاني من العام الحالي، قياساً إلى الفترة ذاتها من عام 2011 وبنسبة 5.9 في المئة عنها قبل سنتين. واتجه معظم هذا المال إلى الطاقة والصناعة، بينما تأخر تعافي السياحة التي كانت تدر نحو بليوني دولار سنوياً، وكان عدد العاملين فيها 400 ألف شخص قبل الثورة. لكن وزير السياحة الياس فخفاخ، توقع «ارتفاع عدد الزوار 20 في المئة هذه السنة». وتلاشت آمال مبكرة للحكومة بأن ينتعش الاقتصاد بنمو 4.5 في المئة هذه السنة، إذ لا تستبعد نمواً أكثر تواضعاً عند 3.5 في المئة. لكن رجال الأعمال المحليين يزدادون ثقة في أن الديموقراطية ورفع قبضة بن علي عن الاقتصاد، سيؤتيان ثمارهما. وأوضح المدير العام للبنك التونسي - الكويتي حسين مويلحي، أن «الجميع يلاحظ تحسّن الأوضاع يوماً بعد يوم، منها الوضع الاجتماعي مع تراجع عدد الإضرابات وعدد المصانع المغلقة». وأبدى تفاؤلاً، معتبراً أن لدى تونس «صورة سلمية، وجرت الانتخابات في شكل جيد، بدأنا نشعر بعودة الاستقرار». وتملك تونس بالنسبة إلى مستثمرين أجانب كثر مزايا عدة، لقربها من أوروبا وتقديمها إعفاءات ضريبية للشركات الأجنبية، كما لديها وفرة من اليد العاملة الرخيصة وثروة كبيرة من الشبان ذوي التعليم العالي، يجيدون أكثر من لغة لشغل الوظائف التي تتطلب كفاءات. وتوظف «يوروكاست» التي جاءت إلى تونس عام 2001 عدداً متواضعاً لا يتجاوز 140 شخصاً لكن كثراً منهم مهندسون. وأكد وندت، «نقل التكنولوجيا، وتوظيف خبراء تقنيين في كل مستوى ونبحث عن مهندسين لأننا ننمو». وواجهت شركة صناعة كابلات السيارات الألمانية «ليوني»، أكبر مشغل لليد العاملة في القطاع الخاص في تونس، إضرابات عشوائية تفاقمت لتتحول اضطرابات عنيفة في شباط (فبراير) الماضي، وأجبرت على إغلاق أحد مصانعها في ماطر لأيام. وسُوّي الوضع بفصل زعيم الإضراب الذي «لم يقدم مطالب واضحة للتفاوض مع الإدارة». وعلى رغم تلك التحديات عيّنت «ليوني» ألفي شخص منذ الثورة لترفع قوة العمل لديها إلى 14 ألفاً. وأكد الناطق باسمها سفن شميت، أن «الوضع على المدى البعيد بالنسبة إلى الشركات الأجنبية سيكون على ما يرام، لأن الناس يحتاجون إلى وظائف». قانون جديد للاستثمار ويضغط بعض الاقتصاديين ورجال الأعمال التونسيين على الحكومة للذهاب إلى ما هو أبعد من السياسات السابقة الهادفة إلى جذب الاستثمارات الأجنبية الكبيرة، وبذل جهود أكبر للتشجيع على تأسيس شركات محلية صغيرة. وتعد الحكومة قانوناً جديداً للاستثمار لكن ليس بالسرعة التي يأملها بعض رجال الأعمال. ورأى مويلحي ضرورة «العمل على تبسيط قانون الاستثمار وجعله أكثر شفافية، وعدم استغراق إنجازه وقتاً طويلاً». وأوضح أن «قوانين الضرائب والعمل تتطلب وقتاً أطول، لكن إذا أصلحنا قوانين الاستثمار والبورصة وبعنا الأصول المصادرة (من النظام القديم) بشفافية، فيمكننا استعادة ثقة المستثمر حتى خلال هذه السنة».