تتفاقم مشكلة البطالة في الأردن بين الشباب عاماً بعد عام، وسط عجز حكومي عن لجم هذة الظاهرة، باستثناء معالجات سطحية تبرز بين الفينة والأخرى لا تتعدى أحياناً الدعاية التي تستخدمها الحكومات الجديدة لتسويق نفسها شعبياً. ولكن المشكلة تبقى وتتعمق بشكل خطر، في غياب رؤية واضحة تنهيها من الأساس، لتظل هم الشباب الذي لا ينتهي، يودي بهم أحياناً الى السجون وأحياناً اخرى الى الشوارع، فيما يحار آخرون ما يفعلون لمواجهة ظروفهم. ووسط هذه المناخات بدأت تتفتق بين الشباب في المجتمع الأردني أفكار جديدة ومبدعة لمواجهة هذه المعضلة المزمنة، او ربما للسخرية منها. الإعلان عن نقابة للعاطلين من العمل أخيراً في الأردن مزج السببين معاً. ففي الوقت الذي اعتبرها القائمون عليها خطوة احتجاجية على اوضاعهم المتردية والمستمرة منذ سنوات، أكد آخرون أنهم ارادوا من ورائها ايجاد اطار تنظيمي يهتم بشؤونهم وربما يبحث لهم عن فرص عمل بعد تسليط الضوء عليهم كظاهرة. وكان شبان عاطلون من العمل في محافظة الكرك جنوبالأردن اعلنوا اخيراً تأسيس النقابة، علماً إن محافظة الكرك تعاني من مشكلة البطالة بنسب مرتفعة جداً، خصوصاً بين حملة الشهادت الجامعية الذين قد يمضي على تخرج بعضهم اكثر من 10 أعوام، من دون ان يتمكنوا من الحصول على وظيفة وفق القائمين على فكرة النقابة. وتؤكد رئيسة اللجنة التحضيرية في النقابة سماح مسنات ان النقابة تهدف الى التواصل مع الباحثين عن عمل من الشباب ومساعدتهم في تأمينها وذلك في مواجهة ظاهرة البطالة المتفشية في مختلف مناطق المملكة ومزاحمة العمالة الوافدة للعمالة المحلية. وتضيف ان من غير المعقول ان يبقى الشباب بلا عمل وسط وضع اقتصادي عام متردٍ، وفوضى سوق. وأضافت أن النقابة لم توجد كعامل ضغط على الحكومة من أجل خلق فرص عمل للشباب العاطل من العمل فقط، بقدر ما هي ايضاً أطار عام للشباب العاطلين من العمل يقوم على تسجيل أسمائهم وتخصصاتهم، والبحث لهم عن فرص عمل داخلية وخارجية. وتؤكد ان نسبة البطالة ليست كما تعلنها الجهات الحكومية والتي تقدر بنحو 13 في المئة، بل تتجاوز ذلك اضعافاً لتصل الى 40 في المئة، مدللة على ذلك بوجود ارقام لديها تؤكد ذلك من خلال معرفتها بعدد الشباب الذين هم في الفئة العمرية القادرة على العمل، مقارنة بأرقام عدد المنتسبين إلى مؤسسة الضمان الاجتماعي. وتضرب مسنات مثلاً عن فداحة مشكلة البطالة في الأردن بأن لديها أسماء 2500 طبيب عاطلين من العمل، في الوقت الذي لا يجد سكان في بلدات ريفية غير طبيب واحد يتنقل بين أكثر من مركز صحي بحيث لا يستطيع توفير خدمة المعالجة لجميع سكان البلدة لأكثر من ساعات معدودة اسبوعياً. وفيما تقدر منظمة العمل الدولية معدل البطالة في الأردن بنحو 30 في المئة، تؤكد وزارة العمل أن هذه النسبة تشمل فئة الشباب من الداخلين الجدد إلى سوق العمل، بينما تبلغ نسبة البطالة الفعلية لكل الفئات نحو 11.8 في المئة فقط. وأشارت المنظمة في تقرير اصدرته اخيراً الى ان معدل البطالة في الأردن «يزيد على معدل البطالة في الشرق الأوسط البالغ 27 في المئة تقريباً». وحمّل التقرير أسباب الارتفاع إلى «انعدام الوظائف بسبب قلة المشاريع الجديدة التي تُعد نَتَاجًا للوضع الاقتصادي في المملكة، اضافة الى النظام التعليمي في الأردن الذي لا يتوافق مع متطلبات السوق، وافتقار الباحثين عن العمل من خريجي التعليم العالي للمهارات اللازمة». وأوضحت مسنات انها تعمل مع زملائها في اللجنة التحضيرية على ايجاد فروع للنقابة في كل محافظات المملكة. في حين تؤكد المنسقة في النقابة وفاء المجالي أن النقابة لم تغفل المرأة وقضاياها مشيرة إلى اهتمامها بتمكينها من أداء دور فاعل في المجتمع، وكذلك تعريفها بحقوقها العمالية، في إطار مبادرة تمكين المرأة التي تتبناها النقابة، بهدف إيجاد مظلة قانونية لتطوير دور المرأة وتحفيزها للانخراط في النقابات العمالية لتكون شريكة في صنع القرار النقابي. وكان تم اختيار لجنة تحضيرية للنقابة من 23 شخصاً يمثلون مختلف التخصصات المهنية في الكرك كلجنة تنفيذية للفرع. ويبرّر رئيس بلدية الكرك محمد المعايطة ارتفاع نسبة البطالة في المحافظة بعدم وجود مشاريع استثمارية قادرة على خلق فرص العمل. ويرى ضرورة توسيع قاعدة الاستثمار في مدينة الكرك الصناعية من حيث توفير المزايا التي تساعد في اجتذاب المستثمرين من داخل المملكة وخارجها. اما رئيس لجنة العمل في مجلس النواب النائب عدنان السواعير فيؤكد ان لجنة العمل النيابية انتهت من صوغ قانون معدل لقانون العمل تم من خلاله إعادة النظر في الكثير من القضايا التي تراعي مصلحة العامل في حالات النزاع العمالي الجماعي، إضافة إلى تنظيم سوق العمل وتوفير فرص عمل للشباب والأشخاص المعوّقين وكذلك إيجاد مكافأة لنهاية الخدمة وتحسين ظروف العمل بشكل عام.