نفذت أجهزة الأمن الفرنسية أمس، حملة اعتقالات جديدة ضد مشبوهين بالانتماء الى جماعات إسلامية متشددة، وذلك في العملية الثانية من نوعها منذ مقتل المتشدد الجزائري الأصل محمد مراح 7 أشخاص يهود ومسلمين بالرصاص قبل مصرعه على ايدي قوات الامن في تولوز (جنوب غربي البلاد). وطاولت الحملة أمس، عشرة أشخاص، وسط اتهامات وجهت الى الرئيس نيكولا ساركوزي باستغلال هذه الأحداث سياسياً في الانتخابات الرئاسية المقررة جولتها الأولى في 22 الشهر الجاري. وأوضحت الشرطة أن المعتقلين الذين أوقفوا في مدن مرسيليا وفالانس وبو و روبيه «يملكون سجلاً مشابهاً لمراح على صعيد تحولهم من أفراد منعزلين الى متشددين»، وكونهم أصحاب سوابق صغيرة يستعد بعضهم للتوجه الى الحدود الباكستانية – الأفغانية، أو الى منطقة الساحل الأفريقي، ويترددون على منتديات متشددة على الانترنت. وكان 19 شخصاً من جماعة «فرسان العزة» الإسلامية المحظورة احتجزوا الجمعة الماضي، بتهمة التخطيط لعمليات خطف. وأكد وزير الداخلية كلود غيان أن اعتقالات جديدة ستنفذ إذا توافرت عناصر تدعم ذلك، مشدداً على ان «الضغط على الإسلام الراديكالي وتهديداته لن يتوقف»، علماً ان هذا الأمر دفع السلطات الى طرد خمسة أئمة أجانب، ومنع شخصيات إسلامية من حضور المؤتمر السنوي ل «اتحاد المنظمات المسلمة الفرنسية» والذي تستضيفه مدينة لوبورجيه بدءاً من غد، «حرصاً على النظام العام». وكرر ساركوزي، في رسالة وجهها الى «اتحاد المنظمات المسلمة الفرنسية» أمس، التحذير الذي أطلقه بعد اغتيالات نفذها مراح في تولوز ومونتوبان الشهر الماضي. وأكد الرئيس الفرنسي أن «لا هوادة مع الإسلام الراديكالي»، ما عزز الانطباع السائد بمحاولته تعزيز تقدمه على باقي المرشحين للانتخابات الرئاسية، والذي تحقق بعد الأحداث الدموية، بالتركيز على موضوع الإسلام الراديكالي. ويمكن ان يسمح هذا التركيز بجذب ساركوزي جزءاً من مؤيدي مرشحة «الجبهة الوطنية الفرنسية» (اليمين المتطرف) مارين لوبن التي اتهمته بعد قضية مراح بتقليل خطر الأصولية في فرنسا، علماً أنها تحتل المرتبة الرابعة على لائحة المرشحين العشرة للانتخابات، بنسبة تأييد تناهز 15 في المئة من الأصوات. وكان ساركوزي اعتمد استراتيجية مشابهة خلال انتخابات عام 2007، والتي أوصلته الى الرئاسة على حساب المرشحة الاشتراكية سيغولين روايال. وتعليقاً على الاعتقالات الجديدة، صرح المرشح الاشتراكي فرنسوا هولاند بأنه فوجئ بتوقيتها، وقال: «لا بدّ من مواجهة الشكوك والأخطار، لذا نؤيد ما نفِذ، لكننا نسأل إذا لم يكن واجباً اتخاذ تدابير إضافية قبل الآن». وشككت لوبن أيضاً بجدية ساركوزي وفريقه في التعامل مع المواضيع الأمنية، فيما صرح مدير حملتها بأن عهد ساركوزي سيبقى «عهد الشوبرة الانتخابي». أما مرشح الوسط فرانسوا بايرو فاستغرب مراقبة التجمعات والجماعات المشكوك بها «أمام الصحافيين وعدسات المصورين». واتهمت نقابة القضاة ذات الميول اليسارية، ساركوزي باستغلال الاعتقالات والوقوف وراء تسريبات تسيء الى سير التحقيقات.