أعلن رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أنه تعرض لمحاولة اغتيال قبل ظهر أمس في مقره في معراب، وإذ رفض اتهام طرف محدد، بانتظار التحقيقات الجارية، اعتبر أن الفريق الذي استهدفه «موجود في داخل لبنان وهو محترف بامتياز»، مؤكداً أن «مسلسل الاغتيالات لم ينفع منذ 7 سنوات، وما يزعجهم هو الحجم السياسي للشخص ويريدون إزاحته عن الساحة كما حصل مع الرئيس رفيق الحريري»، داعياً «القيادات الوطنية إلى الانتباه». وكانت الدائرة الإعلامية في «القوات» أعلنت ظهراً في بيان مقتضب، أنه «في الساعة الحادية عشرة والدقيقة 33 قبل الظهر أُطلقت رصاصات باتجاه معراب، فتوجهت العناصر الأمنية المولجة حماية المقرّ فوراً إلى مكان إطلاق النار، لتجد رصاصات فارغة تعود لبندقية قنّاصة من نوع 12,7، واثر ذلك جرى الاتصال بالأجهزة الأمنية وبوشرت التحقيقات». المؤتمر الصحافي وفي الرابعة والنصف بعد الظهر، عقد جعجع مؤتمراً صحافياً لشرح ما جرى، في حضور عدد من نواب «القوات» واستهل كلامه بالقول: «كنت أتمشى في محيط معراب ضمن الحرم، وانحنيت لأقطف وردة فسمعت إطلاق رصاصة فانبطحت وعندها سمعت دوياً قوياً لرصاصة ثانية. كان جيداً أن الشبان حولي كانوا بعيدين قليلاً، وبعدما انتظرنا فترة، نظرنا فوقنا ورأينا ثقبين في الحائط. اتصلنا بالقوى الأمنية التي جاءت ورفعت الرصاصات وتبين أنه إطلاق نار من بعد من مسافة لا تقل عن كيلومتر واحد، من جانب قناصة، وغالب الظن أكثر من قناص، استعملوا قناصات بعيار بين 12.7 و14.5، أي من العيار الذي على ذوقكم». ولفت إلى أن «القوى الأمنية مشكورة من جيش وقوى أمن داخلي وبقية الإدارات الأمنية في الدولة، هبوا بسرعة وأخذوا كل المعطيات المتوافرة والآن يقومون بعمليات مطاردة في الأحراج التي حددوا أن إطلاق النار صدر منها». وأشار خلال كلامه إلى هدير طوافة للجيش اللبناني تحلق فوق معراب قال إنها «تقوم بدورها الآن لملاحقة منفذي العمل». وأعلن جعجع أن ما حصل «ليست رسالة، بل كان بود من يقفون وراء هذه العملية أن تكون الرسالة نهائية، لكن الله هو الحامي». وقال: «بعد حصول الاغتيال الأكبر في السنوات العشر الأخيرة، أي اغتيال الرئيس رفيق الحريري، وكل ما سبقه ولحقه وكل الضجة التي حصلت وكل شهداء ثورة الأرز وتشكيل المحكمة اعتبرنا أنها قد تكون عبرة لمن اعتبر، لكن للأسف تبين أنه لم يعد هناك من يعتبر. وكأن هذا الفريق ساكنه الشيطان ولا طريقة عنده إلا هذه لمعالجة الأمور. يغتالون كل من لا يعجبهم، أو يحكي سياسة على غير ذوقهم، أو يكبر أكثر من اللزوم». وسأل: «رفيق الحريري لماذا اغتالوه، وما الذي فعله؟»، وأجاب: «كل ما فعله أنه بدأ يأخذ حجماً أكبر مما يعتقدون هم أن أحداً يحق له أن يأخذه، وبعد أن صار لبنانيون يلتفون حوله، وكان تبين أنه في الانتخابات التي كانت ستحصل عام 2005 من الممكن أن يأتي بحصة وازنة في المجلس النيابي وأنه سيصير سلطة فعلية في لبنان. التاريخ ولو بأشكال مختلفة يعيد نفسه بالطريقة ذاتها. بعض الأفرقاء مصممون على منع قيام سلطة فعلية في لبنان في يوم من الأيام، على أن يصلوا إلى ذلك من خلال إلغاء رجالات لبنان، واحداً تلو الآخر، وإلا فليفسر أحد ما حصل اليوم». وقال: «كنا اعتقدنا أو اعتقد بعضنا أنه بعد (اتفاق) الدوحة مسلسل الاغتيال توقف، لكن تبين أنه توقف موقتاً وها هو يعاود من جديد. الله نجانا وطلعت سلتهم فاضية، وكلّي إيمان بأن كل مرة في أماكن أخرى ومع شخصيات أخرى ستطلع سلتهم فاضية». وقال: «أول سؤال سيكون من تتهم؟ لا أتهم طرفاً محدداً، وإن كنت لا أخفيكم أن بيني وبين نفسي أفكر في أن طرفاً عريضاً يقف وراء هذه العملية لكنني لا أسمح لنفسي أن أطرح ما أفكر فيه بانتظار التحقيقات. وبنهاية المطاف يمكن أن يحاولوا بقدر ما يشاؤون كما حاولوا اليوم. لكن لا يصح إلا الصحيح». وأكد أن ما حصل «لا علاقة له باختراق أمن معراب، والطرف الذي يقف وراء عملية الاغتيال طرف محترف بامتياز على خلفية الأسلحة المستخدمة والطريقة التي تصرف فيها والمسافة التي جرت منها العملية، هذه عملية تحتاج إلى مراقبة بعيدة المدى جداً، وأستطيع القول 3 و4 و6 كلم من يستطيع ذلك، بلدية جونية لديها هذه الإمكانات؟، راقبوا بالوسائل التكنولوجية المتطورة، قد يضعون كاميرا من مسافة بعيدة تعمل 24 ساعة ومربوطة بغرفة عمليات معينة وأحدهم فيها يرصد على مدى 24 من دخل ومن خرج ويحدد حركة كل الشخص في أي وقت وفي ضوء ذلك يخصصون وحدة عملانية جاهزة وتنتظر وحين يحسون أنه حان وقت تنفيذ العملية يعطون الإشارة للتنفيذ، ولذلك أقول إن وراء هذه العملية ناساً محترفين احترافاً كاملاً، وبالتالي أمن معراب لم يخترق إنما صارت عملية بوسائل متطورة تفوق إمكاناتنا لرصدها عن بعد 4 أو 5 كلم». ورأى جعجع أن «لا مهرب من العثور على دليل نتيجة هذه العملية، حتى أكبر دولة في العالم عندما تنفذ عملية اغتيال فإن الرصاصة تبقى، لا يوجد رصاص خفي بعد». وأعرب عن خشيته من أن «زمن الاغتيالات عاد، والشغلة ليست مزاحاً». ولفت إلى أن «فريقاً لم يستهدف في لبنان ولن يستهدف والذي جرى لا يأتي في سياق تفجير الوضع الداخلي إنما إزاحة أحدهم عن الساحة والمؤسف أنهم يفكرون هكذا ليتهم يفكرون بالسياسة نحن هكذا نفعل، ومخطئون إذا اعتبروا أنهم يستطيعون تغيير نصف حرف لدينا، لماذا يفعلون ذلك منذ 7 سنوات هل رشقهم أحد بوردة؟ من اغتيال إلى آخر، ما هذا المنطق؟». معلومات أمنية وذكرت معلومات أمنية ل«الحياة» أن مقر معراب محاط بسور، وأن جانباً من الحديقة يطل على تلة مقابلة بعيدة وتطل على جانب من السور حيث توجد فراغات بين الأعمدة الحجرية، وأن الرصاصتين اخترقتا الجدار في هذه الناحية بالذات واستقرتا داخله». ولم يعثر عناصر الأمن على الرصاصات الفارغة لكون هذا النوع من الأسلحة يتضمن جيباً تسقط فيه الفراغات بعد إطلاقها. وجرى التعرف إلى نوع السلاح المستخدم من الحشوة التي استقرت داخل الجدار. إدانة واتصل رئيس الجمهورية ميشال سليمان بجعجع مطمئناً، كما اتصل بكل من وزير الداخلية مروان شربل وقائد الجيش العماد جان قهوجي واطلع منهما على تفاصيل الحادث و«طلب تكثيف التحريات لكشف الفاعل وتوقيفه لقطع دابر كل محاولة لإثارة الفتنة في البلد». واتصل رئيس الحكومة نجيب ميقاتي مطمئناً، وكذلك فعل الرئيس السابق للحكومة سعد الحريري الذي قال في بيان «ان محاولة الاغتيال هذه تأتي في سياق مسلسل طويل من استهداف القيادات الوطنية انما هي محاولة شطب رمز من الرموز السياسية التي لها مكانتها ووزنها في الحياة السياسية اللبنانية». ووصف الاعتداء بأنه «ارهابي ويرتب مسؤوليات كبيرة على السلطات اللبنانية السياسية والامنية لمتابعة القضية وكشف كل ملابساتها». واكد «الالتزام مع جعجع وكل الحلفاء في 14 آذار بخط الدفاع عن نظام لبنان الديموقراطي وحق اللبنانيين بدولة سيدة مستقلة متحررة من الوصاية ومن ارهاب السلاح ومن يستخدمونه أداة لحرف الحياة السياسية الديموقراطية عن مسارها الطبيعي عند كل استحقاق». كما اتصل بجعجع الرئيس السابق للحكومة فؤاد السنيورة واعتبر ان لبنان «نجا من جريمة اعدت في وضح النهار بعناية وتمهل ومكر». كما اتصل به مطمئناً النائب وليد جنبلاط والسفيرة الأميركية لدى لبنان مورا كونيللي. ودانت الأمانة العامة ل «قوى 14 آذار» الاعتداء، مطالبة الدولة «بكشف ملابسات هذه الحادثة الخطيرة التي طاولت رمزاً وطنياً كبيراً وقائداً من قيادات 14 آذار، خصوصاً أن هذا الاعتداء يأتي في سياق التحريض الممارس من قبل رموز لا تزال تدور في فلك النظام السوري». وأكدت وقوف قوى «14 آذار» صفاً واحداً إلى جانب «القوات» ورئيسها.