لا يثور غبار في العراق إلا ويصل إلى الجزيرة والخليج. بشّرتنا وسائل الإعلام ببليوني طن من الأتربة، ننتظرها مع الكمامات، والعراق يشكو الجفاف وشط العرب إن بقي منه شيء يذهب للخليج، الحقيقة أن المزارعين في العراق اشتكوا بألم وحسرة في تحقيقات تلفزيونية من العطش، الأرض تشققت والنخيل تموت، في حين أسهمت الآلة العسكرية الأميركية وحلفاؤها في تنعيم التربة وسحقها لمزيد من الغبار فأصبحت حبيباته تنفذ من خلال الجمجمة. تركيا الدولة الصديقة العضو في منظمة المؤتمر الإسلامي ورابطة العالم الإسلامي مسكوت عنها مع أن لها دوراً وأصابع في زيادة كميات الغبار، إذ قننت وخفضت مقدار المياه المتدفقة للعراق، ومع اهتمام بتعاون خليجي تركي يجب أن تطرح هذه المسألة على بساط البحث، فلا تحصر القضايا في فرص استثمارية، دفع الضرر مقدم على جلب المصلحة و... المسلسلات! صحيح أننا في دول الخليج لا نحصل على قطرة من هذه المياه لكن استقرار الزراعة والتربة في العراق سيخفف على موازنات الصحة والسلامة في دول الخليج، ومع أني لا أرى في الحكومة العراقية الحالية أي تمثيل حقيقي للشعب العراقي فهي صناعة الغازي بامتياز مهما كثرت مساحيق التجميل والحملات الإعلانية العربية والغربية، وهذا رأيي الخاص، لكن العراقيين الشعب باقون إخوة وأشقاء وجيران، ما ينفعهم سينفعنا، وما يضرهم سيلحق بنا الضرر. كان لدي حلم في زمن الرخاء المائي وهو أن يتم تحويل ما يذهب ليصب في الخليج من مياه شط العرب إلى الشمال الشرقي السعودي لينعش الصحراء، هل يبدو هذا الحلم خرافياً؟ حسناً تذكر لو خصصت بعض تلك الأموال الضخمة ومعها السواعد التي احترقت في الحرب العراقية - الإيرانية لمشروع مثل هذا، أو تلك التي تبخرت في غزو الكويت وتحريرها... ألا تصنع معجزة فوق الصحراء! الحلم يكاد يتحول إلى كابوس من الغبار، والمسألة ليست محصورة في عوامل البيئة فقط بل في الإنسان الذي لم يحسن التعامل معها، وأرى أن من حقنا في الخليج ومعنا الإخوة العراقيون المطالبة بتعويضات عن الأضرار التي أحدثها حلفاء غزو العراق ومنها بلايين الأطنان من الغبار الذي يقبع فوق رؤوسنا... هو لا يختلف كثيراً عن اليورانيوم الذي زرعوه في أراضينا، لماذا لا نطالب أميركا وبريطانيا وأستراليا بتعويضات وما المانع؟ ألا نستفيد من سياسة ودهاء أبناء العمومة اليهود وهم الذين ما زالوا يحلبون الغرب، ألم يفرض الأخير ضريبة للتلوث... وثقب الأوزون... ضد النفط؟ وأسأل بعض الاخوة في بلادنا من المعنيين بالزراعة عن الحلول، تأتي الإجابة بأن هذه بيئتنا ولا يمكن تغييرها، لكني أحلم بأن بالإمكان التعامل معها والتخفيف منها إلى حد كبير، بالطبع لم أطرح السؤال على أهل المال والأسهم والإقتصاد وإلا لاعتبروا كل طن... سهماً، واقترحوا طرحها للاكتتاب العام مع خطف علاوة الإصدار بالطائرة إلى جنيف، وكل مساهم منا سيكتتب... «بخشمه»! www.asuwayed.com