شهد قطاع الأسمنت في الخليج تغيّراً إيجابياً، بعد سنتين من تسجيل انخفاض في إجمالي الإيرادات بعد الأزمة المالية العالمية التي تسبّبت في وقف معظم الأنشطة العقارية ومشاريع البناء، ما أثر على الشركات المنتجة للأسمنت ومواد البناء. وأشار تقرير ل "بيت الاستثمار العالمي» (جلوبل) إلى أن إجمالي إيرادات شركات الأسمنت الخليجية ارتفع 14.2 في المئة، وزادت أرباح قطاع البناء والتشييد 2.7 في المئة خلال العام الماضي، كما بلغت إيراداته 4.6 بليون دولار مقارنة بأربع بلايين دولار العام السابق. وصعدت الأرباح الصافية للقطاع من 1440 مليون دولار عام 2010 إلى 1477 مليوناً العام الماضي، إلا أن هامش الربح انخفض 373.3 نقطة أساس خلال تلك الفترة نتيجة انخفاض بند «الإيرادات الأخرى» 48 في المئة، لتصل الإيرادات إلى 113 مليون دولار. عكس الاتجاه ولفت التقرير إلى أن كلاً من السعودية وعُمان والإمارات والكويت عكس الاتجاه التنازلي لإيرادات قطاع الأسمنت خلال عام 2010. وارتفعت الإيرادات في الإمارات 5.9 في المئة لتصل إلى 940 مليون دولار، في حين بلغ هامش إجمالي الربح أدنى مستوى له على الإطلاق مسجلاً 4.2 في المئة، كما كان صافي ربح القطاع سلبياً للمرة الأولى منذ أن بدأ قسم بحوث «جلوبل» في جمع البيانات. وأكد أن الإيرادات في عُمان ارتفعت 12.8 في المئة إلى 342.3 مليون دولار، لكن في ما يتعلق بنتائج الأرباح، سجّل القطاع انخفاضاً نسبته 39.4 في المئة في الأرباح العام الماضي، في حين سجل في الكويت ارتفاعاً في الإيرادات نسبته 5.4 في المئة إلى 66.9 مليون دولار، كما سجل انخفاضاً نسبته 47.1 في المئة في صافي أرباحه مقارنة بعام 2010. أما قطر، فكانت الدولة الخليجية الوحيدة التي انخفضت فيها مبيعات قطاع الأسمنت وأرباحه، في حين ارتفعت إيرادات المبيعات في السعودية 22.6 في المئة، و25.2 في المئة صافي الأرباح. تراجع متوسط أسعار البيع وأشار التقرير إلى أن متوسط سعر بيع الأسمنت في دول الخليج تراجع 4.9 في المئة، ويعزى ذلك إلى انخفاض الأسعار في الكويت والإمارات وعُمان، حيث لجأت الشركات إلى خفض الأسعار بهدف الفوز بعقود، في حين شهدت السعودية وقطر ارتفاعاً طفيفاً في الأسعار. وزاد متوسط سعر البيع بمعدل سنوي مركب بلغ 0.8 في المئة بين عامي 2006 و2011. وأظهر أن عُمان سجّلت أكبر نسبة انخفاض، إذ تراجعت 19.3 في المئة إلى 64.1 دولار للطن عام 2011، في حين بلغ متوسط السعر في الكويت 76.1 دولار، مقارنة ب79.4 دولار عام 2010، وصعدت الأسعار 0.1 في المئة بين عامي 2006 و2011. وارتفع متوسط أسعار البيع المحقّقة في قطر اثنين في المئة من 68.7 دولار للطن إلى 70.1 دولار، ويُتوقع مزيد من الارتفاع في ظل زيادة الطلب ما بين خمسة وثمانية ملايين طن سنوياً بين عامي 2011 و2017. وبدأت عُمان، التي تواجه مصاعب بسبب الأزمة المالية، تسجيل ارتفاع في إيرادات المبيعات وانخفاض الأرباح عام 2011، إذ تراجعت أسعار الأسمنت 19.3 في المئة، ما يُعتبر أعلى نسبة تراجع مقارنة بالدول الخليجية الأخرى، في حين زادت الأسعار بمعدل سنوي مركب بلغ واحداً في المئة بين عامي 2006 و2011. وبلغ متوسط أسعار البيع المحققة في عمان 64.1 دولار للطن عام 2011، وهو ثاني أدنى سعر في المنطقة، انخفاضاً من 79.4 دولار عام 2010. وفي الإمارات، التي تُعتبر ثاني اكبر منتج للأسمنت في الخليج، تراجعت الأسعار 5.3 في المئة إلى 49 دولاراً للطن بسبب فائض في المعروض وتراجع الطلب نظراً إلى تباطؤ وتيرة النشاط العقاري، ومشاريع البناء والتشييد. أما في السعودية، التي تعتبر أكبر مُصدر للأسمنت في الخليج، فشهدت الأسعار ارتفاعاً بلغ 6.5 في المئة إلى 65.3 دولار للطن، كما زادت بمعدل سنوي مركب بلغ 0.1 في المئة بين عامي 2006 و2011. السعودية تُلغي حظر استيراد الأسمنت ولفت تقرير «جلوبل» إلى أن قطاع الأسمنت السعودي جذب الأنظار ما بين السنوات الثلاث إلى الخمس الماضية، إذ زاد اعتماد المملكة على تنويع موارد الاقتصاد، وشهد القطاع انتعاشاً هائلاً في الطلب من 200 مليون طن عام 2005 إلى 49 مليوناً عام 2011. وبعد تزايد الطلب المحلي، فرضت الحكومة حظراً مشروطاً على صادرات الأسمنت عام 2010، قبل أن تقرّر أخيراً رفع الحظر على الاستيراد. وتُظهر الأرقام الأخيرة أن قيمة العقود الممنوحة في قطاع البناء والتشييد في المملكة سترتفع من 36.5 بليون دولار حالياً إلى نحو 43.8 بليون بحلول عام 2013، نتيجة إنشاء مشاريع كبرى للتوسع في بنيتها التحتية من أجل استمرار النمو. وأكد مسؤولون عزم المملكة إنفاق نحو 400 بليون دولار على مشاريع كبرى في مجال البنية التحتية خلال السنوات الخمس المقبلة. وتوقع التقرير أن تستفيد الإمارات من هذه الخطط السعودية، نتيجة امتلاكها فائضاً من الأسمنت المطحون يبلغ سبعة ملايين طن، إضافة إلى فائض الكلنكر البالغ 17 مليون طن، وسبب وصول أسعار البيع إلى أدنى مستوياتها في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وأكد أن عُمان ستستفيد أيضاً، على رغم ارتفاع الطلب هناك، نتيجة انخفاض الأسعار نسبياً مقارنة بمستواها في السعودية، ونتيجة إلغاء الحظر المفروض على استيراد الأسمنت في المملكة.