كانت مباراة لكرة القدم كافية لطرد تعب يوم كامل عن موظف يعمل من الساعة 8 صباحاً حتى 4 عصراً، كون مفهوم «مباريات أول» يريح الأعصاب، ويشعر المتابع بالراحة، ويبعث على النشاط والحيوية، حتى إنهم كانوا يقولون في الماضي: «سأذهب إلى الملعب أغير جو»، بحكم أن مباريات كرة القدم كانت تمثل للجمهور الرياضي متعة لا تعادلها متعة، وكأنهم في «كشتة بر» أيام الربيع. أما اليوم، فإنك لو التقيت شخصاً تعرف ولعه بكرة القدم، وحرصه على حضور مباريات كرة القدم، وسألته: «هل ستذهب إلى الملعب اليوم لحضور المباراة؟»، فانتظر ماذا يقول؟ وإذا ما جاءتك الإجابة على غير ما كنت تتوقع، وهو يردّ عليك: «لن أذهب إلى الملعب حتى لو قدمت لي تذكرة دخول إلى المنصة!»، فإن مثل هذه الإجابة تحتاج إلى التوقف والدرس. إنني لا أتحدث عن نماذج من الخيال، وإنما هي واقع نعيشه اليوم، فكم من مشجعين وعشاق لكرة القدم كانوا يحملون في جيوبهم جدول الدوري ل«ضبط» مباريات فرقهم المفضلة داخل مدنهم، للاستعداد لحضورها داخل الملعب، فأصبحوا يفضلون مشاهدتها عبر التلفاز، فمثل هذه النماذج باتت تتردد في حضور مباريات الدوري المحلي ومباريات المسابقات الأخرى، لأنها بدت تشعر بأن «مباراة أخرى» تلعب غير المباراة الرئيسية، وهنا تكمن المشكلات التي ولدت الضغط والسكر لدى البعض! وأنا هنا لا ألوم هؤلاء على عزوفهم عن حضور المباريات داخل الملعب لأسباب عدة، أولها أن على المشجع أن يدفع قيمة التذكرة، وعليه أن يتقيد بقائمة الممنوعات، وهي: «يمنع منعاً باتاً الدخول بقارورة المياه المعدنية، حتى ولو كانت من حجم (ابو نصف ريال)! فعدم المطالبة بمقعد محدد «يعني إذا ما لقيت لك مقعد تصرف»، وهذه تقودنا إلى سالفة ملعب جدة المسمى استاد الأمير عبدالله الفيصل، الذي لم يعد قادراً على استيعاب الجمهور لصغر حجمه، في الوقت الذي بتنا لا نصدق مشروع تطويره، وزيادة مقاعده!». تلك كانت «جملة اعتراضية»، لكن الحقيقة أن نوعية المشجعين اختلفت، حتى صار الحضور إلى الملعب ليس من أجل الاستمتاع بمباراة في كرة القدم، وإنما من أجل مشاهدة مباراة في «المصارعة الحرة»، مع متابعة شيء من الحركات الكوميدية التي يقدمها بعض اللاعبين، و«بعض» المدربين، والمسؤولين في «بعض» الأندية! لقد وصل الحال بنا إلى أننا لا يمكن أن نسمع رأياً واحداً لصديقين لكل منهما ميول يختلف عن ميول الآخر، حتى وإن كان أحدهما يعرف تماماً انه ليس على حق، وأن كل الحق مع صديقه ولكنها المكابرة وأسلوب قلب الحقائق التي يصدرها الإعلام الرياضي! وليس أدل على ذلك من أن يطالب لاعب الاتحاد، وقائده محمد نور ياسر المسيليم حارس الأهلي بالاعتذار منه بزعمه أنه المتسبب في الإصابة التي لحقت به أثناء مباراة الأهلي والاتحاد الأخيرة، وقد أعجبني تعليق أحد القراء في إحدى الصحف الالكترونية على تصريح قائد الاتحاد، وهذا نصه: «كان من الأولى اعتذارك أنت للاعبي وجماهير الأهلي عن العنف غير المبرر والتهور الذي ارتكبه لاعبو فريقك في المباراة!». آخر يقول: «أين اعتذار كريري لبالمينو، وأين اعتذار المولد للحوسني، وأين اعتذار كامل الفريق الاتحادي للأهلي على الحرب التي صارت؟ أما بالنسبة لتدخل ياسر على نور فالجميع شاهد المباراة وهي غير مقصوده، والتدخل كان قانونياً والقانون ينص على أن حارس المرمى من حقه حماية نفسه داخل المنطقة المحرمة!». [email protected]