ألقت دول «أصدقاء سورية»، خلال اجتماعها في اسطنبول امس، الكرة في ملعب المبعوث الاممي - العربي كوفي انان، وحثوه على وضع «جدول زمني للخطوات المقبلة» في خطة النقاط الست التي اقترحها، بما في ذلك العودة الى مجلس الامن اذا لم يوقف الرئيس بشار الاسد اراقة الدماء في سورية، وذلك لمنع النظام السوري من اهدار «الفرصة الأخيرة». فيما دعا الامين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي لاصدار قرار دولي ملزم تحت الفصل السابع يقضي بوقف كل اعمال العنف فورا بشكل متزامن من الجميع. وقال العربي إن «عنصر الوقت له الآن اولوية كبرى». وتزامن المؤتمر مع تواصل التصعيد على الارض إذ سقط اكثر من 40 قتيلا في اشتباكات وقصف في ريف دمشق ودرعا ودير الزور وادلب. وقالت مجموعة «أصدقاء سورية»، في بيانها الختامي، إن الأسد لا يملك «فرصة قائمة بلا نهاية» كي يفي بالتزاماته لانان. وأضافت المجموعة التي تضم 83 دولة «سيتم الحكم على النظام من خلال أفعاله وليس وعوده». وتتجه الانظار اليوم إلى نيويورك حيث سيطلع انان مجلس الامن عن مدى حصول تقدم في تنفيذ خطته للحل. وفي تصريحات تشير إلى الاهمية التي تضعها الدول المشاركة على مبدأ «الجدول الزمني» لتنفيذ خطة انان، قال وزير الخارجية التركي احمد داود اوغلو، في مؤتمر صحفي بعد الاجتماع: «لن نسمح للنظام السوري باساءة استخدام فرصة أخرى وهي الفرصة الأخيرة للوضع في سورية». وكما كان متوقعا، اعترف «أصدقاء سورية» ب «المجلس الوطني السوري» المعارض باعتباره ممثلا شرعيا لجميع السوريين، و»أشار» اليه باعتباره المحاور الرئيسي للمعارضة مع المجتمع الدولي في صياغة لم تصل الى حد الاعتراف الكامل بالمجلس الذي يعوقه الشقاق المزمن في صفوفه. غير ان المؤتمر لم يخرج بقرارات فعلية تدعم تسليح «الجيش السوري الحر» أو اقامة مناطق وممرات آمنة، وذلك على رغم تأكيد رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان ووزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون خلال الاجتماع على «حق الشعب السوري في الدفاع عن نفسه»، من دون شرح كيفية هذا الدفاع أو شكله. واعتبر المشاركون ان ابرز انجاز للمؤتمر هو «الاعتراف بالمجلس الوطني ممثلاً شرعياً للشعب السوري»، ولكن ليس «حصرياً» كما كان يأمل اعضاء المجلس. بالاضافة الى دعم احالة الملف السوري على مجلس الامن تحت البند السابع في حال فشل كل محاولات الحل السياسي، واحالة رموز النظام على المحكمة الجنائية الدولية، واعلان دعم وثيقة المرحلة الانتقالية لسورية الجديدة، والتي يفترض ان تقدم برنامجاً كاملاً لادارة مرحلة ما بعد سقوط النظام. وعلمت «الحياة» انه ساد تباين حاد في وجهات النظر بين المسؤولين الخليجيين والغربيين حول مسألة تسليح المعارضة. ونقل عن وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل استياءه من انه «بعد عام كامل من الاجتماعات وتفاقم المجازر ضد الانسانية لم نصل لنتائج عملية تحمي الشعب السوري»، منوهاً «بموقف تركيا المشرف». ونقلت مصادر مطلعة عن الفيصل قوله «الفيتو سمح للنظام باستمرار القتل والابادة والتهجير والمبادرة العربية لم تمنعه ايضاً ومهمة أنان عسيرة. فتعيين مبعوث دولي لا يكفي وهناك حاجة لمرجعية من مجلس الامن لالزام النظام بوقف القتل»، مشددا على انه «لا يمكن قبول الوضع لمدة اطول. على مجلس الامن ان يتحرك». وتشعر القوى الغربية بالقلق من التدخل العسكري في سورية، لكن داود اوغلو دق ناقوس الخطر بتشبيه الوضع هناك بمحنة البوسنة في التسعينات. وقال: «في حالة البوسنة كذلك تباطأ المجتمع الدولي أكثر مما يلزم... ولذلك قتل الكثير من الناس»، مضيفا «في حالة سورية ينبغي على المجتمع الدولي ألا يتأخر كما حدث في البوسنة. علينا أن نتحرك من دون إبطاء». وأضاف الوزير التركي: «يجب أن يكون لنا موقف واحد للدفاع عن المدنيين ويجب أن تكون لدينا خطة عمل ومبادرة واحدة لتوصيل المساعدات ووقف العنف في سورية». واعتبر رئيس «المجلس الوطني» برهان غليون ان مؤتمر اسطنبول يشكل «خطوة ثانية» على طريق مساعدة الشعب السوري على تحقيق هدفه في التخلص من نظام الرئيس الاسد الذي قال انه اصبح «غير شرعي». وقال غليون، في مؤتمر صحافي عقده بعد بضع ساعات من انتهاء الاجتماع، «ان معاناة الشعب السوري لا توصف ولا ننتظر من اي اجتماع ان يكون على مستوى تطلعات الشعب السوري»، مشيرا الى ان «الرهان هو على الشعب والشعب وحده قادر على تأمين الوسائل لتحرير بلده من الطغمة الحاكمة الغاشمة». وقال غليون ان اعتراف مجموعة اصدقاء سورية بالمجلس الوطني «كممثل شرعي» للشعب السوري و»محاور رئيسي» للمجتمع الدولي يعني ان «النظام اصبح غير شرعي، وان السلطة القائمة في سورية اصبحت لا شرعية، وان من حق الشعب مقاومة هذه السلطة اللاشرعية المغتصبة». من جهة ثانية، اعلن غليون ردا على سؤال عن الجهة التي ستقوم بتمويل رواتب عناصر «الجيش الحر»، وهو الامر الذي اعلنه في كلمته امام المؤتمر، ان «التمويل سيتم من ميزانية المجلس الوطني الذي يتلقي مساعدات ومساهمات من دول عدة يستخدمها في انشطته العسكرية وغير العسكرية». كما اعلن ان اعتراف مجموعة الاصدقاء «بحق الشعب السوري في الدفاع عن نفسه امر مهم، وكل دولة يمكنها ان تترجم هذا المبدأ بالطريقة التي تراها مناسبة». وفي وقت اعتبر بعض اعضاء «المجلس الوطني» ان مؤتمر اسطنبول تقدم خطوة اضافية باتجاه الاعتراف الدولي بهم وبتمثيلهم للثورة السورية، رأت أوساط «إخوانية» إنه طالما لم يتم البت بمسألتي التسليح والمناطق الآمنة «فكأن شيئاً لم يكن». وقال المسؤول الاعلامي في مكتب المراقب العام لجماعة «الاخوان المسلمين» باسل حفار إن اعلان المجلس الوطني ممثلا شرعيا للشعب السوري «تحصيل حاصل وليس جديداً... وإلا لماذا يحاورونه أصلاً». واتفق المؤتمرون على ان المجتمع الدولي سيلبي مطالب المجلس الوطني «على مراحل» مقابل أن تتوحد المعارضة وتقدم رؤية مشتركة، على ان يبدأ الدعم بتقديم مساعدات خصوصاً للداخل السوري. وعلمت «الحياة» انها تبلغ حتى الآن 25 مليون دولار، وسيتم ايصالها عبر الاممالمتحدة. واجمعت اوساط كثيرة من داخل المعارضة السورية وحتى بين «المستقلين» إن المجتمع الدولي يخضع السوريين لاختبارات جديدة كل يوم «فمرة توحيد المعارضة، ومرة تقديم رؤية واضحة لمستقبل سورية تطمين الاقليات وغيرها من الامور التي تشير الى ان المجتمع الدولي يعمل على المدى البعيد في حين قتل المدنيين لا يتوقف وآلة القتل لا تنتظر». وقال حفار «يجب ان نمييز بين رغبة الشعب السوري ومصالحه وهذا عمل السياسيين طبعاً، لكن في المقابل لا يجوز ترك الناس لمصيرهم يواجهون الموت بصدور عارية». ورأت مصادر تركية ان المؤتمر «متقدم على مؤتمر تونس من حيث المشاركة ومستوى التمثيل» و»يمهد لاتخاذ القرارات الحاسمة في وقت قريب جداً». ومن المقرر عقد مؤتمر «اصدقاء سورية 3» في باريس بعد 15 يوماً أو شهر على أبعد تقدير. من ناحيتها، اعتبرت كلينتون ان الاسد «يخطىء» اذا اعتقد انه قادر على هزيمة المعارضة السورية، موضحة خلال مؤتمر صحافي، «ان قراءتي للوضع هي ان المعارضة تزداد قوة وليس العكس». وقالت كلينتون ان الاسد وعد بتنفيذ خطة انان الا انه عمل على شن هجمات جديدة على مدن سورية ومنع تسليم المساعدات. واضافت «مضى حوالى اسبوع واستنتجنا ان النظام يضيف وعودا الى لائحة الوعود الطويلة التي يخل بها». واكدت ان واشنطن سترسل مساعدات على غرار معدات الاتصال لمساعدة «الناشطين على تنظيم صفوفهم وتجنب هجمات النظام والاتصال بالعالم الخارجي».