قال المتحدث باسم وزارة الخارجية والمغتربين السوري جهاد مقدسي أن «معركة إسقاط الدولة في سورية انتهت بلا رجعة»، مؤكداً ان باب الحوار «مفتوح للجميع» وانه «ليس هناك شرط للحوار سوى منع التدخل الأجنبي». وأضاف ان مبعوث الاممالمتحدة كوفي انان «أقر بحق الدولة في الرد على العنف المسلح كمنطق سياسي وسيادي»، مشيراً الى ان مفاوضات ستجري مع ممثلي انان ل «توقيع بروتوكول إطاري يحدد آلية ارتباط» لعمل مجموعة من المراقبين في سورية «تحت مظلة السيادة». وكان مقدسي يتحدث في مقابلة مع التلفزيون الحكومي بثت الوكالة السورية للانباء الرسمية (سانا) نصها يوم امس. وقال ان «معركة إسقاط الدولة في سورية انتهت بلا رجعة، وبدأت معركة تثبيت الاستقرار والنهوض بسورية المتجددة وحشد الرؤى خلف مسيرة الإصلاح والتطوير ومنع الآخرين ممن يودون تخريب هذه المسيرة والمضي إلى سورية المتجددة من الوصول إلى أهدافهم». وزاد ان سورية «تخوض معركة ديبلوماسية مع عالم غربي معاد لها، لكن من مصلحتها إنجاح مهمة انان ديبلوماسياً من باب سحب الذرائع وتعزيز مواقف حلفائها الدوليين وتكريس الانطباع بأن النظام السياسي في سورية منفتح وليس خائفاً من الواقع وهو متأكد مما يقوله». وأوضح مقدسي ان «منطلقات وثوابت سورية في التعاطي مع مهمة أنان وغيره هي حفظ سيادة سورية أولاً، وعدم المساس باستقرارها وأمنها الوطني ثانياً، والتوازي المنطقي في التطبيق ثالثاً»، مضيفاً ان دمشق «تطالب العالم بأن يساعدها بدلاً من الضغط عليها وإذا كان هدف أي مبادرة مساعدة سورية في تثبيت الاستقرار وتحقيق الإصلاحات فسورية ترحب بها». وتحدث بالتفصيل عن محادثات انان في دمشق قبل اسابيع، موضحاً انه قدم «لا ورقة» ذات سقف عال ليست منطقية للغاية ببداية المطاف ولا تناسب خصوصية الواقع السوري، وان دمشق ردت عليها ب «لا ورقة» جوابية وتوضيحية لأن الموضوع «ليس عقد إذعان، بل اتفاق برضى طرفين هما: دولة ذات سيادة هي الجمهورية العربية السورية، وطرف آخر هو الأممالمتحدة عبر مبعوثها». وأرسل بعدها انان فريقاً تقنياً إلى سورية أجرى خمس «جولات مفاوضات شاقة» مع وزارة الخارجية والمغتربين على مدى ثلاثة أيام تم التوصل في نهايتها إلى ما سمي «مبادرة انان». وقال انها والرسائل المتبادلة بين انان ووزير الخارجية والمغتربين وليد المعلم تمثل «فهماً مشتركاً» لمهمة انان. واذ أشار مقدسي إلى أن أحد البنود في المبادرة كما في تجربة بعثة المراقبين العرب كان «سحب المظاهر المسلحة من الأحياء السكنية والمدن وغيرها»، قال ان سورية «كانت تقول إن الجيش العربي السوري موجود في حالة دفاع عن النفس وحماية المدنيين الذين يؤخذون رهائن في معظم الأحيان لضرب استقرار سورية. والجيش ليس فرحاً بالوجود في الأماكن السكنية وسيغادر ما أن يتم إحلال الأمن والسلم من دون اتفاقات». وزاد ان «تحقيق سحب المظهر المسلح يتم عندما يتاح لأي منطقة العودة إلى الحياة الطبيعية وعندما يستطيع المواطنون إرسال أولادهم للمدارس واستعادة حياتهم الطبيعية وليس من أجل أن يؤخذ المواطنون رهائن وتفجر مراكز الطاقة ويقتل الناس في الشارع ويزداد التسليح. ونحن ندرك أنه عندما تم ذلك فعلياً من قبل أصبح هناك تسليح أكبر وظهرت محاولات للسيطرة على أحياء بالكامل وأخذها رهينة ضد الدولة». وعن موضوع التهدئة، قال مقدسي انه «ليس بيد سورية فقط لأن الأزمة السورية مركبة، وهناك 40 في المئة من مستلزمات نجاح مهمة عنان موجودة في سورية بينما الباقي في الخارج عند دول تحتضن وتكرس عناد المعارضة الخارجية وتقول لها لا تتحدثوا مع القيادة السورية لأنها راحلة إضافة إلى تمويل تلك الدول للعمل المسلح وفق تصريحات علنية على مستوى وزراء خارجية». وحض انان على ان «يجول» في باقي العواصم التي «تمول وتستضيف وتحرض المعارضة حتى توقف ذلك وتوقف التحريض الإعلامي المشارك في سفك الدم السوري». وقال ان «أحد بنود التفاهم بين انان والمعلم، هو سعي عنان لدى الخارج وجميع الأطراف ذات الصلة للالتزام بإيقاف العنف، وهذا يعني اعترافاً تاماً أن العنف ليس من طرف واحد». وزاد: «سنفاوض (أنان) من أجل توقيع بروتوكول إطاري يحدد آلية ارتباط، وهي كلمة عسكرية الطابع نوعاً ما، وهي تنسيق بين مجموعة من المراقبين يأتون إلى سورية في مهمة محددة لدراسة الموضوع في إطار محدد تحت مظلة السيادة السورية». وأضاف ان «أبرز خطوة لاحقة هي توقيع البرتوكول الذي ينظم موضوع المراقبين للوصول إلى التهدئة، وسورية ستستقبل قريباً وفداً تقنياً للتفاوض بين الجانب السوري والأممالمتحدة على آليات هذا التطبيق». وقال مقدسي إن هناك «موقوفين بسبب الأحداث، وأصدر رئيس الجمهورية خمسة مراسيم عفو رئاسي، كما عفت وزارة الداخلية عمن يسلم سلاحه من دون أن تكون يداه قد تلطخت بالدماء. وبالتالي الدولة السورية ليست بانتظار من يقول لها أن تخلي سبيل الموقوفين وهي الأكثر حناناً على أبنائها، كما أن هذا الموضوع سيادي بحت، ورغم ذلك فسورية متعاونة فيه انطلاقاً من مصلحتها، كما أن عملية العفو هي عملية مستمرة ضمن العملية القانونية الدستورية والأهم ألا يكون الأشخاص ملوثة أيديهم بالدماء لأن هناك حقاً عاماً وفق قانون الدولة». وعن موضوع المساعدات الانسانية قال مقدسي: «نحن لا نقف بوجه هذه المساعدات والأساس لدينا هو السيادة السورية ومظلة الدولة. ونرحب بكل من يريد أن يقوم بذلك لكن من طريق منظمة الهلال الأحمر السوري أو منظمة الصليب الأحمر الدولي». كما اشار الى ان دمشق «ترحب» بوسائل الإعلام «لكن وفق القوانين والأنظمة السورية المرعية، فوزارة الإعلام تصدر تصاريح تنظم عمل الإعلاميين، وهي متساهلة لأبعد الحدود ولكن القوانين فيها أمر سيادي ويجب احترامها والالتزام بها». الى ذلك، قال مقدسي أن الجانب السوري «نجح بالتفاهم المشترك مع أنان عندما أقر الأخير بحق الدولة في الرد على العنف المسلح كمنطق سياسي وسيادي، وهو ما لم يكن موجوداً في موضوع بعثة المراقبين العرب، ما يعني أن تراكم المبادرات ونجاح سورية بتثبيت واقعها على المشهد الدولي بمساعدة روسيا والصين مكن من الوصول إلى نسخة معدلة في موضوع المبادرات هي مبادرة أنان كنسخة معدلة ومحدثة عن موضوع المراقبين العرب». كما اشار الى ان بيان مجلس الأمن الاخير في شأن سورية «احتوى جملة مفتاحية هي أن العملية السياسية تقودها سورية». وفي موضوع الحوار قال انه «على أطراف المعارضة الجلوس حول طاولة واحدة بكل شفافية من دون أي محرمات سوى التدخل العسكري في سورية، لكي يتم الاتفاق على سورية التي نريدها ويريدها المواطن وليس سورية التي تريدها الدول الغربية. والفيصل بين الجميع هو صندوق الانتخابات والآليات الدستورية». وزاد ان القيادة تجري «جس نبض للمعارضة كل شهرين وتترك دائماً باب الحوار مفتوحاً للجميع. لكن من يرفض الحوار هو المعارضة، رغم أننا نقول لهم إن سورية لكل أبنائها وليس هناك شرط للحوار سوى منع التدخل الأجنبي، فليس مرحباً بمن يدعو الى تدمير بلده عسكرياً». ورأى ان ما يسمى «مؤتمر اصدقاء سورية» المقرر اليوم في اسطنبول «ليس لأصدقاء سورية، وأجنداته ليست للصداقة، بل لمعاداة سورية وضرب استقرارها، ونرى فيه عرقلة صريحة لمهمة عنان». وزاد ان «العرب هم من تخلوا عن دورهم في مساعدة سورية عندما التفوا على تقرير بعثة المراقبين الموضوعي والإيجابي الذي نقل حقيقة الواقع السوري بتجرد وليست سورية من تخلت عن العرب في مساعدتها».