البيان المشترك الصادر عن الاجتماع الثاني للجنة الوزارية السعودية- الفرنسية بشأن العُلا    وزير التجارة: منع الاستخدام التجاري لرموز وشعارات الدول والرموز والشعارات الدينية والطائفية    السيطرة على قريتين .. تقدم روسي شرق أوكرانيا    التواصل الحضاري ينظم ملتقى التسامح السنوي "    «الداخلية»: ضبط 20124 مخالفاً لأنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود خلال أسبوع    زوّار مهرجان وادي السلف يتخطون حاجز ال 117 ألف زائر    1.8 مليون طالب وطالبة في "تعليم الرياض" يعودون لمدارسهم..غداً    إجلاء أكثر من 250 ألف شخص وإلغاء الرحلات الجوية استعدادًا لإعصار "مان-يي" في الفلبين    ضيف الرأي: الفنانة التشكيلية مروة النجار    إطلاق مركز (Learning Hub) للتعامل مع التهديدات الصحية المعقدة    المربع الجديد استعرض مستقبل التطوير العمراني في معرض سيتي سكيب العالمي 2024    «سلمان للإغاثة» يوزّع 175 ألف ربطة خبز في شمال لبنان خلال أسبوع    مصرع 10 أطفال حديثي الولادة جراء حريق بمستشفى في الهند    يدعوان جميع البلدان لتعزيز خطط العمل الوطنية    استمرار تشكل السحب الممطرة على جازان وعسير والباحة ومكة    مهرجان صبيا.. عروض ترفيهية فريدة في "شتاء جازان"    سوق بيش الأسبوعي.. وجهة عشاق الأجواء الشعبية    اكتشاف مخلوق بحري بحجم ملعبي كرة سلة    وظائف للأذكياء فقط في إدارة ترمب !    تركيا.. طبيب «مزيف» يحول سيارة متنقلة ل«بوتوكس وفيلر» !    مؤشرات الأسهم الأمريكية تغلق على تراجع    زيلينسكي يقول إن "الحرب ستنتهي بشكل أسرع" في ظل رئاسة ترامب    ترامب ينشئ مجلسا وطنيا للطاقة ويعين دوغ بورغوم رئيسا له    إسبانيا تفوز على الدنمارك وتتأهل لدور الثمانية بدوري أمم أوروبا    "أخضر الشاطئية" يتغلب على ألمانيا في نيوم    نيوم: بدء تخطيط وتصميم أحياء «ذا لاين» في أوائل 2025    مركز عتود في الدرب يستعد لاستقبال زوار موسم جازان الشتوي    اختتام مزاد نادي الصقور السعودي 2024 بمبيعات قاربت 6 ملايين ريال    "الشؤون الإسلامية" تختتم مسابقة القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة في غانا    "سدايا" تنشر ورقتين علميتين في المؤتمر العالمي (emnlp)    نجاح قياس الأوزان لجميع الملاكمين واكتمال الاستعدادات النهائية لانطلاق نزال "Latino Night" ..    لجنة وزارية سعودية - فرنسية تناقش منجزات العلا    الأمير محمد بن سلمان.. رؤية شاملة لبناء دولة حديثة    منتخب مصر يعلن إصابة لاعبه محمد شحاتة    أمير تبوك يطمئن على صحة مدني العلي    ابن جفين: فخورون بما يقدمه اتحاد الفروسية    جدة تشهد أفراح آل قسقس وآل جلمود    بعثة الاخضر تصل الى جاكرتا استعداداً لمواجهة اندونيسيا    القوات الجوية السعودية تختتم مشاركتها في معرض البحرين الدولي للطيران    إحباط تهريب 380 كيلوجرامًا من نبات القات المخدر في جازان    خطيب المسجد النبوي : سنة الله في الخلق أنه لا يغير حال قوم إلا بسبب من أنفسهم    خطيب المسجد الحرام: من ملك لسانه فقد ملك أمرَه وأحكمَه وضبَطَه    ليس الدماغ فقط.. حتى البنكرياس يتذكر !    أمريكا.. اكتشاف حالات جديدة مصابة بعدوى الإشريكية القولونية    وزير الحرس الوطني يستقبل وزير الدفاع البريطاني    الخرائط الذهنية    باندورا وعلبة الأمل    في أي مرتبة أنتم؟    الشؤون الإسلامية بجازان تواصل تنظيم دروسها العلمية بثلاث مُحافظات بالمنطقة    خالد بن سلمان يستقبل وزير الدفاع البريطاني    أمير تبوك يطمئن على صحة مدني العلي    البصيلي يلتقي منسوبي مراكز وادارات الدفاع المدني بمنطقة عسير"    وصول الطائرة الإغاثية السعودية ال 23 إلى لبنان    بحضور الأمير سعود بن جلوي وأمراء.. النفيعي والماجد يحتفلان بزواج سلطان    أفراح النوب والجش    استعراض جهود المملكة لاستقرار وإعمار اليمن    استعادة التنوع الأحيائي    إضطهاد المرأة في اليمن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السالم: المحرِّمون للسندات يعانون «جهلاً مركباً»... ومشايخ الصيرفة ضيَّقوا على الخلق وحرّموا ما أحل الله!
نشر في الحياة يوم 15 - 07 - 2009

على الطريقة نفسها التي اعتاد بها قذف صواريخ المدفعية التي تخصص فيها باكراً عندما تخرج من الكلية العسكرية ضابطاً، يطلق أستاذ الاقتصاد في جامعة الأمير سلطان الدكتور حمزة السالم راجمات حججه على أضداده الذين ظلوا عقوداً مسيطرين على ساحة الصيرفة الإسلامية، ممن نعتهم ب»فقهاء الحيل»، و»أصحاب السبت».
كانت تلك قناعته التي انتهى إليها بعد سنين أمضاها في طلب العلم الشرعي، قبل أن ينتقل إلى الدراسة في أميركا ويتخصص إلى جانب الشريعة في الاقتصاد المعاصر، ما جعله بحسب تعبيره يستوعب حجم الخديعة التي يمارسها أرباب مصرفية الحيل للمستهلكين البسطاء، فيطالب السلطات الرسمية بالتدخل، وهيئة كبار العلماء بجمع فقهاء المصرفية في العالم غير المنتفعين للخروج ب»كلمة حق» تذهب عن عباد الله الحرج، وتقرر ما اتفق عليه المسلمون من قبل، وتنقض فتوى الهيئة التي لم تعد مبررات إصدارها باقية، وبالتالي ليست صالحة لأن تكون مرجعية للحل والحرمة في مسألة »الفلوس» في أيامنا هذه.
أما سوق السندات التي آذن فقهاء المتعاملين فيها بحرب من الله، فإن السالم وصف المعترضين عليها بداء »الجهل المركب».
ومع أنه كما يلمح وإن عذرهم في جهلهم إلا أنه لم يفهم لماذا يقذفون الناس بحمم التحريم في شيء لم يستوعبوه، وهو الآن يدعوهم إلى كلمة سواء، وبدلاً من تحذيرهم الناس بغضب الله، هو الآن من يسقط عليهم آيات وعيد تحريم ما أحل الله، وافتراء الكذب على رب العزة. في ما يأتي نص الحلقة الأولى من الحوار:
دعنا نبدأ بالجدل الأكثر ضراوة هذه الأيام، حول سوق السندات، التي آذن المعارضون لها مؤيديها بحرب من الله ... ما حقيقة السندات؟!
- بحلول منتصف القرن ال 19 ظهرت الحاجة إلى نظام مالي جديد. فقد كان التطور والنمو في الإنتاج هائلا لم يسبق له مثيل في الحياة البشرية، وأدرك مفكرو أمريكا الاقتصاديون أن هذا النمو المتسارع سيؤدي حتما إلى أزمات مالية متكررة سيكون مردها وسببها دوما نقص التمويلات. فارتفاع الأسعار هو نتيجة حتمية للنمو كما أثبتته النظرية الكنزية الحديثة، فإن لم تقابله سيولة كافية دخل الاقتصاد في دوامة التقهقر والانكماش. فجاء الرأي بدعيا لا مثيل له في تاريخ النظام المالي وهو فصل الفلوس عن الذهب لتتحقق بذلك ثلاثة أهداف رئيسة: الأول إعطاء الحكومة موردا لتمويل نفقاتها عند الضرورة دون الحاجة إلى فرض ضرائب من شأنها إعاقة الإنتاج وإثارة الشغب، والهدف الثاني فهو إجبار مكتنزي النقود على استثمارها بعوائد عادلة لكي يشاركوا بها في بناء الأوطان بدلاً من فقد قيمتها الشرائية مع الزمن. وأما الهدف الثالث فهو مواكبة السيولة للنمو والنتيجة الحتمية لذلك تناقص قيمة الفلوس كأصل فيها لا طارئ.
وفي الماضي كانت البنوك تمتلك قوة احتكارية طبيعية في تمويل المشاريع، بسبب توافر المعلومات والسيولة لديها، هذا الاحتكار كان يشكل قيداً على التمويلات ورفعاً لكلفتها وتجميعاً للأموال في خزائن البنوك، ومن هنا ازدهرت سوق السندات لكسر هذا الاحتكار الطبيعي الذي كانت تتمتع به البنوك سابقاً. فأصبحت الشركات تموّل نفسها مباشرة من أفراد المجتمع عن طريق السندات.
ووجود سوق للسندات دفع إلى ظهور شركات مستقلة (كموديز وستاندر آند بورز) تخصصت في جمع المعلومات وتحليلها عن الشركات وتقويم الملاءة المالية لها وحسن أدائها الإنتاجي وإدارتها، والتي أصبحت تسمى »شركات التصنيف والتقييم»، فلم تعد المعلومات حكراً على البنوك. أما السيولة فأصبحت توفرها سوق السندات بالبيع والشراء، فلم يعد السند يشكل عبئاً على صاحبه متى أراد الحصول على ثمنه.
وتختلف السيولة في سوق الأسهم عن سوق السندات من ناحية مخاطرتها وتذبذبها. فرب الأسرة الذي يحتفظ ب 100 ألف ريال تحسباً للطوارئ لا يريد المغامرة بها في سوق الأسهم، إذ من الممكن أن تفقد نصف قيمتها في أيام معدودة. فليس أمامه إلا أن يعطلها فتتآكل قيمتها بسبب تناقص قيمة العملة، والاحتمال الآخر أن يشتري بها سندات آمنة من سوق السندات تعود له بفوائد بالكاد تغطي الزكاة وتغطي قيمة تناقص قيمتها مع الزمن، ويستطيع بيعها عند الحاجة من دون نقص أو زيادة كبيرة في سعرها الذي يتغير قليلاً مع تغير سعر الفائدة. وخير مثال نعيشه الآن هو استثمار فوائض النفط في سندات حكومية آمنة يباع منها على قدر الحاجة من دون المخاطرة بقيمها في سوق الأسهم. وكم من مآسٍ تُروى عن أشخاص جمعوا المال في الصناديق للحج أو لتعليم أبنائهم في الجامعات فوجدوها وقد تآكلت قيمها فلم تُغْنِ عن أحلامهم شيئاً.
ولكن ماذا عن تصورها من الناحية الشرعية؟
- قال تعالى: »ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتفكرون». ديناميكية عمل السندات أقرب ما تكون من حيث التكييف الفقهي بعبدالله الذي بنى سوقاً ثم باعها لمستثمر لمدة زمنية معينة ولنقل 20 عاماً، يدفع المستثمر فيها مبلغاًَ من المال سنوياً على أن تعود السوق إلى صاحبها بعد 20 عاماً. وفقهياً قد يُضيق هذا المعنى على بيع المنفعة. وخلال هذه الفترة قد يطرأ على عبدالله بيع سوقه فيبيعها على آخر بوضعها الاستثماري، فتنتقل العوائد السنوية للمالك الجديد وتعود السوق له بعد انتهاء المدة والتي ستكون السوق عندها مستهلكة. فالمالك هو الممول والمستثمر؛ هو المنتج والنقود هي السوق، والاستهلاك هو تناقص قيمة النقود، والفوائد هي الإيجار السنوي، وبيع السوق من الأول إلى الثاني هو ما يحدث في سوق السندات، والسند هو العقد الذي تم الاتفاق عليه في اليوم الأول من ال 20 عاماً.
فالسندات وسوقها إذاً بيع صحيح لم تداخله نية الإرفاق، فهو ليس بمعاوضة غير محضة. ومن الخطأ الشنيع أن يطلق على هذا البيع قرضاً ويقصد به المعنى الشرعي للقرض فعلة القرض الإرفاق. ويبقى أن يُنظر في وضع النقود؛ هل هي مما يجري فيها ربا البيوع أي أنها من الأصناف الستة أو ما يقاس عليها؟ وسنوضح أن القول بربوية النقود المعاصرة لا ينضبط على أي من أقوال السلف، إذاً فالسندات وبيعها وشراؤها جائز لا إشكال فيه. وعلى المخالف أن يأتي بالدليل الصحيح لا بأقوال مجردة منسوبة إلى شيوخ وعلماء قالوها بناء على معطيات اختلفت. وزكاة السندات واجبة لأنها مال قابل للنماء، وتداولها في سوق السندات يجعلها كعروض التجارة يزكى أصل قيمتها وليس فوائدها فقط.
أفهم من ذلك أنك تعتبر الصراخ حول تحريم سوق السندات »بلا قيمة»، وأربابه لا يفقهون شيئاً؟!
- السندات وسوقها وديناميكيتها ودورها في الاقتصاد أكبر وأعظم وأعقد من أن تحويها مجلدات أو تدركها عقول العباقرة من المختصين، فما بال من يجهلون أبجديات الاقتصاد والاستثمار جهلاً مركباً نصبوا أنفسهم منظرين ومحكمين في السندات وسوقها! وما صكوكهم إلا حجة عليهم تفضح جهلهم وبساطتهم وضحالة إدراكهم. فليتقوا الله ولا ينشروا الفوضى بين العباد ولا يعطلوا تقدم البلاد ولا يقذفوا المسلمين ومن تولوا الأمر منهم بأشنع الألفاظ الشرعية ولا يخفوا بعض الكتاب ويبدوا بعضاً، فالوعيد فيه شديد لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.
على هذا أنت لا تكتفي بإباحة بعض ما يعتبره كثير من العلماء المعتبرين ربا، ولكن تجاوزت إلى تحريم الصكوك الإسلامية التي صنفها فقهاء المصرفية بديلاً عن السندات التي يحرمونها... فكيف تقنع القارئ بهذا المنطق؟
- المنطق الذي أتحدث به غير مستعص على الفهم، لمن أدرك أنه عبد لله ويحقق معنى العبودية باتباع الدليل ولو خالف هواه، وكان له عقل يفكر به، وفهم لم يجعله وقفاً لازماً على أقوال يستعذبها، ولم يكن من الذين لا يعترفون بأي حق إن لم يأت من سبيلهم. أما الصك الذي هو موجود الآن فهو نفسه »السند» ولا يختلف عنه بأي حقيقة ما عدا الألفاظ. وأما الأحلام التي يدعونها فلا وجود لها وإن وجدت فهي الأسهم الممتازة. وأقول للقارئ الكريم أرجع إلى بحث الشيخ محمد تقي العثماني الذي قدمه إلى المجمع الفقهي في الشارقة، فقد عرّى فيه حقيقة الصكوك في كل نقطة ولم يدع هناك أي فرق حقيقي بين السند والصك. ووضع الشيخ تقي الدين عثمان شروطاً لصحة الصكوك، هي في الواقع قريبة جداً من حقيقة الأسهم الممتاز preferred stock واحتال بعضهم في التضليل عن حقيقة ما قاله الشيخ تقي الدين عثمان فصوروا المسألة على أنها خلاف بسيط في القيمة الاسمية للصك عند انتهاء مدته، والرجوع إلى بحث الشيخ محمد يظهر جانباً بسيطاً من تحايل هؤلاء وخلطهم الأمور وتلبيسهم على الناس.
وهناك أمر خطر جداً في الصكوك. فهي وإن لم تخالف السند حقيقة فإن المروجين لها يزعمون أنها ملكية حقيقية لأصول، وأن فوائدها هي إجارة هذه الأصول. لكن المصيبة هنا أنهم بادعائهم هذا يسقطون الزكاة عن الصكوك ثم يرمون السندات بدائهم الذي ابتلوا به.
مبنى آرائك الاقتصادية ذات الصبغة الشرعية، على الرفض القاطع لوقوع الربا في »الفلوس»، ما يجعلك تنسف أصل ما قامت عليه البنوك الإسلامية، وتبيح مثلاً أن يمول البنك مواطنا بألف مقابل أن يرده 1200 بعد حين، فما هي القصة؟
- الذي تقرر في مسألة جريان الربا في النقود المعاصرة سواء بالأخذ بالأصول أو بأبحاث هيئة كبار العلماء أو من شيوخ العلماء قديماً وحديثاً سواء من الديار السعودية أو من خارجها أن النقود المعاصرة لا تقاس على الذهب والفضة في المشهور عند المذاهب الخمسة لأهل السنة، ولا يُعلم لذلك مخالف. وهذا ليس بجديد ولا هو بخفي فهو منصوص عليه في كتبهم ورسائلهم وبحوثهم، لكن الجديد هنا هو أن المعطيات والحيثيات، التي جعلت العلماء يبحثون عن مخارج هنا وهناك ويلجأون إلى الشاذ من الأقوال والغريب من الأحكام لكي يجروا الربا في النقود المعاصرة قد تغيرت بل انقلبت، فأصبحت تؤدي إلى ما فر العلماء منه. وكتبت في هذا كثيراً وهو أمر لم أبتدعه أنا حتى يشنع علي، فقد قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في تأصيل علة الذهب والفضة »وأقرب شيء أن يقال إن العلة في الذهب والفضة كونهما ذهباً وفضة، سواء كانا نقدين أو غير نقدين» انتهى. (نقدين إي مسكوكين كالدينار (وهو من ذهب) والدرهم (من فضة) أو غير نقدين أي كتبر أو سبائك أو مخلوط). فهو هنا يذهب إلى قول الشافعية والمالكية في المشهور عن المذهب، وهو إقصار للعلة على الذهب والفضة فلا يقاس عليهما أي شيء آخر. فعلى هذا القول لا تقاس فلوسنا المعاصرة على الذهب والفضة.
ولكن من المعروف عن الشيخ القول بربوية النقود المعاصرة وتشديده على البنوك. وتفسير ذلك أن الشيخ رحمه الله ألحق فلوسنا المعاصرة إلحاقاً لا قياساً على النقود وليس على الذهب وهو رأي شيخه ابن سعدي وابن حميد وعبدالله البسام.
فبعد أن أصّل الشيخ علة القياس على الذهب بكونها ذهباً فهي علة قاصرة لا يقاس عليها غيرها، قال رحمه الله: »فالأوراق النقدية مثل الفلوس، وهذا قول وسط». انتهى.
والفلوس كانت إحدى الأدوات المالية التي يتعامل بها الناس قديماً في تسهيل المبادلات. فكان الفلس يُسك ويُضرب من حديد أو زنك أو نحاس، وعليه ختم السلطان (أي مفروضة بقوة السلطان)، فقيمتها قيمة اعتبارية لا حقيقية تماماً كفلوسنا المعاصرة، فهي تُسك من ورق أو رقم في حاسب، وعليها ختم السلطان. ورأي جمهور الفقهاء قديماً وحديثاً في هذه الفلوس أنها ليست محلاً لجريان الربا، فلا بأس أن أتمول ريالاً أعيده ريالين بعد مدة زمنية.
والشيوخ ابن سعدي وابن حميد وعبدالله البسام وابن عثيمين ومصطفى الزرقاء وغيرهم كثيرٌ جداً، جميعهم يكيفون الفلوس المعاصرة بإلحاقها بالفلوس التي كانت من قبل، ولكنهم اختلفوا في الأحكام اللازمة من هذا التكييف. فغالبهم رحمهم الله قد أخذوا بقول شاذ يتيم عند الخراسانيين من الشافعية يرى جريان الربا في الفلوس.
قال النووي في المجموع ج4 (وما بين الأقواس من كلامي): »إذا راجت الفلوس رواج النقود لم يحرم الربا فيها (أي لا يقع الربا فيها، أي كرأي ابن سعدي) هذا هو الصحيح المنصوص. وبه قطع المصنف والجمهور. وفيه وجه شاذ أنه يحرم (أي أن الربا يقع فيها كرأي ابن حميد والبسام وابن عثيمين) حكاه الخراسانيون (أي هذا الرأي الذي هو شاذ عند الشافعية)». انتهى.
وعدم جريان الربا في الفلوس هو أيضاً اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، قال رحمه الله في الفتاوى المصرية: »ولا يشترط الحلول والتقابض في صرف الفلوس النافقة (أي الرائجة) بأحد النقدين، وهو رواية عن أحمد نقلها أبو منصور، واختارها ابن عقيل». انتهى.
وماذا نخلص إليه من هذا حتى لا تذهب بالقراء بعيداً؟
- ما أريد الانتهاء إليه هو أن علماء ربانيين جهابذة شهدت لهم الأمة بالعلم والورع والفقه، كابن سعدي وابن حميد و ابن بسام وابن عثيمين، هم بعض من كثير قد أصلوا وكيفوا فلوسنا المعاصرة إلحاقاً بالفلوس القديمة. وجماهير العلماء على عدم جريان الربا بنوعيه في الفلوس. فهل يتصور مسلم أن مثل هؤلاء العلماء الربانيين يحملون الأمة على القول بربوية الفلوس المعاصرة من أجل قول شاذ قاله أهل خراسان من الشافعية؟ حاشاهم أن يفعلوا ذلك، فهم كانوا يستندون إلى دليل شرعي صحيح ألا وهو السياسة الشرعية التي تدخل تحتها المصالح المرسلة وسد الذرائع والاحتياط. هذه السياسة الشرعية التي أسسها ومثلها قول مفتي الديار الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله في قوله عن الفلوس المعاصرة »والاحتياط فيها أولى». ولا حظ عمق علم مفتي الديار رحمه الله، فهو أولاً أصل المسألة على أنها من باب الاحتياط ثم يأتي بسطاء يأخذون الفتاوى التطبيقية له في الفلوس فيحتجون بها فهم من جهلهم أساءوا للمفتي رحمه الله لنزعهم الفتوى عن أصولها.
والذي أدندن حوله منذ زمن هو ما اتفقت عليه الأمة، وهو أن السياسة الشرعية تختلف باختلاف الزمان والمكان والمعطيات. وهذا هو سر عظمة هذا الدين وتجدده وقابليته لكل زمان ومكان، فهلا نحكم من خلال الأدلة والبراهين لا من خلال الحكم المسبق المحسوم سلفاً. فحجة »إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مهتدون» »مقتدون» هي حجة عقلية نفسية قوية غالبة، ولكنها ملعونة كما وصفها إمام التوحيد الشيخ المجدد محمد بن عبدالوهاب رحمه الله تعالى.
ولا يسفهن أحدٌ إلحاق فلوسنا المعاصرة بالفلوس القديمة فهو اختيار أكبر أئمة علماء الملة المعاصرين وآخرهم ابن عثيمين. ولا يستعظمن أحدٌ قياس الفلوس المعاصرة على الذهب فهذا لم يقل به أي من علماء الملة الكبار باستثناء الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله تعالى.
وماذا عن فتوى هيئة كبار العلماء التي انتهت إلى أن الفلوس المعاصرة تعد نقداً قائماً بذاته، ما يجعل أهم علماء السعودية في اتجاه مضاد لما تدعو إليه، فكيف تريد من الناس أن يفعلوا؟
- تلك الفتوى هي ما أشرت إليه في حديثي عن تغليب السياسة الشرعية في وقت معين، لاعتبارات ليس بالضرورة أن تستمر إلى الأبد بل من المستحيل ذلك، فهيئة كبار العلماء اجتمعت عام 1393ه أي قبل 38 عاماً لتقرر الفتوى الرسمية التي ستعتمدها الديار السعودية بشأن الفلوس المعاصرة، وخرج قرار الهيئة بالغالبية وليس بالإجماع (والغالبية لم تحتو على شيوخ العلماء) بأن الفلوس المعاصرة تعد نقداً قائماً بذاته اعتماداً لقياس الفلوس المعاصرة على النقدين بعلة مطلق الثمنيّة في جريان الربا في الذهب والفضة. وأوضحت في مقالات عدة انتفاء حيثيات فتوى هيئة كبار العلماء ما يبطل استمرار صلاحية نتيجتها، كما بينت خطورة لازمتها اليوم من عدم جريان الربا والزكاة في الذهب والفضة واستشهادها بالشاذ والغريب أمام المشهور والمثبت من أقوال المذاهب.
لماذا إذن لم تتضح المسألة لكثير من الناس؟
- لأن السياسة الشرعية في التشديد على البنوك التي تبناها علماؤنا - رحمهم الله - قد نتج عنها خلط عظيم في الفهم الشرعي للمعاملات المعاصرة تأصيلاً وتطبيقاً عند كثير من كبار طلبة العلم الشرعي فضلاً عن عامة الناس. فما زال اللبس بين القرض الربوي والبيع الربوي يشكل حاجزاً منيعاً لكثير من الناس لأن يفهموا المسألة المطروحة هنا. وبينت الفرق بينهما في مقالات، لكني أعيد فأوجز هنا. تمويلات البنوك للشركات محرمة على الفتوى المعتمدة الآن لأنها بيوع ربوية وليس لأنها قروض، وإن كان قد غلب لفظ القرض عليها. فإطلاق لفظ مكان لفظ لا يغير الوصف الشرعي الذي ينعقد به الحكم. وقد جاء في كلام العلماء كثيراً جداً إطلاق لفظ القرض على البيع تجوزاً لا قصداً لمعناه الشرعي. مثاله قول شيخ الإسلام ابن تيمية وابن عثيمين وغيرهما »استقرض رسول الله الجمل بالجملين» وهم لا يقصدون القرض بل البيع وإلا فقد جعلوا من النبي الكريم مرابياً يتعامل بالربا، وحاشاه عليه الصلاة والسلام.
فالقرض هو عقد إرفاق (أي رفق، يتضمن معنى الإحسان) ومعاوضة غير محضة، (العلة التي تستخدم للقياس عليه هي الإرفاق) فإذا جر نفعاً أصبح ربا وهو لا يقتصر على الذهب والفلوس بل على كل شيء، ولو كان تراباً أو منفعة أو بيضاً أو جملاً أو قماشاً. أي أن كل ما جاز تبادله إذا تم وفيه قصد الإرفاق فهو قرض ويصبح ربا إذا جر نفعاً وما عدا ذلك فهو بيع ومرجع ذلك للنية. وسبحان الله فهذا لا يحتاج إلى شرح فهي فطرة إنسانية لا تخفى حتى على الصبيان. فالطفل عندما يأتي يقترض من آخر، يأتي وهو يطلب جانب المعروف والإحسان من المُقرض. وتمويلات البنوك والسندات ليست قروضاً بالمعنى الشرعي، بل هي مبادلة مال بمال أي هي بيوع. وكذلك الودائع فهي شرعاً عقد إحسان ففيه معنى من القرض. والإحسان غير مقصود في ودائع وحسابات البنوك لا من المودع ولا من البنك فهي شرعاً مبادلة منافع أي تدخل تحت باب البيع ولم يُقصد معنى الإرفاق والإحسان من الطرفين مطلقاً في هذه المعاملات ومرجع ذلك للنية التي هُجرت وأُهملت في الصيرفة الإسلامية المعاصرة مع أنها أعظم أصل من أصول الدين.
الفتوى التي تقول إن الزمن عفا عليها ولم تعد صالحة مرجعية لما وضعت له ابتداء، زدت عليه أنك في أحد مقالاتك وصفت رسالة لأحد أعضاء هيئة كبار العلماء أيضاً بأنها مليئة بالأخطاء، وهذا يعني أنك لا تعترف أصلاً بقواعد التجربة البنكية الإسلامية حتى تدعو الآن إلى التصحيح؟
- الرسالة التي تعنيها هي رسالة الشيخ عبدالله بن منيع عن »الورق النقدي»، وأنا على رغم احترامي الشديد للشيخ المنيع، إلا أن رسالته التي بنى عليها كثير من الفقهاء المعتبرين فتاواهم المالية بل غالبهم ينقل عنها، تضم كثيراً من التصورات الاقتصادية غير الصحيحة في زمننا بل هي نقولات من القرن ال18 ميلادي وما قبله، فضلاً على أنها تضع حتميات فقهية غير صحيحة تنقض كل من خالف رأي الرسالة مثل أن الفلوس إذا كيفت على عروض التجارة لم تعد تصلح رأسمال في السلم أو شركات المضاربة!! أقوال شاذة في مذاهب الفقه يحتج بها لرد رأي المخالف سبحان الله، وأسوأ من ذلك أنه يجعل احتمالية عدم جريان الربا في الفلوس، إذا كيفت على العروض ونحوه أنه لازم لنقض التكيف على رغم أن البحث يهدف إلى بيان جريان الربا أو عدمه! سبحان الله. وأنا سأخصص لها مقالات عدة لمناقشتها بالتفصيل. ومهما يكن من اختلاف حول القضايا على هذا الصعيد، فإننا لا ندعو إى العنف ولا لمصادرة رأي أحد، ولكننا في الوقت نفسه، مصرون على القول بوجوب فتح باب النقاش حول قضايا تمس حاجة الناس وتعاملاتهم، بمثل الروح العلمية التي ناقشها بها أسلافنا، بلا توتر أو إسكات الرأي للذي لا يعجبنا. والواقع يشهد أن الشيخ ابن منيع جزاه الله خيراً وأمتعنا بعمره هو المُنظّر الحقيقي لقياس الفلوس المعاصرة على الذهب بواسطة علة النقد والمتمثل برسالته للماجستير »الورق النقدي»، التي أصبحت الدستور والمرجع والنسخة الأصلية لمعظم الأطروحات بما فيها قرار هيئة كبار العلماء التي بحثت المسألة وأقرت قياس الفلوس المعاصرة على النقدين. والمتتبع أيضاً لتاريخ المعاملات المعاصرة سيتبين له أن الشيخ ابن باز، رحمه الله، (بعد 40 عاماً من الفتوى) هو من فتح باب التورّق في آخر حياته المباركة لما رآه من الضيق والحرج الذي وقع فيه المسلمون بسبب قياس الفلوس على النقدين، وأن الشيخ ابن منيع هو من قاد الصيرفة الإسلامية المعاصرة.
فالشيخ ابن منيع، جزاه الله خيراً وأمتعنا بعمره هو أصل التشديد والتضييق في مسألة الفلوس المعاصرة، وهو أصل التيسير والتوسع في المصرفية الإسلامية، فرحم الله شيخ الإسلام ابن تيمية، إذ قال في آخر بحثه عن الثُمن وشروطه ووقوع الربا فيه من عدمه »وقد يفهمون من كلامه معنى عاماً يحرمون به، فيفضي ذلك إلى تحريم أشياء لم يحرمها الله ورسوله،... وهذا قد دخل فيه على الأمة، يحرمون شيئاً من الأعيان والعقود والأعمال لم يحرمها الشارع. وقد ظن كثير من الناس أنه حرمها، ثم إما أن يستحلوها بنوع من الحيل، أو يقولوا بألسنتهم هي حرام، وعملهم وعمل الناس بخلافه، أو يلزموا ويُلزموا أحياناً ما فيه ضرر عظيم» انتهى كلامه رحمه الله.
كما أن المتتبع لتلك الفترة سيجد أن العلماء، وإن اختلفوا في تكييف »الفلوس» المعاصرة وجريان الربا فيها أو عدمه فهم قد اجتمعوا على تفسيق البنوك والتشديد عليها في المعاملات متأولين بذلك للسياسات الشرعية، فأنشأ هذا التشديد تصوراً خاطئًا عند الناس عن أصل أحكام المعاملات المعاصرة.
ومن العجيب أنك تجد بعض العلماء قد أصّلوا القرض تأصيلاً شرعياً مجمعاً عليه في الأمة وفي الفطرة الإنسانية ثم يعود العالم نفسه في باب آخر، ويجعل معظم المعاملات التبادلية في البنوك قروضاً، على هامش حديثه من دون دليل ولا تأصيل بقوله مثلاً: قاله بعض العلماء أو نُقل عن بعض الصحابة، أو يقول ولا ينطبق هذا على البنوك (وكأن البنوك مستثناة من حكم الله)، ثم يعللها عقلاً لا شرعاً مستنداً إلى الفلسفة الأوروبية القديمة للربا، ناقضاً بذلك كل ما أصله من تأصيل شرعي وعقلي قوي في باب القرض. وما ذلك إلا لأن التشديد على البنوك كان هو الهدف الأساسي التي أصبحت تُبنى عليه الفتوى، والمستند في ذلك هو السياسة الشرعية.
شبّهت في إحدى مقالاتك أرباب الصيرفة الإسلامية ب»أصحاب السبت»، فما وجه التشبيه؟
- مازلت أقول إن حيل أصحاب الصيرفة الإسلامية تشبه حيل أصحاب السبت، أفلا يعلم من ينافح ويناضل عن مصرفية الحيل أنها مصرفية قد جانبت الكتاب والسنة في أصلها واستخفت بالعقول في تطبيقاتها وأرهبت المسلمين في اقتصاداتهم واجتماعياتهم وأكلت أموالهم بالباطل.
لم يجتمع عند أهل السنة والجماعة أمر بعيد عن الكتاب والسنة وآراء أهل السلف ومتناقض في العقل والمنطق ومبتعد عن مقاصد الشريعة وممعن في التدليس والتلبيس على الناس، كما اجتمع في مصرفية الحيل التي زعموا أنها إسلامية. إن الدعوة إلى اختزال الدين في أشخاص عدة والدعوة إلى قبول كل ما يأتون به من دون نقاش هو دعوى الفرق الباطنية والمذاهب الهدامة والرهبانية المبتدعة، ولا يدعو بها إلا جاهل ضل عنه التوفيق والتسديد، أو شيخ سوء قد داخلت الغطرسة وملأ الكبر نفسه، أو مستفيد قد امتلأت جيوبه من أموال ضعفاء المسلمين بغير حق. »أفمن كان على بينة من ربه كمن زين له سوء عمله واتبعوا أهواءهم».
بما أن قضية الربا والمال الحلال، من أكثر المسائل حساسية دينياً واجتماعياً... من أين يبدأ الحل لما تسميه خلطاً على الساحة السعودية؟
- تحريم تمويل البنوك وودائعها هو تحريم لما لم يحرمه الله ورسوله ولم يقل به أحد من علماء السلف وكذلك الخلف (إذا اعتبرنا المعطيات التي استند إليها القائلون بصحة قياس الذهب على الأوراق النقدية، وهي استيداع الثروة وقياس القيم الآجلة). ونتيجة لما تقدم فإن الأوراق النقدية والسندات الاستثمارية هي بيع وشراء لأموال ليست بأموال ربوية وتجب فيها الزكاة، كما تجب في كل مال قابل للنماء ويجوز فيها الفضل والنسء، كما يجوز في السلع الأخرى، تماماً كما يجوز شراء متر القماش بالمترين وإعطاء البيضة بالبيضتين وتبادل طابع البريد بالطابعين كل ذلك إلى أجل، وهذا ما عليه الفتوى عند هيئة كبار العلماء وعلى رأسهم الشيخ محمد بن إبراهيم والشيخ عبدالعزيز بن باز - رحمهما الله.
إن الربا هو أعظم الذنوب بعد الشرك بالله، وتصنيف المعاملات بأنها حلال أو حرام وتحريم ما لم يحرمه الله ورسوله أو تحليله هو أعظم منه حيث إنه شرك في الربوبية، قال تعالى: (ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون). وقذف المسلمين وولاة أمورهم بالربا هو من أعظم القذف وتبعاً لذلك فإنني أطالب خادم الحرمين الشريفين بالطلب من هيئة كبار العلماء أن تعقد مؤتمراً يحشد الخبراء من كل المشارب في الفقه والاقتصاد، بعيداً عن المنتفعين من ثروات الصيرفة الإسلامية، ليلتقوا على كلمة سواء، ويخرجوا للأمة بالقول الحق الذي سيزيل عنهم الحرج، وينهض باقتصاد الوطن، في ظل شريعتنا الغراء التي لا يجوز أن نسند إليها قصور حلول البعض وأفهامهم.
هل هنالك قاسم مشترك بين سخونة مقالاتك وماضيك العسكري، وأنت تكوي فقهاء معتبرين بقذائف، لا تشبه اصطلاحات العلماء الناعمة؟
- أولاً الفقهاء المعتبرون هم الذين يقدمون الكتاب والسنة على آرائهم الخاصة وهم أبعد الناس عن دائرة من أتحدث عنهم، وعلى كل فالحياة كلها تجارب متراكمة، فما تعلمته من العسكرية كبير، في التحري، والدقة، والجرأة في إعلان الرأي، وما تلاحظه من حدة في التعبير عن بعض آرائي، ربما كان مبرراً أمام ما تشهده الساحة من تقديس الأشخاص، واعتبار أي قول لم يألفوه وإن كان في بطون الكتب لأئمة السلف والخلف، منكراً وجرماً. وسواء تأثرت بالعسكرية أم المدنية أم الغربية فإن الحكم بيننا وبين المختلفين معنا هو »البرهان» في قول الله وقول رسوله، وتأصيل أئمة السلف والخلف من جهابذة العلماء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.