«اللوفر» في باريس، «الأرميتاج» في روسيا، و«مدام تيسود» في لندن، لم يتخذ منها محمد الزهراني مثالاً يحتذي به في متحفه البسيط الذي دشنه في الهواء الطلق في أحد شوارع جدة، والذي لا يهدف إلى عرض المقتنيات للتباهي بل مشروع تجاري يعول من خلاله سبعة أسر متعلقة في عنقه. و«البازار» الصغير للزهراني كما يحب أن يطلق عليه مرتادوه، وهي مفردة فارسية انتقلت إلى اللغة التركية والإيطالية و الفرنسية وتعني مكان بيع التحف، جمع العديد من القطع المجددة و المقلدة والتي تنتمي وتتشكل على هيئة التاريخ. والطريقة التي اتبعها الزهراني في عمل ال «بازار نهادن»، أي طريقته في ترتيب بضاعته للبيع، تجذب العديد من الناس للوقوف والنظر إليها. ويوضح الزهراني في حديثه ل «الحياة» أن مهنته ورثها عن أبيه الذي كان مختصاً بشراء وبيع الآثار والتحف، مضيفاً «بدأت في مزاولة هذه المهنة من سن السابعة، وتعلقت بها حباً، ولا زلت أحتفظ بمقتنيات منذ فترة عمل والدي». ويحرص الزهراني على وجود أجهزة البكم (القرمافون)، و الدلال العربية «الكبيرة» في معرضه لكثرة إقبال الناس عليها واقتنائها. ويكشف تاجر التحف أو ما يعرف في اللغات الأخرى ب «البازركان» عن اعتماده على هذه المهنة في تحقيق مصدر دخل يعيل ما يقارب سبعة أسر، موضحاً أن شقيقه يساعده في هذا المتحف الصغير من خلال ممارسة دور «البازاره» أي البائع. ويتحدث شقيقه عبدالرحمن عن المقتنيات التي عرضوها في هذا المتحف والمتمثلة في أجهزة راديو قديمة منذ أكثر من 60 عاماً، و مبخرة تركية الصنع يتجاوز عمرها ال 50 عاماً، و «مهباش» يبلغ من العمر 20 عاماً، وسجاجيد إيرانية تجاوزت ال 80 عاماً، و ملبوسات تراثية و حلي معدنية قديمة. ويفيد الزهراني بأن فكرة إقامة ال «بزارجه» السوق الصغير راودته قبل ما يقارب السبعة أعوام حين جمع رأس مال لا يتجاوز مبلغ 7 آلاف ريال «واقتصرت في بادئ الأمر على بيع و شراء دلال» القهوة، بعد ذلك بدأت بحضور العديد من المزادات الصغيرة التي تقام لمثل هذه المقتنيات الأثرية المقلدة منها و غير المقلدة. ويضيف « الآن، و بعد ما يقارب السبع سنوات من العمل في هذا المجال، يأتي العديد من الناس بقطع قديمة عارضين علي شراءها في هذا الموقع». وعمد الزهراني على حفظ مقتنياته في «سيارة قديمة» أوقفه بجوار مكانه، والذي أصبح علامة دلالية فارقة، وبعض الصناديق الحديدية الكبيرة التي أمنها بأقفال حديدية.