بطبيعة الحال تعاني الأمة العربية اليوم، كغيرها من الأمم، مشكلات كبيرة، وهي كثيرة وخطيرة وقد تكون مصيرية. والغاية هنا أن نكشف بقدر ما تستطيع هذه المشاكل ونبرزها بالوضوح والشفافية لعل ذلك يساعد أجيالنا القادمة في رؤية واضحة للعالم الذي هم فيه وللأخطار التي تحيط بهم ومقدار الجهد الذي ينبغي أن يبلغوه للتغلب عليه. ومع ذلك، فإن ظاهرة عزوف باحثينا ومفكرينا عن التصدي لمشكلاتنا ظاهرة غريبة وغير غريبة معاً، حتى وجد من يقول إنه لو نزل إنسان من السماء لا يعرف شيئاً عن الأرض وقرأ ما كتب عن مشكلة فلسطين باللغات الأجنبية وقارن بينها وبين ما كتب عنها بالعربية لظن أنها مشكلة تخص الأجانب من فرنسيين وإنكليز وألمان أكثر مما تخص العرب، كأن العرب آخر من يعنيهم أمرها لقلة ما كتبوا عنها مما هو جيد ورصين وجدير بما يقرأ. ولا يدل على ذلك أنه ليس منا من كان يقرأ حقاً. ماذا كانت وقائع حرب حزيران (يونيو) 1967 من مصادر عربية والذي كان يعرف ذلك من مصادر أجنبية. وأكاد أقول إنني لم أقرأ عما سمي بالنكسة إلا في كتب قليلة أذكر منها كتاباً لقسطنطين زريق بعنوان «عودة إلى معنى النكبة» يعيد البحث من جديد في مشكلة فلسطين، وكتاب الدكتور صادق جلال العظم بعنوان «النقد الذاتي بعد الهزيمة». أما ما نشرته مؤسسة الدراسات الفلسطينية من دراسات جديدة حول مؤسسات الدولة الاسرائيلية وأحزابها واقتصادها فهو جهد مشكور ولكنه لا يتصل مباشرة بالحديث عن النكسة وأسبابها وصور معالجتها. لا شك في أن ما كتبه المفكرون العرب حول موضوع النكسة وأسبابها قليل جداً إذا قيس بما كتب عنها في اللغات الأجنبية. وهذا أمر غريب حقاً، وكيف لا يكون غريباً أن يتصدى الأجانب لبحث قضيتنا؟ إلا أنه لا يبدو غريباً إذا لاحظنا أن الذي كان يريد أن يكتب في هذا الموضوع كان يتعرض لحساسيات كثيرة. * كاتب فلسطيني