طوت أشعتها بهدوءٍ واستترت، فتهادى بوشاحه الأسود المخملي، وبسطه على صفحة السماء، مطرزاً بنجوم ماسية وقمر فضي. تناثرت النجوم هنا وهناك، وسار القمر يلتمس مكانه المعروف، غازلاً من النور بريم الحب والخشوع والإذعان. مضت شمسنا بإيمانٍ ويسر، فحل محلها - على رغم فارق الحجم - ليقدم ما لديه، ليظهر. لم تنتبها مشاعر غيرةٍ أو حقدٍ أو حسدٍ، فهي المؤمنة الراضية ... مؤمنة بأن الله - جل جلاله - قسم بين عباده معيشتهم في الحياة الدنيا، وجعل لكلٍ منهم رزقه الذي لا يخطئه. راضية بما قسم لها، فلا تتمنى ما متع الله به غيرها من متع الدنيا . لم تكن يوماً أنانية، ولا تحب أن تكون، بل تتعبها هذه الصفة الذميمة في بعض الكواكب التي تتعلى في ترفع وكبرياء. نبيلٌ قمرنا، يشبهها! يبزغ بنورٍ خافت لا يقوى على مجاراة ضيائها، لكنه قانعٌ بما وهبه الله، سعيد أنه يشاطرها الحياة بودٍ وسلام بلا تناحر أو اختصام! لم يفكر يوماً أن يغدر بها، أو أن يستأثر بالنور وحده، فيسطو على المكان ويطردها، ولم يخطط يوماً لإبادتها! يتعاقبان وفق قانون إلهي، وبعبودية محضة، لا تمرد فيها ولا عصيان. تغيب. وهي على ثقةٍ أن حضوره لا يفقدها مكانتها، بل يزيدنا شوقاً إليها، إلى ساعة إشراقها، الى ضيائها الوهاج، ودفء أشعتها، ولحظة اللقاء . يغيب. وهو على ثقةٍ أن حضورها لن ينسينا همسات نوره وجمال هيئته، فتظل النفوس تواقة لطلعته. رجاء محمد الجاهوش - بريد إلكتروني