دمشق - أ ف ب - تتخوف حفيظة التي تقطن على بعد نحو 30 كيلومتراً عن العاصمة السورية دمشق من أن تعتقل أجهزة الأمن ولديها يوماً ما، مرددة: «أنا أعيش على أعصابي... كل يوم نسمع أن الأجهزة الأمنية ستشن حملة اعتقالات». وتروي حفيظة (45 سنة) وهي عاملة منزل وأم لشابين في الثامنة عشرة والثالثة والعشرين من العمر كيف دخلت قوات الجيش والأمن الأحد إلى بلدة عرطوز (ريف دمشق) حيث تقطن مع عائلتها «هناك دبابات ومدافع، دبابة في كل شارع، يقولون إنهم يبحثون عن مطلوبين، لقد اعتقلوا حتى الآن 600 شخص بينهم فتيان في الرابعة عشرة من عمرهم». ويقول عمار، وهو كاتب مقيم في برزة البلد شمال شرقي العاصمة «أصبحت أعود إلى بيتي قبل حلول الظلام وأشاهد مع زوجتي الأفلام السينمائية لننسى (أعمال العنف) حتى منتصف الليل حيث يتكرر الأمر نفسه.. أصوات إطلاق نار وانفجارات حتى الفجر». وبحسب عمار، فان التظاهرات المناوئة للنظام لا تكف عن الخروج كل مساء في أحياء برزة القديمة. ويردد حسام، وهو تاجر في العقد الثالث من العمر السؤال المقلق الذي يطرحه الكثير من السوريين: «هل ستكون دمشق مسرحاً للمعركة الأخيرة؟». وروى حسام الذي نجا مع أولاده من الانفجار الذي هز حي القصاع السبت الماضي، والذي نسبته السلطات السورية إلى «إرهابيين» كيف قفزت سيارته التي كان يقودها لاصطحاب أولاده إلى المدرسة في الهواء. وأضاف: «كانت إحدى نوافذ السيارة مفتوحة، ولولا ذلك لا أعرف ماذا كان حل بنا، إنه أمر مرعب، صوت الانفجار ما زال يتردد في أذني». وفي حي أبو رمانة الراقي، حيث يقيم شقيق حسام، «أقامت قوات الأمن عدداً كبيراً من الحواجز لمنع الوصول إلى المباني الحكومية». ويعلق حسام قائلاً: «لم أر في حياتي شيئاً كهذا». وإذا كانت دمشق لا تشهد عمليات عسكرية واسعة النطاق كالتي تجري في حمص وإدلب وغيرها، إلا أن الحركة الاقتصادية في العاصمة لم تعد كما كانت في السابق. ويقول حسام: «لم تعد الحركة في المطاعم والمتاجر على ما كانت عليه قبل أشهر». ويضيف: «مع حلول الظلام... يهرع الناس للعودة إلى منازلهم». وبعد سنة على انطلاق الاحتجاجات ضد نظام الرئيس بشار الأسد، يبدو أن الخوف بدأ يسيطر على العاصمة دمشق مع الانفجارات الدامية التي هزتها، إضافة إلى الاشتباكات الليلية التي تدور بين القوات النظامية ومنشقين عنها. ويخرج يومياً مئات الأشخاص للتظاهر ضد النظام، حتى في قلب العاصمة دمشق، متحدين الانتشار الكثيف لعناصر الأمن. ويردد المتظاهرون الذي يخرجون في أحياء الميدان وكفرسوسة وبرزة وباب سريجة والمزة ودمر وقدسيا هتافات تطالب بإسقاط النظام وتسليح «الجيش السوري الحر» بحسب ما تبين الأشرطة المصورة على موقع اليوتيوب. وللمرة الأولى منذ انطلاق الاحتجاجات، وقعت اشتباكات عنيفة ليل الأحد الاثنين في حي المزة الواقع على مرمى حجر من القصر الرئاسي أسفرت عن مقتل أربعة أشخاص بينهم «ثلاثة إرهابيين» بحسب السلطة. وتصف السلطة المعارضين والمنشقين عن الجيش على أنهم «عصابة إرهابية مسلحة» وتنسب إليهم أعمال العنف التي أسفرت حتى الآن عن مقتل أكثر من تسعة آلاف شخص بحسب منظمة حقوقية. وإزاء هذه التطورات، أعلن عسكريون منشقون تأسيس مجلس عسكري في دمشق وريفها لتنظيم تحركات المنشقين عن القوات النظامية في العاصمة وريفها. وتلا العقيد المنشق خالد محمد الحمود بياناً أعلن فيه «تشكيل المجلس العسكري في دمشق وريفها ليكون هذا المجلس الراعي لشؤون وأعمال كتائب الجيش السوري الحر في هذه المنطقة». ودعا الحمود «الشرفاء من ضباط وصف ضباط وأفراد الذين ما زالوا في جيش (الرئيس السوري) بشار (الأسد) أن يلتحقوا بصفوف الجيش الحر».